تصاعد وتيرة ارتفاع الأسعار بشكل عام في سوريا من حيث الخدمات والسلع الغذائية ومستلزمات الحياة الأخرى، من حين لآخر، مع كل المبررات الحكومية التي تحملها والتي قد يتقبلها نسبة صغيرة من المواطنين، رغم أنها بعيدة عن الواقع.

وحمّل العديد من الاقتصاديين حكومة دمشق مسؤولية هذه الأزمات والغلاء المعيشي، إذ رأوا أن دمشق تساهم في زيادة معدلات الفقر، من خلال الإجراءات والقرارات المتعلقة بتحرير أسعار المشتقات النفطية وعدم تأمينها بكميات كافية مؤخرا، مما يزيد من تكاليف الإنتاج وهو ما ينعكس على الأسعار، وبالتالي يؤدي إلى ضعف القوة الشرائية وتوسيع فجوة الفقر.

هذا فضلا عن عدم قدرتها على تأمين أبسط مقومات الحياة في البلاد، بما في ذلك الخدمات العامة كالكهرباء والمياه والمواصلات وغيرها. وإزاء ذلك، يعيش معظم السوريين اليوم في دوامة حقيقية نتيجة هذه القرارات الحكومية المجحفة والغير مدروسة، لأنها دائما ما تخرج من جيب المواطن وعلى حسابه، في الوقت الذي ينتظر فيه قرارات تخرجه من واقعه المعيشي المرير.

قرارات حكومية غير مدروسة

صحيفة “الثورة” المحلية، نشرت تقريرا، اليوم السبت، قالت فيه محمّلا حكومة دمشق مسؤولية الغلاء المعيشي في البلاد، قائلة: أن زيادة أسعار الاتصالات شكلت بالفعل صدمة للسوريين الذين يواجهون ظروفا معيشية صعبة للغاية وتراجعا حادا في قدراته الشرائية أمام موجة ارتفاع الأسعار الذي يجتاح الأسواق، يعرفها جيدا أصحاب قرارات زيادة الأسعار ومرد تلك الصدمة ذاك القبول السريع للأسباب التي ساقتها الشركات المشغلة لخدمة الاتصالات والتي وصلت حد التعاطف والتعاضد معهم وكأنهم وصلوا حد العجز عن متابعة تقديم خدماتهم وهم حققوا على مدى سنوات الماضية قبل عام 2011 أرباحا كبيرة جدا وحتى خلال الأزمة السورية كان يفترض أن تسهم في ارتقاء خدماتهم، لا أن تتراجع في أدائها. ليأتي قرار الزيادة مترافقا مع تحذير بات متبعا أيضا عند التمهيد لارتفاع أسعار أي سلعة أو خدمة بأن استمرار خدماتها ووجودتها مرتبط برفع سعرها.

وأضافت الصحيفة المحلية، “دوامة حقيقية يعيشها المواطن من جراء تلك السياسة المتبعة في الزيادات لأنها تكون دائما من جيبه وعلى حسابه في وقت ينتظر فيه قرارات تخرجه من واقع معيشي قاسٍ ويترافق كل ذلك مع قائمة طويلة من التساؤلات لا تخلو من الاستغراب والحيرة، أهمها تلك السرعة التي توصلت صاحبة القرار (حكومة دمشق) لاتخاذ قرارات ارتفاع الأسعار وبالطرف المقابل تواجه قرارات أو حتى مقترحات زيادة الرواتب والأجور عراقيل كثيرة ومبررات غير منطقية أو مقبولة رغم الحاجة الماسة لرفعها بنسب جيدة ليتمكن الموظفين وعموم السوريين من الاستمرار بمواجهة الواقع المعيشي الصعب.

وأواخر الشهر الفائت، قال الأستاذ في جامعة دمشق والمدير السابق للمكتب المركزي للإحصاء شفيق عربش، أن معدلات الفقر في سوريا في طريقها للزيادة، حيث تقول آخر المؤشرات الدولية أن 90 إلى 95 من السوريين المقيمين في بلدهم هم من الفقراء.

واتهم عربش في تصريحات لإذاعة “ميلودي إف إم” قبل نحو أسبوع، الحكومة في دمشق بالمساهمة في زيادة معدلات الفقر، وذلك من خلال الإجراءات المتعلقة بتحرير أسعار المشتقات النفطية وعدم تأمينها بالكميات الكافية، ما يزيد تكاليف الإنتاج، الأمر الذي ينعكس على الأسعار، وبالتالي زيادة معدلات الفقر.

قد يهمك: تراجع استهلاك وجبات الطعام الجاهزة في دمشق.. والسبب؟

ضرورة زيادة الرواتب

ضمن سياق ارتفاع الأسعار، وغلاء المعيشية في عموم سوريا وخاصة في مناطق سيطرة الحكومة السورية، نشرت صحيفة “الثورة” المحلية، تقريرا آخر اليوم السبت، مفادها، أن ارتفاع أسعار المواد المنتجة في القطاعين العام والخاص بشكل متكرر بحجة ارتفاع التكاليف التشغيلية لإنتاج هذه المادة أو تلك، بينما تتجاهل بعض مؤسساتنا التكاليف (التشغيلية) للعامل الذي ينتج هذه المواد، فهذا العامل وبمعرفة الجميع لم يعد قادرا على الاستمرار بتأمين تكاليف استمراره بالعيش والعمل من (طعام وشراب ودواء ولباس وعمليات ونقل) براتبه الهزيل الذي يُعطى له بداية كل شهر، فهذا الراتب لا يزيد قيمته عن ثمن ستة أكياس إسمنت، أو عن ثمن إجراء صورة شعاعية وبعض التحاليل المخبرية، أو عن ثمن حذاء أو بنطال، أو عن ثمن خمس علب حليب أطفال، أو عن ثمن أربعة فراريج، أو عن ثمن ثلاثة كيلو لحمة، أو عن ثمن عدة أصناف من الدواء.

ونتيجة لذلك، فإن كافة أصحاب المهن الحرة والحرفيين، وأصحاب المكاتب الخاصة، والأطباء والمهندسين وغيرهم يرفعون أجورهم كلما ارتفع سعر الصرف أو كلما ارتفعت الأسعار بسبب قلّة حوامل الطاقة وزيادة سعرها في السوق السوداء، بينما العامل أو الموظف الحكومي غير قادر على ذلك.

يعاني معظم السوريين اليوم من أزمة اقتصادية حادة منذ عدة سنوات، ولكن منذ الغزو الروسي لأوكرانيا وانعكاساته على الاقتصاد السوري، تسير نسبة كبيرة من السوريين حياتهم اليومية بشق الأنفس، بالإضافة إلى عزوف نسبة كبيرة منهم عن شراء العديد من السلع والمواد الغذائية وخاصة اللحوم والفواكه، نتيجة لارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق والتي لا تتناسب مع مستوى رواتب ومداخيل المواطنين.

قد يهمك: 1000 ليرة بدل لـ”البرنص”.. أسعار جديدة للإقامة في الفنادق السورية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.