لا يزال القطاع الطبي يعاني من معوقات عديدة نتيجة الحرب السورية، من هجرة الكوادر الطبية إلى تدني الرواتب خاصة من الكوادر العاملة في المستشفيات الحكومية، فضلا عن غياب الدعم الحكومي لهذا القطاع بشكل عام.

كما حذر نقيب الأطباء في محافظة ريف دمشق خالد موسى، في وقت سابق، من زوال بعض التخصصات الطبية في المحافظة، نتيجة استمرار هجرة الأطباء خارج البلاد، مشيرا إلى أن النقابة قد تلجأ لاستقطاب أطباء متخصصين من خارج سوريا.

ونتيجة لهذا النقص الكبير في الكوادر الطبية، كشفت معاون وزير التعليم العالي للشؤون العلمية فادية ديب يوم أمس الخميس عن دراسة ونظرة جديدة تعمل عليها وزارة التعليم العالي للحفاظ على الأطباء والحد من الهجرة، تشمل مشروع مفاضلة لألف فرصة جديدة لدراسة الطب البشري بمعدلات أقل في سوريا.

هجرة الأطباء بنسبة 30 بالمئة

في برنامج “حديث النهار” على إذاعة “شام إف إم” المحلية، أكدت معاون وزير التعليم العالي للشؤون العلمية أن موضوع هجرة الأطباء أمر واقع وحقيقي، وبحسب البيانات الموجودة في نقابات الأطباء هناك هجرة لأكثر من 30 بالمئة من الفريق الطبي، وذلك لأسباب مختلفة بين من سافر مع بداية الحرب، أو من وجد فرصة عمل مناسبة، أو نتيجة الظروف الاقتصادية الحالية في البلاد وجعلت تكاليف العمل الطبي عالية وصعبة جدا. في إشارة إلى أن الحكومة السورية قدراتها الاقتصادية هشة ولا تستطيع تأمين رواتب بمستويات تتناسب مع الواقع المعيشي في البلاد.

وأشارت ديب في حديثها مع الإذاعة المحلية، إلى أن الهجرة حاليا وبحسب الملاحظ هي للخريجين الجدد الذين يسعون للتخصص في الخارج.

وأردف أن هناك بعض الاختصاصات أصبحت مفقودة ونادرة سواء الأورام، والعلاج الفيزيائي، والأشعة، والتخدير، ويجب حصر عدد الأطباء في المحافظات ومعرفة الاختصاصات الناقصة لفتح مجال الدراسة فيها.

قد يهمك: تسعيرة جديدة لـ”كشفية” الأطباء في سوريا

شريطة الالتزام مع المشافي الحكومية

وعلى إثر هجرة الأطباء والنقص الكبير الحاصل في هذا القطاع، كشفت ديب عن دراسة جديدة تعمل عليها وزارة التعليم العالي للحد من هجرة الكوادر الطبية، تشمل “مشروع مفاضلة لألف فرصة جديدة لدراسة الطب البشري بمعدلات أقل”، شريطة الالتزام مع المستشفيات العامة، وفتح التسجيل المباشر على بعض الاختصاصات النوعية دون مفاضلة، إلى جانب ضرورة إيجاد نص قانوني جديد يضمن مرونة عمل الطبيب أثناء تعاقده مع الجهات الحكومية، وفق حديثها مع الإذاعة المحلية.

ونوّهت معاون وزير التعليم العالي للشؤون العلمية إلى أن هناك أيضا دراسة خاصة تتعلق بإلغاء السنة التحضيرية، ووضع رؤية جديدة لها، كما يجري العمل على رفع التعرفة للأطباء، إضافة إلى دراسة طبيعة عمل الممرضين، مبينةً أنه سيُبت بكل هذه الأمور قبل مفاضلة العام المقبل، على حد وصفها.

