مع موجة ارتفاع الأسعار للسلع الغذائية شبه اليومية، بات العديد من المواطنين في سوريا يقتنصون الفرصة من أجل الحصول على بعض المواد الغذائية بسعر أقل، لكن حتى هذه الفرصة ارتدت بشكل غير متوقع على سكان الساحل السوري، الذين عاشوا يوما في المستشفيات بسبب “سمك الدراويش”.

السمك بأسعار زهيدة

منذ أمس السبت، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي، بخبر تسمم أكثر من 10 أشخاص بسبب تناولهم نوعا رخيصا من السمك، حيث تعرض 12 شخصا، بينهم أطفال، للتسمم بعد تناولهم سمك البلاميدا “سمك الدراويش” في قريتي قنية وبسقايا في منطقة القدموس، ورغم خروج 10 منهم، إلا أن اثنين منهم ظلا في وحدة العناية المركزة.

وقال الدكتور سليمان بدر، مدير مستشفى “القدموس”، لموقع “أثر برس” المحلي، إن المرضى، ومن بينهم أطفال وشبان يعانون من أمراض أخرى، وصلوا إلى المستشفى مساء، مصابين بأعراض مرض الشري وانخفاض الضغط، مضيفا “قمنا فورا بالإسعافات الأولية، ونظرا لاختلاف الحالات بين الحالة الطبيعية والشديدة، تم نقل الحالات إلى قسم الداخلية، وأخرى إلى قسم العناية المركزة”.

وباستثناء مريضين لا يزالان في وحدة الرعاية الحرجة، قال بدر إنه تم تخريج جميع المرضى بعد فترة النقاهة، مشيرا إلى أنه سيتم تخريجهم بعد ظهر اليوم الأحد، لأن صحتهم العامة جيدة.

ووفقا لشهادات المرضى، فقد قاموا بشراء أسماك البلاميدا من سيارة متنقلة كانت تبيع الكيلو الواحد بـ5000 ليرة سورية، وقال بدر أنه أبلغ مدير الصحة ومدير المنطقة بذلك، بحيث يمكن اتخاذ التدابير المناسبة للتعامل مع ظاهرة السيارات المتجولة التي تبيع الأسماك، خاصة مع اقتراب فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة.

من جهته، علق المدير العام لهيئة الثروة السمكية، عبد اللطيف علي، على الحادثة قائلا “هذا لا يتعلق بنوع سمكة البلاميدا تحديدا، بل بكيفية بيعه بطريقة غير صحية”، وذلك ردا على سؤال حول أسباب معاناة بعض من يتناولونها من الحساسية التي قد تؤدي إلى دخول المستشفى.

وشرح علي، خلال مقابلة على تلفزيون “الخبر” المحلي، أنه نظرا لتحلل مادة ما قبل الهستامين في سمك “الدراويش” البلاميدا إلى مستقلب الهستامين، الذي يسبب الحساسية لدى بعض الناس الذين لديهم حساسية، فإن التعامل غير الصحيح وغير الصحي مع النوع هذا من الأسماك يؤدي إلى ظهور ردود فعل حساسة لدى بعض الناس.

وأكد علي، أن “شراء الأسماك من الباعة المتجولين، الذين تعرضت بضاعتهم لضوء الشمس لفترة طويلة، هو طريقة غير سليمة للتعامل مع سمك البلاميدا، مشيرا إلى أنه يجب شراء هذا النوع من الأسماك طازجا أو المحفوظ عند درجة حرارة 18 تحت الصفر لتجنب تحلل أي من مكوناته، ويجب الحصول عليه من مصادر موثوقة”.

ولفت علي، إلى أنه “من الأفضل تنظيف الأسماك بشكل سريع بمجرد وصولها إلى المنزل، عن طريق فتح البطن بعناية حتى لا يؤدي إلى إصابة لحوم الأسماك وتلويثها من محتويات البطن”.

ما هو “سمك الدراويش”؟

الأشهر القليلة الماضية، شهدت ارتفاعا غير مسبوق في أسعار لحم الأسماك، لا سيما منذ حظر الحكومة السورية منتصف شهر آذار/مارس الماضي للصيد، حيث تنتهي هذه الفترة مع نهاية شهر أيار /مايو الفائت.

البلاميدا أو ما يعرف محليا بـ”سمك الدراويش”، هي سمكة مهاجرة تعيش في البحر المتوسط، وهو شائع بشكل خاص على طول السواحل السورية طوال أشهر الصيف والخريف، وتستخدم شباك شينشيلا وسنانير الجرجيرة لاصطياده.

وتعود تسميتها بـ “سمكة الدراويش”، بسبب محتواها الغذائي المرتفع، مما يجعلها واحدة من أكثر الأسماك طلبا في سوق السمك، وهي واحدة من أكثر أنواع السمك كثافة بالبروتين، فضلا عن كونها متاحة بسهولة بأعداد كبيرة وبأسعار معقولة.

وعن أنواع سمك البلاميدا الذي يتبع لعائلة السكمبري، فتتوافر في سوريا بثلاثة أنواع هي: العريضة، المبرومة وأم قشر، ذات القيمة الغذائية العالية والشعبية.

ويبلغ طول العريضة بين 30 و80 سنتيمترا وتصل إلى 100 سنتيمترا كحد أقصى، وهي تأكل القشريات والحبار والأسماك الصغيرة، ويتراوح طول المبرومة بين 20 و40 سم، في حين يصل طول أم قشر أحيانا إلى 110 سم.

الجدير ذكره، أن حادثة التسمم التي حصلت في منطقة القدموس لم تكن الأولى في سوريا، فخلال شهر أيلول/سبتمبر الماضي، دخل 28 شخص إلى المشفى الوطني في اللاذقية، إثر إصابتهم بنوبات تحسسية بعد تناولهم سمك البلاميدا، حيث عانى معظمهم من حكة وقيء وضيق تنفس وإسهال، بينما تعرضت حالتين لصدمات وهبوط ضغطي حاد.

قلة الإنتاج وأسعار كاوية

السمك واللحوم البيضاء، تعتبر من الأغذية الضرورية للإنسان، إلا أن الأسعار المرتفعة حرمت الشريحة الأوسع من السوريين من تناوله.

إن الأصناف متعددة للأسماك في الأسواق السورية، ويصل عددها إلى 50 صنفا من الأسماك، ورغم أن المناطق الساحلية تكثر فيها الأسماك وينشط بها الصيادون، فقد سجلت محافظة اللاذقية وطرطوس خلال الأسابيع الماضية، أسعارا غير مسبوقة للحم السمك، حيث أن ارخصهم يسجل سعر لا يقل عن 15 ألف ليرة سورية للكيلو الواحد.

وبلغ سعر كيلو سمك السفرني 45 ألف ليرة، ونوع الميرلان المخصص للشوي ويعتبر من أفخم أنواع السمك الكيلو 65 ألف، وتشكيلة سلطاني على سرغوس تازة الكيلو 43 ألف، وكيلو سمك منوري حبة كبيرة الكيلو 43 ألف، والسمكة الحرة الكيلو 50 ألف، ونوع كاليماري الكيلو 37 ألف.

ووفق تقديرات الهيئة السورية، بلغت كمية الأسماك نهاية عام 2021 حوالي 36.4 طنا من سمك الكارب والمشط، فيما وصل إجمالي إنتاج سوريا إلى 10 آلاف و414 طنا، منها 2003 أطنان بحري و8411 طن أسماك مياه عذبة بنهاية عام 2021.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.