كان هناك عدد من القيود المفروضة على المعاملات المالية في سوريا، بعض هذه القيود هو قرار من السلطات في دمشق، في حين أن البعض الآخر ناتج عن عدم رغبة الشركات والبنوك الدولية في الاستثمار أو التجارة مع سوريا في البيئة الحالية، إلا أنه مع فقدان الدولار قوته بعد أسابيع من الارتفاع، بسبب سياسة الفيدرالي الأميركي، أنعش التوقعات حول الليرة السورية.

انتعاش طفيف لليرة

كان الدولار الأميركي، أمس الجمعة، متجها إلى أسوأ أسبوع له منذ أوائل شباط/فبراير الفائت، مقابل نظرائه الرئيسيين حيث تلاشت الآمال من الارتفاع المفاجئ في العملة بنسبة 10 بالمئة، ولذا تشير التوقعات إلى ارتفاع سعر الليرة السورية مع انتهاء الربع الثاني من هذا العام.

استقر سعر الدولار اليوم السبت، في سوريا مقابل الليرة، لدى تعاملات السوق الموازية غير الرسمية، بعد أن سجلت الليرة ارتفاعا ملحوظا أمام الدولار مع نهاية تعاملات الأسبوع الفائت.

فانخفض سعر صرف الدولار في دمشق، بمقدار 5 ليرة أي بنسبة تقارب 0.13 بالمئة، واستقر عند سعر شراء يبلغ 3945، وسعر مبيع يبلغ 3980 ليرة للدولار الواحد. بمدى يومي بين 3980 و3985 ليرة، بحسب منصة “الليرة اليوم”، المتخصصة في رصد سعر صرف العملات في سوريا لدى السوق الموازية.

أما في مدينة حلب فقد انخفض سعر صرف الدولار بمقدار 5 ليرة عن آخر إغلاق، واستقر عند سعر شراء يبلغ 3940، وسعر مبيع يبلغ 3975 ليرة سورية للدولار الواحد. بمدى يومي بين 3975 و3980 ليرة.

توقعات جديدة حول الليرة

هناك أربعة أسعار صرف رسمية لليرة سورية مقابل الدولار؛ من الصعب الوصول إلى الدولار الأميركي في سوريا، إلا عبر المصرف المركزي، أو من خلال التجار في السوق السوداء.

ويرى المختصون في السوق المالية، أن وجود تباين بين سعر الليرة في السوق الموازية أو السوداء وسعرها الرسمي يشجع التعامل غير الرسمي معها، لا سيما بالنظر إلى العقوبات المفروضة على المتورطين في مثل هذه المعاملات.

وتوقع مالك محال الوليد للصرافة، عبد اللطيف المقداد، في حديث لـ”الحل نت”، أنه من المتوقع أن يتم تداول الليرة السورية عند 2511 بنهاية هذا الربع، مضيفا “وفقا للنماذج الاقتصادية المرتبطة بالسوق العالمية وتوقعات المحللين وبالنظر إلى المستقبل، نقدر أنه سيتم التداول عند 2511 في غضون 12 شهرا”.

كما يرى المقداد، أن انخفاض الليرة، وزيادة التحويلات بالبنوك سيخفض التضخم والتسعير، متوقعا أن زيادة انخفاض سعر الصرف ستتبعها انخفاض في أسعار المستوردين بنسبة 15 بالمئة في المتوسط، الأمر الذي سيشكل هبوطا على المنتجات بمعدل أعلى من ذي قبل.

الوضع الاقتصادي

تعاني سوريا من أزمة اقتصادية حادة، وغالبا ما يكون من الصعب الحصول على السلع والخدمات الأساسية أو دفع ثمنها، بما في ذلك المواد الغذائية الأساسية والوقود، واعتبارا من منتصف عام 2020، انخفضت قيمة الليرة السورية بسرعة مقابل الدولار الأميركي، وارتفعت الأسعار تبعا لذلك.

فعلى المستوى الداخلي، يعاني المزارعون السوريون منذ مطلع العام الحالي من ارتفاعات متتالية لأسعار تكاليف زراعة الخضار والفواكه، وبشكل غير مسبوق، ويعود ذلك لأسباب عديدة، كان أبرزها رفع الدعم، إضافة لارتفاع أسعار العملة المحلية والوقود المستخدم في عمليات الري، والغزو الروسي لأوكرانيا.

حالة التضخم في الأسعار وانخفاض قيمة الأوراق النقدية السورية، ازدادت بشكل مهول خلال السنوات الثلاثة الماضية، لدرجة بات الناس يحملون حقائب أو أكياس لحمل الأموال عند شراء الحاجيات والمستلزمات الحياتية، إزاء ذلك تداول مؤخرا حديثا عن احتمالية قيام حكومة دمشق بحذف أصفار من قيمة أي ورقة نقدية يتعامل بها السوريين اليوم، أي بدلا من (5000 ليرة سورية) يختصر من الرقم صفرين ويعتبره (50 ليرة)، في سبيل مواجهة مستويات التضخم العالية.

العام الجديد حمل عدة تغييرات في أرقام الاقتصاد السوري، والتي اتجهت للانحدار بمقابل اتجاه الأسعار لقفزات مضاعفة لا يمكن التوقع إلى أين ستتجه بعد ذلك وكيف ومتى سيتم ضبطها. فالعام الحالي لن يختلف عن سابقه، فمع ارتفاع الأسعار في سوريا، سيكون على المدنيين الاعتبار بأن التطمينات الحكومية لا جدوى منها.

صحيفة “الوطن” المحلية، قالت في تقرير لها الأربعاء الفائت، نقلا عن الباحثة الاقتصادية رشا سيروب، حول مدى احتمالية قدرة الاقتصاد السوري على القيام بخطوة “حذف الأصفار” من العملة السورية لمواجهة مستويات التضخم العالية، أن “عشرات الدول لجأت إلى إزالة الأصفار من عملتها للحد من الضغوط التضخمية، لكن ما لبثت أن عادت مشكلة الأصفار بسرعة، فاضطرت العديد من هذه الدول لإعادة هذا الإجراء (أي حذف الأصفار أكثر من مرة).

وباعتبار أن قيمة العملة السورية تعتمد على عدد لا يحصى من العوامل من بينها الوضع الاقتصادي للدولة، وكفاءة الحكومة، والاستقرار السياسي والقانوني والقضائي، والالتزام بالقانون الدولي والتوافق مع التغيرات الدولية، والعديد من الأسباب الأخرى. لذا فإن قيام الحكومة بهذه الخطوة دون أن تصاحبها سلسلة من الإصلاحات، فإن سياسة إزالة الأصفار لن تكون غير فعالة فحسب، بل ستكون فاشلة”.

ويعتقد العديد من المختصين والباحثين الاقتصاديين، أن هذه العملية تحتاج إلى اقتصادات ضخمة وكذلك أن تكون كمية الإنتاج المحلي كبيرا، وهذا عكس “واقع الاقتصاد السوري” المتهالك منذ سنوات عديدة، فضلا عن تدمير نسبة كبيرة من البنى التحتية بسوريا وتوقيف المئات من المنشآت الصناعية والتجارية والزراعية عن العمل، وأيضا هجرة معظم رؤوس الأموال من البلاد، نتيجة الحرب في سوريا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.