وكان قد أعلن، نقيب الأطباء في محافظة ريف دمشق خالد موسى، في حديث سابق مع إذاعة “ميلودي” المحلية، أن: “اختصاصات الطب الشرعي وجراحة الأوعية والكلية والتخدير تواجه خطر الزوال، بسبب ضعف الإقبال عليها من قبل طلاب الطب“.

وأشار موسى قبل نحو أسبوع إلى أن: “عدد كبير من خريجي الطب يغادرون للخارج بهدف متابعة الاختصاص أو العمل، حتى أن بعض الأطباء يتجهون لدول غير آمنة كاليمن والصومال وغيرها بحثا عن فرص عمل“.

وعن نسبة هجرة الأطباء في سوريا أكد موسى أن: “النقابة لديها 2428 طبيب مسجل يضاف لهم 499 طبيب مغترب خارج القطر أي ما يمثل خمس أطباء المحافظة، وفي كامل المحافظة لا يوجد سوى طبيب جراحة أوعية بينما المحافظة تحتاج بالحد الأدنى 10-12 طبيب بهذا الاختصاص، وكذلك لا يوجد أي جراح صدرية في المحافظة“.

كما أشار نقيب الأطباء إلى النقص الحاد في أطباء التخدير، وأضاف: “منذ أكثر من خمس سنوات لم يدخل طبيب مقيم باختصاص التخدير على محافظة ريف دمشق، كذلك فقط 6 أطباء على مستوى سورية تقدموا لامتحان البورد باختصاص التخدير بينما النسبة يجب أن تكون 40-50 حتى يرمم النقص الحاد“.

أجور “مرتفعة”

بات الذهاب إلى عيادات الأطباء في سوريا هما كبيرا يؤرق الكثير من السوريين، في ظل الأجور المرتفعة التي يحددها كل طبيب مهما كان اختصاصه، إلى جانب ارتفاع أسعار الطبابة والعلاج في المستشفيات بالتوازي مع تضاعف أسعار الأدوية خلال الآونة الأخيرة.

ويشتكي الأهالي في سوريا من تقاضي الأطباء على المعاينات مبالغ كبيرة، تصل أحيانا إلى قرابة 50 ألفا، فيما طالب البعض بضرورة ضبط هذا الأمر ومراقبة الكشف الطبي حتى يكون عادلا للمريض والطبيب في نفس الوقت.
في حين يرى الأطباء أن الأجور التي يتقاضونها لا تتناسب مع عملهم، ما تسبب بظهور ظاهرة هجرة الأطباء إلى خارج البلاد مؤخرا.

أما في سياق أسعار العمليات الجراحية، قال نقيب الأطباء في سوريا زاهر بطل، بداية الشهر الجاري أن “هناك مبالغة في أسعار بعض العمليات الجراحية وأصبحت مكلفة جدا بالنسبة لدخل المواطن”.

ونوّه بطل وقتذاك لإذاعة “شام إف إم” إلى أن “التسعيرة الجديدة التي سيعلن عنها ستشمل أجور العمليات فمثلا سيكون أجر عملية “الولادة القيصرية” بمعدل 15 – 20 وحدة طبية أي 80 ألف ليرة سورية على الأقل”، على حد قوله للبرنامج الإذاعي المحلي قبل يومين.

أما في سياق تكاليف الإقامة في المشافي، ذكر نقيب الأطباء أنه يعتمد على تصنيف المشافي لدرجات اعتمادا على إمكانية المشفى وعدد الغرف وعدد الأسرّة، وتحدد الإقامة وكلفة السرير من 50 إلى 100 ألفليرة سورية في اليوم الواحد، أما في حال تجاوز هذا الرقم فهذا يعتبر مخالفة. إلا أن التكاليف الحقيقية للإقامة في المستشفيات في العاصمة دمشق تتجاوز الـ 100 ألف ليرة سورية لليوم الواحدة مهما كان تصنيف المشفى، وفق تقارير صحفية.

قد يهمك: سوريا “تستورد” أطباء من الخارج لعدم وجود البدائل

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.