على الرغم من أن اليونان أنقذت آلاف اللاجئين خلال عبورهم من بحر إيجه حتى عام 2015، وسجلت أطفالا لاجئين في المدارس العامة وحصلت على تمويل من المفوضية الأوروبية للإسكان لحوالي 20 ألف لاجئ، لكن سياساتها أصبحت مقيدة بشكل متزايد منذ آذار/مارس 2020، ووصل الأمر لعقدها محاكمات ضد اللاجئين بتهم “الدخول غير القانوني” و”تسهيل الدخول غير القانوني”.

وفي هذا السياق، أدانت محكمة استئناف في اليونان، الخميس الماضي، ثلاثة لاجئين سوريين بأحكام تصل إلى 187 عاما في السجن لمساعدتهم أفرادا على دخول اليونان بشكل غير نظامي، حيث يواجه الثلاثة أحكاما بالسجن تصل مجتمعة لنحو 439 عاما.

تجريم اللاجئين بعد حوادث القوارب

وفقا لما ذكرته صحيفة “نيويس دويتشلاند” الألمانية، فإن محكمة يونانية بجزيرة ليسبوس، حكمت على السوريين الثلاثة عبد الله، وخير الدين، ومحمد، والذين كانوا على متن قارب كان يحمل أكثر من 80 راكبا، غرق بالقرب من جزيرة باروس اليونانية في كانون الأول/ديسمبر 2021، ما أسفر عن فقدان 18 مهاجرا حياتهم.

وقالت الصحيفة، إن الثلاثة حوكموا بناء على مزاعم بمساعدة لاجئين في دخول الأراضي اليونانية بشكل غير قانوني، حيث حكم على أحدهم بالسجن 187 عاما بصفته قبطان القارب، وحُكم على الآخرين بالسجن 126 عاما كمساعدين مشاركين “مساعد القبطان وميكانيكي.

وقالت منظمة “بوردر لاين يوروب” الألمانية – هي جمعية إنسانية غير حكومية – “رغم أن المحكمة أقرت بأنهم ليسوا مهربين يعملون من أجل الربح المادي، وأنها أسقطت عنهم تهمة الانتماء لمنظمة إجرامية، ولم تفرض عليهم عقوبة السجن مدى الحياة، إلا أنهم ما زالوا مدانين بتهمة تسهيل الدخول غير القانوني إلى الأراضي اليونانية”.

للقراءة أو الاستماع: السباحة السورية سارة مارديني تواجه السجن بتهمة تهريب البشر

حكم غير منصف

منذ تحطم القارب بالقرب من جزيرة باروس اليونانية، ووفاة ما يقارب 18 شخص حينها، قبضت السلطات اليونانية على طالبي اللجوء السوريين الثلاثة، بصفة مهربين لأنهم قادوا القارب، ومنذ ذلك الحين تم احتجازهم في سجن خيوس، ولم يروا أيا من أفراد عائلاتهم.

رواية اللاجئين نقلتها المنظمة، حيث أكدوا أن المهربين لا يقودون القوارب التي يستقلها اللاجئون، مضيفة أن “كلفة الرحلة تراوحت بين سبعة آلاف و10 آلاف يورو للمهاجر، بعضهم اضطر لبيع كافة مقتنياته وممتلكاته للقيام بها، لكن الرجال الثلاثة لم يملكوا ذلك المبلغ، فتبرعوا بمساعدة الركاب وإصلاح الأعطال الميكانيكية على القارب، مقابل أن يحصلوا على خصم بالسعر”.

من جهته، قال محامي الدفاع عن اللاجئين السوريين، ديميتريس تشوليس، إنهم “لم يرغبوا في إيذاء أي شخص عمدا، ولم يخرجوا من أجل الربح والاتجار بالبشر كما تدعي المحكمة”.

وبحسب تشوليس، تميل المحاكم اليونانية إلى إدانة أولئك الذين “تم القبض عليهم متلبسين من قبل الشرطة المحلية على أنهم كبش فداء، إذا جاز التعبير”. وفي الواقع، لا يملك اللاجئون في كثير من الأحيان المال لدفع تكاليف العبور، وغالبا ما يتولون قيادة القوارب المطاطية “كدفعة” للعبور، ثم يتركهم المهربون وحدهم في البحر.

وفي المحاكمة الحالية، تم الاستماع إلى شاهدين يعيشان في ألمانيا وفنلندا، وشهدوا حول هذه الممارسة الشائعة، بسبب أن اللاجئين لا يملكون في كثير من الأحيان الأوراق اللازمة، وحتى الموارد المالية للسفر إلى الجزر اليونانية النائية.

لم تكن التهم الموجهة إلى عبد الله ومحمد وخير الدين في الأصل مجرد تهريب البشر، مما عرض حياة الركاب للخطر وتسبب في مقتل 18 شخصا، ولكن أيضا التورط في منظمة إجرامية والتسبب في غرق سفينة في نهاية الأمر.

للقراءة أو الاستماع: بكفالة عالية: إطلاق سراح السباحة السورية سارة مارديني المتهمة بـ “تهريب” اللاجئين.

اليونان تنتهك حقوق الإنسان

ليست هذه المرة الأولى التي تحاكم اليونان فيها لاجئين سوريين، ففي تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، حذرت منظمة العفو الدولية (آمنستي)، من تعرض السباحة السورية، سارة مارديني، ومتطوع ألماني خطر السجن لمدة 25 عاما لمساعدتهما اللاجئين السوريين في اليونان.

وقالت المنظمة، في بيان اطلع عليه “الحل نت” حينها، أن كل من سارة مارديني (25 عاما) وشون بيندر (27 عاما)، يواجهون سلسلة من التهم الجائرة التي لا أساس لها، وذلك خلال تطوعهما واكتشاف ومساعدة القوارب المنكوبة في ليسفوس.

ووجهت اليونان منذ العام الفائت، تهما لـ 24 شخصا متطوعين في “مركز الاستجابة للطوارئ الدولي”، بعقوبة تصل إلى ثماني سنوات في السجن. كما يواجه عمال الإغاثة تهما جنائية، تشمل تهريب أشخاص، والانتماء إلى جماعة إجرامية، وغسل الأموال، وهي تهم يعاقب عليها بالسجن 25 عاما.

الجدير ذكره، أنه وفي آذار/مارس 2020، شدد خبير للأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان، أنه ينبغي على اليونان اتخاذ إجراءات فورية لإنهاء العنف ضد المهاجرين وطالبي اللجوء على الحدود بين تركيا واليونان وتعزيز الحماية لهم.

كما أعرب غونزالس موراليس، عن قلقه بشأن تفاقم العداء والعنف ضد العاملين في المجال الإنساني والمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين الذين يعملون على منطقة الحدود وفي بحر إيجه اليوناني، قائلا “تتحمل اليونان مسؤولية ضمان حماية المهاجرين والأشخاص الذين يساعدونهم من التهديدات والهجمات. وينبغي على السلطات إدانة هذه الأعمال بشكل عاجل وضمان المساءلة بشأنها.

للقراءة أو الاستماع: اعتقال السباحة السورية سارة مارديني لإنقاذها لاجئين من الغرق.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.