مع استمرار عمليات الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، وانجرار موسكو  إلى المستنقع الأوكراني، يبدو أن الأخيرة بدأت بإعادة حساباتها بعد الجبهات العديدة التي فتحتها، لا سيما في سوريا مع إسرائيل وتركيا.

وفي محاولتها تهدئة التوتر مع الجانب الإسرائيلي، نفت وزارة الخارجية الروسية الأنباء التي تحدثت قبل أيام، عن استخدام القوات الروسية لمنظومة “إس 300” للدفاع الجوي، ضد الطائرات الإسرائيلية في سوريا.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام روسية الخميس، إن التقارير التي تحدثت عن استخدام القوات الروسية لمنظومة الدفاع الجوي ضد المقاتلات الإسرائيلية “هي تقارير كاذبة”.

قد يهمك: رسائل روسية “حادة” إلى إسرائيل في سوريا

تفادي التصادم في سوريا

 بوغدانوف أكد أن آلية تفادي التصادم بين روسيا وإسرائيل في سوريا تواصل عملها، مشيرا إلى أن موسكو تولي أهمية كبيرة إلى “علاقاتها الخاصة” مع إسرائيل.

وبعد قرار تركيا إغلاق مجالها الجوي أمام الطائرات الروسية المدنية والعسكرية التي تنقل قوات من روسيا إلى سوريا، أعرب نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف عن سعي موسكو إلى إقناع أنقرة بإعادة فتح مجال تركيا الجوي أمام الطائرات الروسية التي تقل عسكريين من وإلى سوريا.

ويرى الكاتب المتخصص بالشأن الروسي طه عبد الواحد، أن روسيا تحاول من خلال هذه التصريحات عدم السماح لأية عوامل، بالتأثير سلبا على العلاقة التي بنتها مع إسرائيل خلال السنوات الأخيرة، والتي تشكل أحد ركائز تحقيق أهداف السياسة الروسية في الشرق الأوسط.

ويقول عبد الواحد في حديثه لـ”الحل نت”: “موسكو تعتبر أن العلاقة مع إسرائيل تسمح لها على الأقل بأن تتمكن ذات يوم من لعب دور الوسيط بين تل أبيب وطهران، وما إلى ذلك. هذا فضلا عن أن موسكو تنظر للعلاقة مع تل أبيب من زاوية تسخير تلك العلاقة للحوار مع الأمريكيين”.

ويضيف: ” لذلك تحاول روسيا جاهدة عدم الانجرار إلى أي موقف يمكن أن يُحسب على أنه انخراط منها في المواجهة مع إسرائيل عبر سوريا، وهي لا تزال تسعى إلى الحفاظ على علاقات مع تل أبيب”.

وحول مساعي روسيا في تخفيف التوتر مع تركيا يعتقد عبد الواحد، بأن أي شيئ لن يتغير في المرحلة الراهنة بعد إغلاق المجال الجوي التركي أمام الطائرات الروسية

وحول ذلك يقول: “الأمر الوحيد الذي يمكن لموسكو أن تقدمه حتى تتراجع أنقرة عن قرارها، هو أن توافق على الوساطة التركية وتعمل على إنجاح المساعي التركية في تسوية الأزمة الأوكرانية، ولا أعتقد أنه لدى روسيا ما تقدمه الآن لتركيا في سوريا”.

وكانت العلاقات بين موسكو وتل أبيب شهدت توترا، بعد بدء الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، وعقب البيان الإسرائيلي بدعم تل أبيب لـ“وحدة أراضي وسيادة أوكرانيا“، في مواجهة الغزو الروسي، ردت روسيا على هذا البيان بإعلانها “عدم الاعتراف بالاحتلال الإسرائيلي لمرتفعات الجولان السورية“.

ويراقب محللون عن كثب مستقبل العلاقات الروسية الإسرائيلية، ومدى تأثير الغزو الروسي على العلاقات بين الجانبين، لا سيما بعد أن جمعتهما علاقات جيدة خلال الفترة الأخيرة، لا سيما فيما يتعلق بالملف السوري والاتفاق غير المباشر ربما بشأن تحجيم النفوذ الإيراني في سوريا خلال الفترة الماضية. 

روسيا بين الحرب السورية والمستنقع الأوكراني

ومع استمرار العمليات العسكرية في أوكرانيا، يبدو أن روسيا مقبلة على الانجرار إلى المستنقع الأوكراني، لا سيما بعد التأكيدات التي تحدثت عن أن روسيا نقلت عددا كبيرا من العسكريين والمستشارين وضباط العمليات من سوريا إلى أوكرانيا، حيث المعارك المحتدمة. ولن يقف الحال عند هذا، فكلما تورطت روسيا أكثر في المستنقع الأوكراني ستتصاعد وتيرة انسحاب روسيا من سوريا.

ويبدو أن روسيا منشغلة الآن بمحاولة إيجاد مقاربة تهدف للموازنة بين وجودها في سوريا وعملياتها في أوكرانيا، وهو ما أكدته الأنباء عن تخفيض موسكو رواتب “الفيلق الخامس”، الموالي لها في سوريا، في خطوة تهدف إلى تقليل الإنفاق العسكري في الملف السوري.

وفي هذا السياق، رجح د.باسل المعراوي، الكاتب والمحلل السياسي، أن “يتراجع دور روسيا في الحرب السورية، وخصوصا مع زيادة منسوب التوتر بين موسكو وواشنطن“.

وجزم الباحث السوري في حديث سابق لـ“الحل نت“ أن “واشنطن تدرس الخطط لمعاقبة موسكو في أكثر من ساحة دولية، وسوريا المرشح الأبرز، كونها تطل على البحر المتوسط، الهام لإمداد أوروبا بالطاقة“.

قد يهمك: 3 كلمات تحدد مصير السوريين في تركيا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.