تعد قضية الإجهاض من أكثر القضايا جدلية في العالم ككل، لا في العراق وحده، لكن العراق يجرّمه قانونيا، وذلك التجريم يعرض حياة المرأة التي تنوي الإجهاض للخطر، لدرجة فقدان حياتها.

يتعامل القانون العراقي مع الإجهاض وفق الشرع في الدين الإسلامي، ويجرّم عملية الإجهاض بأحكام مشدّدة ومخفّفة، ويفتقد للمرونة كما في دول العالم المتقدمة.

يقول المحامي محمد جمعة، إن القانون العراقي يعاقب المرأة المجهضة بالحبس لمدة سنة واحدة إن أجهضت بإرادتها، ويعاقب المتخصص الطبي معها بعقوبة مشدّدة إن قام بإجهاضها.

مخاطر

العقوبة القانونية تلك، تدفع بعدد كبير من النساء العراقيات اللائي يحبلن، إلى الإجهاض بطرق سرية بشكل تام؛ كي لا يتعرضن للعقوبة القانونية.

وفق الناشطة بمجال حقوق الإنسان نوارة العقابي، فإن المرأة في العراق، تواجه الكثير من المخاطر؛ بسبب القانون العراقي الذي يمنعها من الإجهاض.

العقابي تبيّن، أن أبرز تلك المخاطر هو عدم قبول الأطباء الأخصاء الذين يستطيعون القيام بالإجهاض بطريقة شرعية بإجهاض من يلجأن إليهم؛ لأنهم يخشون من العقوبة القانونية التي ستطالهم.

بالتالي، فإن أكثر النساء يلجأن إلى طرق غير شرعية للإجهاض، سواء عن طريق الأقارب أو بأخذ أدوية، تتسبّب لهن بالكثير من الأعراض؛ لعدم معرفتهن طريقة تناول الأدوية، حسب العقابي.

وتردف: “أنا أعرف 2 من النسوة فقدن حياتهن نتيجة تناولهن لأدوية تساعد على الإجهاض بطريقة غير صحيحة، وأعرف 3 فتيات تعرضن لنزيف حاد ودخلن إلى المستشفى نتيجة التناول غير الصحيح للأدوية”.

يبيّن المحامي محمد جمعة، أن قانون العقوبات العراقي، يتساهل وفق المادة 417 منه، مع من تجهض عن طريق الأقارب، ويخفّف العقوبة، وقد تصل إلى الغرامة المالية فقط.

ما هو الإجهاض؟

تعرّف” منظمة الصحة العالمية”، الإجهاض بأنه عملية طبية تنهي الحمل. وهو حاجة من حاجات الرعاية الصحية الأساسية لملايين النساء والفتيات، وسواهن ممن يمكن أن يحملن.

الإجهاض حق من حقوق الإنسان

العفو الدولية

أما منظمة “العفو الدولية”، فتعتبر “الإجهاض حق من حقوق الإنسان”، وتقول: “لكل إنسان في أن يقرر ما يفعله في جسده”، وتؤكد أن: “تجريم الإجهاض لن يوقف الإجهاض، بل سيجعله أخطر”.

لا تتوفر أي أرقام رسمية ولا تقريبية من قبل المنظمات الصحية والإنسانية عن عدد حالات الإجهاض في العراق؛ لأنها تجري بسرية؛ بسبب حظر الإجهاض من قبل القانون العراقي.

غير أن تقديرات منظمة “العفو الدولية”، تشير إلى أن 1 من 4 من حالات الحمل على نطاق العالم بأسره، تنتهي بالإجهاض سنويا.

تقول الناشطة الحقوقية نوارة العقابي، إن مئات النساء يحملن جراء تعرضهن لجرائم اغتصاب في العراق؛ لذا يلجأن إلى الإجهاض، لكن القانون يصعّب عليهن تلك المأمورية، على حد تعبيرها.

وعن ذلك، يوضّح المحامي محمد جمعة، أنه رغم أن المرأة تعرضت لجربمة اغتصاب فإن القانون يعاقبها ولا يرفع العقوبة عنها، لكنه يجعل العقوبة مخففة؛ غير أنه يشدّد العقوبة على الأطباء في حال قيامهم بإجهاضها، ويمنعهم من مزاولة المهنة لـ 3 أعوام.

التعامل القانوني الأمثل

جمعة يردف، أن قانون العقوبات العراقي، سمح للمرأة التي تجهض؛ لأنها حملت من غير زواح بجريمة اغتصاب أو غير ذلك، أن تجهض لكن عن طريق أقاربها مع عقوبة مخففة، دون اللجوء للأطباء؛ لأنه سيشدّد العقوبة على الطبيب إن أجهضها، وقد تصل إلى السجن 7 سنوات.

نوارة العقابي، تشير إلى أن حياة النساء غالبا ما تكون بخطر؛ لأن الأطباء يمتنعون عن إجهاضهن خوفا على نفسهم من العقوبة، مستغربة من تساهل القانون مع الإجهاض غير الشرعي وتشدّده مع الإجهاض الشرعي.

تعرِّف “منظمة الصحة العالمية”، عمليات الإجهاض غير الآمنة، بأنها “إنهاء الحمل إما على يد أشخاص يفتقرون إلى المهارات اللازمة أو في وسط لا يمتثل للمعايير الطبية الدنيا أو كلاهما معا”.

وتشدّد نوارة العقابي، على أنه من حق المرأة اختيار القرار الذي يناسبها، سواء بالإجهاض أو الاحتفاظ بالحمل؛ فعندما لا تريد إنجاب طفل، ذلك من حقها؛ لأن الجسد جسدها، وهي من تقرر ما تريده.

وترى، أن القانون العراقي لا يدعم المرأة ولا يحفظ حقوقها، ويتيح التحكم بجسدها لكل من المجتمع والرجل، ويدمّر حياتها؛ فهو لا يرفع العقوبة عنها حتى لو أجهضت نتيجة حملها عن طريق جريمة اغتصاب.

أخيرا، يقول المحامي محمد جمعة، إنه يجب على القانون العراقي التعامل مع الإجهاض مثل دول الغرب، بالسماح للمرأة بالإجهاض في الأشهر الأولى من الحمل، وتجريمه في الأشهر المتأخرة؛ لأن حياتها ستكون بخطر إن قررت الإجهاض في تلك الأشهر.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.