لاتزال تسجل الليرة التركية تراجعا جديدا أمام الدولار منذ بداية العام وصل فيها اليوم الأحد لنحو 15.69 ليرة تركية مقابل الدولار الواحد، إذ تواجه تركيا أزمة اقتصادية منذ سنوات، وقد أدت التوترات الجيوسياسية والقرارات الاقتصادية إلى تفاقمها، مما خلق أزمة اقتصادية تبدو مهمة صعبة على الحكومة التركية في التغلب عليها.

فيما كشفت أرقام صادمة مؤخرا عن بيانات رسمية في تركيا، حيث بلغ معدل التضخم 70 بالمئة وهو أعلى مستوى منذ 20 عاما.

تراجع حاد لليرة التركية

انخفضت الليرة التركية لسابع جلسة على التوالي أمام الدولار، لتصل خسائرها إلى قرابة 5 بالمئة منذ يوم الأربعاء الفائت وتتجه نحو أدنى مستوياتها القياسية في كانون الأول/ديسمبر 2021.

وانخفضت الليرة إلى 15.69 للدولار الأميركي الواحد مع حلول موعد افتتاح الأسواق الأوروبية. كما وخسرت الليرة التركية حوالي 15 بالمئة من قيمتها هذا العام فضلا عن انخفاضها 44 بالمئة في عام 2021، حيث يعود هذا التراجع إلى أدنى المستويات التي سجلتها في أواخر عام 2021 بعد سلسلة من التخفيضات في أسعار الفائدة.

https://twitter.com/lira_turkey/status/1525752737295646720?s=20&t=HhbZ-zsF9CDLpuUbEeeQJw

يشار إلى أن معدل التضخم السنوي في تركيا قفز إلى 69.97 بالمئة في نيسان/أبريل الجاري، وهو أعلى مستوى للتضخم في عقدين.

وبحسب تقارير صحفية، فإنه وبالرغم من التخفيضات الضريبية على السلع الأساسية والدعم الحكومي لبعض فواتير الكهرباء لتخفيف العبء على ميزانيات العوائل التركية، فإن التضخم الجامح الذي يقلق تركيا زاد من حدته الغزو الروسي لأوكرانيا.

وفي حين يواصل شبح التضخم تغوله في الاقتصاد التركي، فإن حكومة أنقرة تسير نحو تهدئة الأسواق حسب طاقتها، رغم أن التضخم سينخفض مع البرنامج الاقتصادي الجديد والذي سيعطي الأولوية للمعدلات المنخفضة لتعزيز الإنتاج والصادرات، وفق زعم المسؤولين الأتراك.

قد يهمك: الليرة التركية مستمرة في التدهور.. لماذا تنهار العملة بهذه السرعة؟

تداعيات تراجع الليرة التركية على الشمال السوري

العملة التركية، فقدت خلال العام الأخير، أكثر من نصف قيمتها، ما زاد الأزمة المعيشية في شمال غرب سوريا، الذي يعاني سكانه أصلا من ارتفاع معدلات البطالة. إذ تعتمد المنطقة بشكل رئيسي على المشاريع الصغيرة، التي تدعمها المنظمات الدولية. إضافة إلى بعض الاستثمارات الصغيرة للسكان، والتي ينحصر أغلبها بأعمال تجارية بسيطة، مثل تجارة التجزئة، والملابس والمستوردة من تركيا؛ أو المهن اليدوية الحرة، التي تتطلب مواد أولية، تخضع لتسعيرة العملات الخارجية، وعلى رأسها الدولار.

ويمكن القول إن الغزو الروسي لأوكرانيا كان السبب المباشر لتصاعد الأزمة المعيشية في سوريا، وخاصة مناطق الشمال، فهذه البقعة من العالم لن تبقى بمنأى عن المشاكل الاقتصادية الكبيرة، التي تعيشها مختلف الدول اليوم.

ضمن هذا الإطار، يقول فؤاد حلبي، أستاذ الاقتصاد في جامعة عين شمس، أن “اقتصاد الشمال السوري هش وغير متماسك، وتنعكس عليه أية هزة أو أزمة اقتصادية بشكل مباشر، فهو ليس اقتصاد دولة متماسكة مثل تركيا”.

ويوضح الحلبي، في حديث سابق لـ”الحل نت”، أن “الاقتصاد في المناطق الحربية ومناطق النزاعات هو اقتصاد فردي بطبيعته، لا يخضع لقوانين الاقتصاد الطبيعي. فيتحرك بتحرك الدول الداعمة عسكريا أو إداريا، ما يجعل حالة عدم الاستقرار هي الحالة الطبيعية، وهذا من أهم أسباب الأزمة المعيشية في سوريا”.

متابعا بالقول: “بسبب تهاوي قيمة العملة المحلية يلجأ التجار دائما إلى تثبيت الأسعار بحسب العملة الصعبة، وهذا يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بالنسبة للمستهلك العادي، ما يخلق أزمة معيشية من الصعب مواجهتها”.

ويرى الحلبي أن “الأزمة المعيشية والمشكلة مع ارتفاع الأسعار ليست موجودة فقط في مناطق النزاعات، فهي باتت مشكلة عالمية، خاصة مع حالة التضخم في الاقتصاد العالمي، الذي شهد أزمات متتالية، من انتشار فيروس كورونا وحتى الغزو الروسي لأوكرانيا. وفي تركيا خصوصا، حيث بلغ التضخم رقما كبيرا جدا، وصل إلى أكثر من خمسة وخمسين بالمئة، وهذا خلق أزمة أسعار في تركيا. ما يعني أن الأسعار والأزمة المعيشية في الشمال السوري ستتضاعف. ومع الأجور المنخفضة وقلة فرص العمل، سيصبح الوضع أصعب بكثير بالتأكيد”.

قد يهمك: الأزمة المعيشية في سوريا: هل يتعرض الشمال لكارثة إنسانية مع انهيار قيمة الليرة التركية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.