مؤخرا، مثّل مشروع قانون “الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية”، نقطة جدل سياسي وشعبي في العراق، لاسيما وأنه دخل في خانة الصراع السياسي الذي تعيشه البلاد حول تشكيل الحكومة التي تعطلت منذ أكثر من 7 أشهر على انتهاء الانتخابات التشريعية.

وارتفعت حدة الأصوات بين داعم ومحذر من القانون الذي يصر تحالف “إنقاذ وطن” بقيادة زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، وحلفائه في الحزب “الديمقراطي الكردستاني”، وتحالف “السيادة” الجامع لمعظم القوى السنية، على تمرير القانون الذي يقف بوجهه ائتلاف “الإطار التنسيقي”.

اقرأ/ي أيضا: العراق وإلغاء قانون “الأمن الغذائي”.. من “العافية” إلى “الهاوية”

تحذيرات من القانون

الخلاف على القانون يأتي في إطار صراع سياسي، يعتقد به “الإطار”، أن تمرير القانون، هو محاولة لغريمهم الصدر وحلفائه لإيجاد نافذة لتبويب الأموال يمكن لحكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي المقربة من “إنقاذ وطن” للاستمرار بأعمالها، والخروج من أزمة تعطيل تشكيل الحكومة التي يدعو الصدر إلى أن تكون “حكومة أغلبية”، مقابل تمسك “الإطار” بفكرة “حكومة توافقية”، يشترك الجميع بها وهذا ما لم يقتنع الصدر به حتى الآن.

أدى ذلك لاستمرار الأزمة وتعطل تشكيل الحكومة التي فشل “إنقاذ وطن”، بنحو 180 نائبا في المضي بتشكيلها من دون “الإطار”، إذ أنها تحتاج ثلثي أعضاء المجلس أي 220 من أصل 329، لانتخاب رئيسا جديدا للجمهورية يأخذ بدوره تكليف مرشح الكتلة النيابية الأكبر بتشكيل الحكومة، وفقا للدستور، وهذا ما فشل الصدر بحشده ونجح “الإطار” بتشكيل “الثلث المعطل”، ليمتد أثر ذلك الصراع إلى قانون “الأمن الغذائي”.

وفي السياق، حذر مستشار رئيس الوزراء مظهر محمد صالح، مساء أمس الأحد، من حالة التقشف في حال عدم إقرار مقترح القانون “الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية”، في الوقت الذي توقع فيه تمرير مقترح القانون.

وقال صالح في تصريح لقناة “العراقية” الإخبارية، وتابعه موقع “الحل نت”، إن “مقترح قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية مهم جدا في توفير البطاقة التموينية وتعزيز الخزين الاستراتيجي، فضلا عن الحاجة لتوفير تخصيصات لدفع مستحقات الفلاحين إضافة إلى توفير كلفة المشتقات النفطية المستوردة”.

وحذر من “حالة التقشف والضائقة المالية والتضخم الذي يعتبر ظاهرة خطيرة، في حال عدم تمرير مقترح القانون”، لافتا إلى أن “مقترح القانون هذا هو حزمة إنفاق انقاذية لتقليل أي مخاطر محتملة”.

وتابع صالح أن “اسعار الوقود والغاز والسكر والحبوب ارتفعت بنسبة 40 بالمئة من العام الماضي”، مشددا على ضرورة “توفير مفردات البطاقة التموينية بسبب ارتفاع نسبة الفقر”.

وبشأن الورقة البيضاء، ذكر صالح أن “هذه الورقة شبه معطلة في هكذا ظرف بعد زيادة الدعم المالي”، موضحا أن “هذه الورقة هي إصلاحية طويلة الأجل وممكن تعديلها لكون الاقتصاد العراقي بحاجة لها”.

والسبت الماضي، قال الصدر في بيان اطلع عليه “الحل نت، إنه “صار لزاما على مجلس النواب، إقرار قانون خدمي ينفع الشعب بصورة مباشرة، ألا وهو قانون الأمن الغذائي”.

وأضاف أن التشريع يجب أن يكون “من دون مزايدات حزبية أو طائفية أو قومية (…) ويجب إبعاده عن شبح الفاسدين”.

مقتدى الصدر أعرب عن أمله بـ “البرلمان العراقي الذي أثبت قدرته على الإقرار رغم عقبات الأحزاب وعرقلات الدعاوى القضائية لقوانين نافعة”، خاصا بالذكر “تحالف إنقاذ وطن والكتل الوطنية الأخرى”.

واختتم الصدر بيانه بوسم ذكر فيه أن “#مجلسالنوابينتفض، على الرغم من محاولات تقويضه وتضييقه” على حد تعبيره.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. قانون “الأمن الغذائي” يرفض التغييب

ما هو قانون الأمن الغذائي؟

وكان البرلمان العراقي، يعتزم تمرير مشروع قانون “الأمن الغذائي” الذي اقترحته الحكومة العراقية على البرلمان، منتصف أيار/مايو الجاري، لكن “المحكمة الاتحادية” أوقفت إقرار القانون مؤخرا على خلفية دعوى رفعها أعضاء من “الإطار التنسيقي”.

وجاء قرار “المحكمة الاتحادية”؛ لأن الحكومة الحالية هي بمثابة المستقيلة ومنتهية الصلاحية واستمرارها فقط لتصريف الأعمال اليومية، لحين تشكيل حكومة جديدة.

وبعد القرار القضائي، تقدمت “اللجنة المالية” النيابية، بمقترح جديد لقانون “الأمن الغذائي”، وقدمته إلى رئاسة البرلمان؛ وتمت قراءته قراءة أولى؛ كي يصبح تشريعه من قبل مجلس النواب وليس من الحكومة.
يعتمد مشروع قانون “الأمن الغذائي”، على الوفرة المالية المتحققة من ارتفاع أسعار النفط، وفق تصريح لعضو “اللجنة المالية”، ناظم الشبلاوي أدلى به في وقت سابق لوكالة الأنباء العراقية “واع”.

وفق الأسباب الموجبة لمسودة القانون، فإن تشريع القانون، “من أجل الاستمرار بتقديم الخدمات للمواطنين والارتقاء بالمستوى المعيشي لهم بعد انتهاء نفاذ قانون الموازنة، ناهيك عن خلق فرص العمل وتعظيم استفادة العراقيين من موارد الدولة، إضافة إلى دفع عجلة التنمية واستئناف العمل بالمشروعات المتوقفة والمتلكئة بسبب عدم التمويل، والسير بالمشروعات الجديدة”.

يذكر أن رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، دعا في نيسان/أبريل المنصرم، الكتل السياسية، إلى “الإسراع في التصويت على قانون “الأمن الغذائي” لعدم وجود موازنة ولتلبية التزامات الحكومة تجاه الشعب”، بحسبه.

وكان من المفترض، أن يشرع البرلمان السابق قانون موازنة عام 2022 المالية، لكن إجراء الانتخابات المبكرة، وعدم تشكيل حكومة جديدة بعد، منع تشريع الموازنة.

وجرى التفكير بقانون “الأمن الغذائي” كحل ومخرج للمأزق الحالي، ليكون أشبه بقانون “موازنة مصغر”، من أجل تمشية الأمور الضرورية وخاصة المعيشية المتوقفة على إقرار الموازنة.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. مخرج برلماني لإعادة قانون “الأمن الغذائي” 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.