يبدو أن الولايات المتحدة الأميركية، ومن ورائها دول الاتحاد الأوروبي تسعى مؤخرا لإعادة ملف السلطة الحاكمة في سوريا، وذلك في طريقها لقطع الطريق على بعض الدول التي بدأت تروج لعودة العلاقات مع دمشق، من بوابات عدة أبرزها البوابة الاقتصادية.

فرنسا لن تطبع مع دمشق

وبعد التحذيرات الأميركية من محاولات إعادة تعويم حكومة دمشق، أكد دبلوماسي فرنسي، إن باريس وشركاءها الأوروبيين “يعوّلون على مسار حقيقي لعدم التطبيع مع الأسد وفرض العقوبات عليه ورفض إعادة الإعمار طالما بقي موقفه على حاله“، مشيرا إلى أن مصر والسعودية وقطر ترفض عودة سوريا إلى الجامعة العربية.

وفي تصريحات للصحفيين نقلها موقع “النهار العربي” الجمعة، قال الدبلوماسي الفرنسي إن: “التطورات في سوريا لا تشير إلى إمكان إنهاء النزاع“، مؤكداً على أن “سياسة النظام ومواقفه لا تعكس اتجاهاً للسير في حل حقيقي للأزمة السورية، الوضع سيئ مع استمرار زيادة الحاجات الإنسانية، وتفاقم تهريب المخدرات، وتعقّد عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم“.

وعن التطبيع مع دمشق، قال الدبلوماسي الفرنسي إن “دول المنطقة ليست على الموقف نفسه مع فرنسا وأوروبا“، مشيراً إلى أن قرار الدول “سيد نفسه، فبعضهم قرر التطبيع مثل الإمارات انطلاقاً من قناعة تقول إنه لا يمكن ترك سوريا للوجود الإيراني، وينبغي تكثيف الوجود العربي فيها. أما بعضهم الآخر مثل الأردن، فلديه مشكلة اللاجئين“.

وأضاف أن “باريس تقول لهذه الدول في حوارها معهم: إن عدم تراجع النظام السوري عن مواقفه المتصلبة وعدم تقديمه أي تنازل مقابل ما قدمته الدول، فإنها لا تتأمل بأن تحصل على الكثير، لا بالنسبة إلى أمن المنطقة ولا لاستقرار سوريا ولا بعودة اللاجئين“.

ويؤكد الباحث السياسي صدام الجاسر أنه كان هناك مسارين لعودة العلاقات مع دمشق، وهما المسار العربي والأوروبي، لكنهما تعطلان بتحرك من الولايات المتحدة الأميركية مؤخرا.

قد يهمك:مجدداً.. صور “قيصر” تُشعل المظاهرات المطالبة بحماية المعتقلين في سوريا

ويقول الجاسر في حديثه لـ“الحل نت“: “المسار العربي كان يمتلك هدف وحيد وهو فك ارتباط النظام بالجانب الإيراني، بعض الدول العربية كانت تظن أن عودة علاقاتها مع النظام السوري سوف تؤدي إلى فك الارتباط مع إيران، لكن في النهاية ثبت عدم صحة هذا الأمر“.

ويضيف: “المسار الأوروبي كان ينتظر من سوريا تقديم مغريات أو تقديم إصلاحات حقيقية من أجل عودة اللاجئين وحل بعض الأمور في الشرق الأوسط، من أجل الانفكاك ولو بشكل محدود عن إيران، لكن أيضا الدول الأوروبية تفاجأت بعدم مقدرة النظام على هذا الأمر“.

لا تطبيع بدون موافقة أميركية

ويرى الجاسر أن الجانب الأميركي هو صاحب القرار، بالانفتاح على حكومة دمشق من جديد، ويقول: “الانفتاح على النظام ليس قرار عربي ولا أوروبي.. في فترة من الفترات كانت الدول تسعى لأخذ هذا القرار بدون موافقة واشنطن، شاهدنا بعض الزيارات لمسؤولين عرب إلى سوريا، وأوروبيين أيضا بشكل سري“.

