لا تزال الجبهة الجنوبية في سوريا، والممثلة بمحافظة درعا تشكل رقما صعبا بالنسبة للحل في سوريا، فعملية التسوية التي جرت في العام 2018 برعاية روسية أثبتت فشلها بعد أكثر من ثلاث سنوات، في ظل التصعيد من قبل الأجهزة الأمنية السورية، والميليشيات الإيرانية الذي لم يتوقف أو يخف حدته، فعمليات الاغتيال والاعتقال مستمرة وبوتيرة عالية، وملف المعتقلين لم يتم حله حتى الآن، إضافة لملفات أخرى كعودة الموظفين وإعادة الخدمات.

وفي جانب آخر، ومع تصاعد الحرب الناتجة عن الغزو الروسي لأوكرانيا، فُتح الباب بشكل غير مسبوق لإيران لتزيد من تدخلها وتغلغلها في محافظة درعا، من خلال ازدياد نشاطها في تشكيل خلايا الاغتيالات، وإعادة التموضع في قطع عسكرية كان من المفروض ألا تتواجد فيها بحسب اتفاق التسوية 2018، والتي يجب أن تبتعد عن الحدود الجنوبية السورية مع دول الجوار نحو 80 كم.

اغتيالات قادمة وتحركات إيرانية

معلومات مسربة من أحد الاجتماعات التي قام بها قياديون من الميليشيات الإيرانية، والأجهزة الأمنية السورية، حصل عليها موقع “الحل نت”، تشير إلى أن المجتمعين اتفقوا على البدء بعملية تصفية لقيادات وعناصر وناشطين من المعارضة في محافظة درعا، ضمن قائمة تمت دراستها بدقة تحتوي ما لا يقل عن 190 اسما.

وبحسب مصادر “الحل نت”، فإن الأسماء الموجودة في القائمة تتم دراستها منذ العام 2018، وهي ضمن قوائم عديدة تم وضعها من قبل مكتب دراسات أمن “الفرقة الرابعة” في درعا برئاسة المقدم محمد العيسى، الذراع الأمني للعميد غياث دلا قائد “قوات الغيث” في “الفرقة الرابعة”، حيث تمت تصفية العديد من الأسماء خلال السنوات الماضية من بينها قياديون على درجة كبيرة من الأهمية في مقدمتهم أدهم أكراد الذي اغتيل قبل نحو سنتين.

كما تشير المعلومات إلى تغلغل إيراني جديد غفي المحافظة عبر تعزيز مواقع إيرانية في منطقة “مثلث الموت”، وفي الصنمين وإزرع، واللجاة وغيرها، حيث تتم تحضيرات لملء فراغ من المحتمل أن تتركه روسيا بسحب جزء من قواتها خلال الأيام المقبلة نتيجة انشغالها في غزو أوكرانيا.

وبالتزامن مع ذلك، تشن صفحات إعلامية تُدار من قبل أشخاص تابعين لـ”الحرس الثوري” الإيراني على مجموعات من النشطاء المناهضين للوجود الإيراني في الجنوب، إضافة إلى تهديدات باستهداف بعض الناشطين من أبناء درعا المتواجدين في الخارج من قبل قياديين تابعين لـ”حزب الله” اللبناني. فيما يتحفظ موقع “الحل نت” على نشر الأسماء حفاظا على أمنهم.

قد يهمك:استمرار الاغتيالات في درعا.. التأثيرات والأهداف الحقيقية منها

ما حقيقة دخول معدات عسكرية للجنوب؟

في سياق متصل، قالت مصادر خاصة أخرى، لـ “الحل نت”، أن ثلاث مجموعات، إحداها تتبع لأحد الأحزاب السياسية في السويداء والمعارضة للتواجد الإيراني، ومجموعتين واحدة من ريف درعا الشرقي، والأخرى من الريف الغربي، كانت في مهمة تدريبية بالقرب من قاعدة “التنف” (على الحدود السورية الأردنية العراقية) استمرت لمدة شهر كامل، وانتهت منذ نحو أسبوعين، وعاد أفراد المجموعات إلى مناطقهم، دون معرفة الغاية من هذا التدريب.

وأشارت المصادر إلى أن قوات “التحالف الدولي” في القاعدة، أمدت هذه المجموعات بأسلحة وعتاد خفيف ومتوسط،  كما تم تسليم جزء منه لمجموعة السويداء في بلدة الرحا بريف المحافظة.

وبالتزامن مع ذلك، أُعلن يوم الجمعة الماضي، عن تشكيل “هيئة التوافق الوطني” بالسويداء بحضور أكثر الشخصيات الفاعلة على ساحة السويداء، حيث تم نقاش مواضيع تتعلق بالسلاح والمجموعات المنفلتة والعشوائية، وقضايا الخطف والانتشار الامني ومجموعة المقاومة الشعبية التابعة لإيران، والوضع والخناق الاقتصادي المفروض على السويداء، بحسب مصدر مطلع من السويداء لـ”الحل نت”.

وأضاف المصدر، أن أهالي السويداء باتوا يستشعرون الخطر الإيراني بشكل كبير، وأنه خلال اجتماع الهيئة تم الاتفاق على تنسيق الجهود في أي تحرك، بالإضافة إلى أن موضوع إزالة الحواجز من السويداء صار قاب قوسين أو أدنى، فضلا عن أن التجهيز جاري لإزالة الحواجز والنقاط العسكرية من المناطق المدنية، ولو اضطروا للقوة ولن يثنيهم أحد عن ذلك، وفق تعبير المصدر.

إقرأ:درعا.. نموذجٌ عن التسويات الفاشلة في سوريا

ما مستقبل اتفاق تسوية 2018 في درعا؟

يرى العديد من المراقبين، أن المصالح الروسية في درعا كانت تقتضي منع اتفاق التسوية من السقوط، ولكن مع معلومات عن بدء انسحاب مرتقب من المحافظة، وزيادة التمدد الإيراني، بات الاتفاق في مهب الريح.
وفي حديث لموقع “الحل نت”، قال قيادي في “اللواء الثامن” في درعا، أن هناك مؤشرات واضحة على انهيار اتفاق التسوية، وهناك تجهيز لذلك من قبل أبناء المحافظة.

وحول إمكانية إعادة تشكيل غرفة “الموك” من جديد، أوضح القيادي أن هناك معلومات ترددت عن ذلك خلال الفترة الماضية لكنها غير مؤكدة، كما لم يتم التواصل مع أحد في المحافظة من أي جهة للتنسيق أو الدعم داخليا أو خارجيا، معبرا عن أمله في إعادة تشكيلها وإعادة ترتيب أوراق الفصائل لتنطلق على نحو صحيح خال من الأخطاء السابقة، بحسب وصفه.

أما عن موقف “اللواء الثامن” في حال انهار الاتفاق، فقد أكد القيادي، أن اللواء جزء لا يتجزأ من محافظة درعا، “في حال عملت إيران على التمدد في المحافظة فسيكون اللواء هو ندها وخصمها في المواجهة على الأرض”، مشيرا بأنه لا خيار سوى ذلك، “لن يقبل اللواء بقيادته وعناصره أن يكونوا على الحياد”.

كذلك لفت القيادي، إلى أن اللواء لن يرضخ في حال أي مواجهة مع الإيرانيين لأي ضغوط روسية، مع العلم أنهم يتوقعون منها طلبا كهذا، مشددا على أن الرفض هو الخيار الوحيد لأي طلبات روسية من هذا النوع.

وكان “اللواء الثامن”، في مطلع الشهر الحالي قام بتفكيك خلية اغتيالات في بلدة صيدا في ريف درعا الشرقي، ترتبط بالمخابرات الجوية، الذراع الأمني للميليشيات الإيرانية في درعا، وقد اعترف متزعم الخلية بدر الشعابين، بصلته بالضابط في المخابرات الجوية محمد حلوة، والذي كلفه بمهام أمنية في ريف درعا الشرقي أي مناطق سيطرة “اللواء الثامن”، مقابل دعم الخلية بالسلاح والمال.

قد يهمك:مفاوضات جديدة في درعا.. تصعيد عسكري في الجنوب السوري؟

وكشف الشعابين، بحسب متابعة “الحل نت”، عن خطط لتنفيذ عمليات اغتيال في الريف الشرقي لدرعا بالتعاون مع كل من، ضباط وعناصر المخابرات الجوية في بلدة صيدا. في حين لا يزال الشعابين موقوفا حتى الآن لدى “اللواء الثامن”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة