أجريت أحدث انتخابات رئاسية في سوريا في 26 مايو/أيار 2021، حيث تمكن المغتربون من التصويت في بعض السفارات في الخارج، للاختيار من بين المرشحين الثلاثة، وهم الرئيس الحالي بشار الأسد، ومحمود أحمد مرعي، وعبد الله سلوم عبد الله، ومع ذلك أعربت عدة دول ومنظمات حكومية دولية عن مخاوفها بشأن نزاهة وشرعية الانتخابات.

سوريا في ذيل القائمة

بالاعتماد على الإصدار 8.0 من مجموعة بيانات النزاهة الانتخابية، كشف التقرير الذي صدر، أمس الأربعاء، عن البلدان التي لديها أقوى انتخابات، بالإضافة إلى أجزاء العملية الانتخابية، حيث احتلت الانتخابات المرتبة الأعلى في العالم في فنلندا والسويد والدنمارك

وعلى الرغم من المخاوف بشأن التراجع الديمقراطي، وجد التقرير أن هناك أدلة على انخفاض إجمالي في جودة النزاهة الانتخابية على مستوى العالم بين عامي 2012 و2022، وبسبب المشاكل بالنسبة لبعض البلدان حدث انخفاض حاد في الإقبال أو القبول بشأن نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت فيها، مثل سوريا.

على الصعيد العالمي، تذيلت سوريا قائمة نزاهة الانتخابات بجانب جزر القمر وجمهورية إفريقيا الوسطى، كما شهدت نزاهة الانتخابات في روسيا مزيدا من التراجع، بعد الانتخابات البرلمانية لعام 2021، واحتلت حليفتها في أوروبا بيلاروسيا المرتبة الأدنى في أوروبا.

وأشار التقرير، أن البيانات مأخوذة من مسح شامل أجراه أكثر من 4500 تقييم من الخبراء، ويقارن التقرير 480 انتخابات برلمانية ورئاسية في 169 دولة حول العالم، حيث يتم تصنيف جميع البلدان حسب مؤشر نزاهة الانتخابات.

أرقام الانتخابات السورية موضع تساؤل

معظم الدول العالمية، صرحت بأنها لن تعترف بنتائج الانتخابات الرئاسية السورية الأخيرة، فيما عدّ بعض المراقبين الدوليين نتيجتها مفروغ منها، واعتبرها الكثيرون “انتخابات فارغة” تتسم بالتزوير، حيث كانت النتيجة فوزا ساحقا للأسد، الذي فاز بأكثر من 95 بالمئة من الأصوات.

وقال مسؤولون أوروبيون وأميركيون، إن 78.6 بالمئة من الناخبين شاركوا في الانتخابات الأخيرة، ولكن في سياق الحرب المستمرة وما تلاها من نزوح السكان، فإن هذا الرقم موضع تساؤل، إذ أشارت الأرقام الصادرة عن دمشق أن أكثر من 18 مليون ناخب “مؤهل”، ولكن نظرًا لأن بطاقات الاقتراع كانت متاحة فقط في المناطق الخاضعة لسيطرتها، فقد تمكن ما يزيد قليلا عن 10 مليون من التصويت.

ووفقا للنتائج الرسمية، فاز الأسد بأكثر من 13 مليون صوت، ومع ذلك، لاحظ العديد من المراقبين والمحللين أن هذه الأرقام تجاوزت العدد المحتمل للناخبين البالغين في مناطق سيطرت حكومة دمشق، وطبقا للفصل الثالث، المادة 88 من الدستور السوري، التي لا تسمح إلا بإعادة انتخاب الرئيس لأكثر من فترتين كحد أقصى، لن يكون الأسد مؤهلا للترشح لولاية أخرى في عام 2028 بعد فوزه في هذه الانتخابات.

الجدير ذكره، أن بشار الأسد، الرئيس التاسع عشر لسوريا، تولى السلطة في استفتاء عام 2000 بعد وفاة والده حافظ الأسد، الذي حكم سوريا لمدة 30 عامًا، وخلال توليه الحكم، حصل على 97.29 بالمئة و97.6 بالمئة على التوالي في انتخابات 2000 و2007، في 16 تموز/يوليو 2014، أدى الأسد اليمين الدستورية لولاية أخرى مدتها سبع سنوات حيث حصل على 88.7 بالمئة من الأصوات.

عام على انتخاب الأسد

الانتخابات جزء أساسي من الديمقراطية، لإنها تمكن المواطنين من محاسبة حكوماتهم على أفعالهم، وتحقيق انتقال سلمي في السلطة، ولكن غالبا ما تقصر الانتخابات عن تحقيق هذه المُثُل، ويمكن أن تشوبها مشاكل مثل ترهيب الناخبين، وانخفاض الإقبال، والأخبار الكاذبة، ونقص تمثيل النساء ومرشحي الأقليات .

بعد مرور عام على الانتخابات الرئاسية السورية، حمل العام الجديد عدة تغييرات بأرقام الاقتصاد السوري، والتي اتجهت للانحدار بمقابل اتجاه الأسعار لقفزات مضاعفة لا يمكن التوقع حيالها إلى أين ستتجه بعد ذلك، وكيف ومتى سيتم ضبطها، فالعام الحالي لم يختلف عن سابقه، ومع ارتفاع الأسعار في سوريا، سيكون على المدنيين الاعتبار بأن التطمينات الحكومية لا جدوى منها.

وضمن هذا السياق قال الصحفي، فراس علاوي، في حديث سابق لـ”الحل نت”: “أولا وقبل كل شيء، يدرك الجميع أن الانتخابات في سوريا لا تحمل المعنى الحقيقي للانتخابات، أي أنها ليست ديمقراطية وليست مسارا لأية عملية سياسية، بل بالأحرى هي عملية متكررة تحت ما يسمى بـ “الاستفتاء”، والجميع كان يعلم نتيجة هذا “الاستفتاء” حتى قبل صدوره، ما يعني أنه حتى القائمين على هذه الانتخابات يعرفون أنها “تمثيلية” أمام الرأي العام، بأن هناك عملية ديمقراطية في سوريا”.

وفي خضم التضخم الاقتصادي في البلاد، خاصة بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وانعكاساته الأخيرة على سوريا، وازدياد تبعية الأسد لإيران، حيث ظهر ذلك جليا عندما زار الأسد مؤخرا طهران وفتح خط ائتماني مع إيران، توحي المعطيات بأن الأمور تزداد تعقيدا وسط حالة من التأزم واستعصاء لأي حل سياسي في البلاد، بظل تعنت دمشق بإحداث أي حل سياسي وعدم تطبيقها للقرار الدولي 2254.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.