ويختم الجاسر حديثه بالقول: “الأميركان ينظرون للنظام السوري حاليا بأنه حليف لروسيا ولا يمكن الوثوق به ولا يجب الانفتاح عليه، فيجب التضييق عليه وتحميل روسيا أعباء إضافية.. لذلك في هذه الفترة وطالما أن الإدارة الأميركية، لا ترغب بأي انفتاح على النظام السوري لن نشاهد هذا الانفتاح وسيكون طي النسيان“.

قطع الطريق على محاولات عودة العلاقات مع دمشق

ويؤكد محللون ومتابعون للشأن السوري، أن التقارير الأخيرة والتسريبات، تهدف إلى إعادة جرائم الحرب المرتكبة في سوريا إلى الواجهة الدولية من جديد، ما يعني قطع الطريق على أية جهود تحاول إعادة تعويم النظام الحاكم في سوريا، من قبل بعض الدول التي بدأت مؤخرا بإعادة علاقاتها مع دمشق.

وأصدرت وزارة الخارجية الأمريكية، قبل نحو عشرة أيام تقريرا تفحص فيه ثروة الرئيس السوري، بشار الأسد، وعائلته، وشمل التقرير كلا من بشار الأسد وزوجته أسماء الأخرس، وشقيقه ماهر، وأختهما بشرى، إلى جانب أولاد خال بشار رامي وإيهاب مخلوف، وعمه رفعت، وأولاد عمومته ذو الهمة ورياض شاليش، بينما لم تتوفر معلومات كافية عن صافي ثروة أبناء بشار الأسد الثلاثة، حافظ، زين، وكريم.

وتشير التقديرات المستندة إلى معلومات مفتوحة المصدر بشكل عام، إلى أن صافي ثروة عائلة الأسد تتراوح بين مليار وملياري دولار أمريكي، ولكن هذا التقدير غير دقيق ولا تستطيع الإدارة تأكيده بشكل مستقل.

هل قيمة الثروة المقدرة صحيحة؟

هناك صعوبة في التقدير الدقيق لثروة الأسد وأفراد أسرته الممتدة عن أصول العائلة، لأنها منتشرة ومخبأة في العديد من الحسابات والمحافظ العقارية والشركات والملاذات الضريبية الخارجية، إضافة إلى احتمال وجود أصول خارج سوريا لم يتم الاستيلاء عليها أو حظرها، محتجزة بأسماء مستعارة أو من قبل أفراد آخرين، لإخفاء الملكية والتهرب من العقوبات، بحسب منظمات غير حكومية وتقارير وسائل الإعلام.

وبعد تقرير الخارجية الأميركية أصدرت “الغارديان” تقريرا عن جريمة وقعت في سوريا وقالت، إن “هذه قصة جريمة حرب قام بها أحد أشهر الأفرع التابعة للنظام السوري، الفرع 227 يعرف بفرع المنطقة من جهاز المخابرات العسكرية“، حيث تم إلقاء القبض على مجموعة من المدنيين، كانوا معصوبي الأعين، مقيدي الأيدي، وساروا نحو حفرة الإعدام، غير مدركين أنهم على وشك أن يقتلوا بالرصاص.

وأسفرت عن مقتل نحو 41 شخصا ودفنهم في مقبرة جماعية.

جاء ذلك من خلال عرض مقطع مصوّر يوّثق إطلاق الرصاص على عشرات الأشخاص ودفنهم في مقبرة جماعية، ثم حرق جثثهم من قبل عناصر من القوات السورية.

واستند التحقيق إلى وثائق وشهادات قدّمها الباحثان أنصار شحود والبروفيسور أوغور أوميت أنجور، من مركز “الهولوكوست والإبادة الجماعية” بجامعة “أمستردام“، نقلًا عن عسكري سابق في قوات الجيش السوري استطاع الحصول على المقطع.

وبلغ عدد الضحايا الإجمالي 288 ضحية في مقاطع الفيديو الـ27 التي بحوزة الباحثين، معظمهم من الشباب أو ممّن هم في منتصف العمر، بالإضافة إلى بعض الأطفال والنساء وكبار السن، حسب موقع “الجمهورية” الذي نقل التحقيق الكامل باللغة العربية.

اقرأ أيضا: كيف تفاعل سوريون مع “مجزرة التضامن”؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة