يتأثر سوق العقارات في سوريا بعدة عوامل مرتبطة بشكل غير مباشر بالهجرة من جهة وإصدار الحكومة السورية تعديلات على قوانين المالية العقارية من جهة أخرى. إلا أن خبراء اقتصاديون أكدوا أن أسعار العقارات في سوريا لا تزال شبه ثابتة، وسبب ارتفاع أسعارها هو انخفاض القدرة الشرائية لليرة السورية أي أن هذا الارتفاع غير حقيقي.

المغتربين في مواجهة الركود؟

بالإضافة إلى انخفاض القوة الشرائية لليرة السورية، أوضح الخبير العقاري، عمار يوسف، يوم أمس الأحد، أن عدة عوامل ساهمت في ركود السوق العقاري، أولها الضرائب الحكومية “ضريبة مبيعات العقارات”، والتي كان لها أثر كبير على تداول في سوق العقارات، حيث ينتج عن أي تداول عقاري خسارة بنسبة 1.5 بالمئة للبائع والمشتري.

وتابع في حديثه لموقع “الاقتصادي” المحلي، أن إجراءات مصرف سوريا المركزي لتقييد تدفق السيولة، لعبت دورا مهما في ركود سوق العقارات؛ لأن البنك المركزي لا يسمح بسحب مبالغ كبيرة تعادل سعر المنزل دفعة واحدة، و أن تحويل الأموال من حساب إلى آخر لا يحقق هدف البائع الذي باعه بشكل متكرر؛ للحصول على سيولة أو تحويلها إلى ذهب أو دولار بديلا للعملة المحلية التي لا ثقة فيها.

وأشار يوسف، إلى أن التوقف الحالي في عملية التداول العقاري في سوريا، خاصة في ظل عدم وجود أي استثمار آخر، يمثل مشكلة خطيرة للاقتصاد، في ظل عدم ثقة المستثمر في الاستثمار الصناعي والزراعي نتيجة لعدد من القضايا، أولها حاملات الطاقة، لافتا إلى أن هذه العقلية تعمل منذ أكثر من ثلاث سنوات وستؤدي إلى تدمير الاقتصاد.

وبيّن في حديثه، أن المغترب السوري هو أفضل عميل في سوق العقارات المحلي، والشخص الوحيد الذي يستطيع الشراء اليوم، لكنه يواجه أيضا مخاطر عمليات التحويل، التي يخسر فيها ثلث قيمة أمواله عند تحويل الأموال إلى سوريا بالطريقة النظامية، التي فيها فرق واضح عن أسعار السوق السوداء.

وبحسب يوسف، فإن الاستثمار في العقارات اليوم غير متوفر ولا طائل من ورائه، وأن السعر لا يرتبط في الغالب بتكاليف الإنتاج، بل بالحي الذي يقع فيه العقار، حيث ارتفعت أسعار العقارات بنسبة 0.25 بالمئة فقط نتيجة مصاريف الإنتاج.

كما أن أثر تكاليف الإنتاج واضح للعيان وللمقاولين الذين يلجؤون إلى البيع على الخريطة، لأن المقاول غير قادر على تحمل تكاليف البناء بمفرده، لذلك يلجأ إلى البيع على الخارطة، ولا يستطيع تحديد السعر فعلي وأكيد، بسبب أن الأسعار في ارتفاع مستمر.

للقراءة أو الاستماع: دمشق.. سوق عقارات على “الفيسبوك” يرفع أسعار الشقق 3 أضعاف

الضرائب جزء من المشكلة

بعدما كان تحصيل الضريبة بناء على أسعار العقارات المقدرة منذ عام 1986، صدر القانون 15 لعام 2021 في نهاية آذار/مارس، والذي نص على تحصيل ضريبة مبيعات العقارات وضريبة الإيجار على أساس القيمة التي تحددها وزارة المالية السورية.

التشريع الجديد، الذي دخل حيز التنفيذ في الـ 3 من أيار/مايو 2021، خفض الضريبة على بيع العقارات السكنية إلى 1 بالمئة من القيمة السوقية، بعد أن كانت 25 بالمئة من القيمة المالية للمنازل المقيمة بين عامي 1985 و1986، وما يقرب من 15 بالمئة من القيمة المالية للمباني المقيمة بعد عام 1986.

وأكدت مصادر في سوق العقارات للموقع، أن القانون أدى إلى انخفاض المبيعات والمشتريات بنسبة 70 بالمئة، وأن قضايا أخرى ظهرت نتيجة تقييم بعض العقارات بقيمة أعلى من قيمتها السوقية، وأن دافع الضرائب لا يحق له الاعتراض على الضريبة إلا بعد دفعها.

الجدير ذكره، أنه يتم فرض ضريبة مبيعات العقارات، على العقارات المباعة مهما كانت صفتها وجودتها،  ولا يمكن تسجيل عملية البيع في المصالح العقارية؛ حتى يتم سداد الضرائب الناتجة عن البيع وتعطي الدوائر المالية موافقتها.

كما حدد البنك المركزي، يوم 25 آذار/مارس الفائت، موعدا لبدء العمل على القرار الجديد برفع معدل التحويل المصرفي لمبيعات العقارات إلى 15 بالمئة، مؤكدا أن العمل يجري حاليا وفق النسب القديمة، بشرط أن يكون القيد المالي معادلا للقيمة الرائجة للوحدة العقارية، مع الأخذ في الاعتبار ما إذا كانت هذه الوحدة تشمل كل أو جزء من العقار، ومن ثم يتم تقديم السجل المالي للبنك للحصول على الإشعار الخاص بالبيع.

وتعود الزيادة المستمرة في أسعار سوق العقارات في دمشق إلى عوامل غير مرتبطة باحتياجات الإسكان في حد ذاتها، بل بالمضاربة. فبسبب سماسرة العقارات الذين أصبحوا أبرز مشتري وبائعي العقارات خصوصا على موقع “فيسبوك”، أدت المضاربة إلى ارتفاع أسعار العقارات بينما ظل المواطنون العاديون غير قادرين على شراء منازلهم.

للقراءة أو الاستماع: 52 مليار ليرة سوريّة قيمة عقود بيع العقارات خلال 4 شهور

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.