تزداد معدلات الفقر في العراق، رغم انتعاش الريع الاقتصادي في البلاد، وارتفاع أسعار النفط، ووصولها إلى أكثر من مئة وعشرين دولارا للبرميل الواحد، ما جعل الإيرادات المالية للحكومة العراقية تفوق الاثني عشر مليار دولار شهريا.

ويعتمد الاقتصاد العراقي بشكل شبه كلي على القطاع النفطي، الذي يورد للخزينة العامة حوالي خمسة وتسعين بالمئة من العملة الصعبة.

وأعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية أن أحد عشر مليون عراقي يعيشون تحت خط الفقر، وهي نسبة عالية جدا، تبلغ حوالي خمسة وعشرين بالمئة من مجموع سكان البلاد.

الفقر في العراق والفشل الحكومي

حسين نرمو، النائب السابق في البرلمان العراقي، يقول إن “زيادة الفقر في العراق سببه الفشل الحكومي في استغلال فترة الانتعاش الاقتصادي الحالية”.

مبينا، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “الحكومة تعتمد كليا على أسعار النفط، وكذلك جعلت من المواطنين يعتمدون على التوظيف الحكومي، وهذا الأمر سبب إشكالية اقتصادية كبيرة”.

وأضاف أنه “كلما هبطت أسعار النفط لجأت الحكومة للاقتطاع من رواتب المواطنين، أو رفع سعر الدولار، دون إيجاد الحلول، وهذا كله أثّر على ذوي الدخل المحدود”.

مشيرا إلى أن “على الحكومة دعم المشاريع الصغيرة، وإطلاق القروض والسلف المالية، وكذلك فتح معاهد لتعليم المواطنين على المهن المختلفة، ودعم القطاعات الصناعية والزراعية والسياحية، وهذه الأشياء كلها تساهم بالحد من معدلات البطالة، ورفع الدخل القومي، وتقليل نسب الفقر”.

الحرب على داعش هي السبب الرئيسي للفقر

الحكومة العراقية، وعبر المتحدث الرسمي باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، تؤكد أنه “تمت معالجة الفقر في العراق، والتقليل منه، بعد أن كانت نسبته تبلغ اثنين وثلاثين بالمئة من المواطنين في عام 2007”.

وأشار الهنداوي، في تصريحات صحافية، إلى أن “الحرب على داعش، وما رافقها من موجات نزوح وتدمير العديد من المدن، فضلا على تفشي فيروس كورونا، وما لحقه من إجراءات اقتصادية، كانت السبب بوصول معدلات الفقر لهذه النسبة، التي تصل حاليا إلى حوالي ربع الشعب العراقي”.

مبينا أن “هناك سلسلة إجراءات تعمل عليها الحكومة لمواجهة الفقر في العراق، منها رفع عدد المشاريع الاستثمارية في مجالات الصناعة والزراعة، والاتفاق مع البنوك الحكومية والأهلية لإقراض المواطنين، بنسب فائدة منخفضة جدا. لكن هناك عقبات قانونية وسياسية وإدارية تقف حائلا أمام إنجاز الخطة”.

حكومة الكاظمي هي المسؤول عن الفقر في العراق

ندى شاكر جودت، عضو اللجنة الاقتصادية في البرلمان العراقي، حمّلت الحكومة الحالية، برئاسة مصطفى الكاظمي، المسؤولية الأساسية في زيادة معدلات الفقر في العراق، ووصولها لهذا المعدل.

وتقول، في حديثها لموقع “الحل نت”، إن “الحكومة العراقية لم تستغل الطفرة المالية في إيرادات الخزينة العراقية، مع ارتفاع أسعار النفط، رغم وجود فائض مالي يتجاوز الستين مليار دولار، يمكن من خلاله تحقيق الانتعاش الاقتصادي”.

وبيّنت أن “إصرار الحكومة على رفع سعر الدولار، أدى لارتفاع سعر المواد الغذائية بشكل جنوني، كما أن عدم دعم قطاع الاستثمار والشركات المختلفة، خلق ركودا كبيرا، وزاد من معدلات البطالة، وهذا كله أدى لارتفاع نسب الفقر في العراق”.

وفي مطلع عام 2020 قامت الحكومة العراقية برفع سعر الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي، بهدف الاستفادة من فارق العملة، والتمكن من دفع رواتب الموظفين والمتقاعدين.

لكن إجراءات الحكومة استمرت، على الرغم من عودة ارتفاع سعر النفط، ما زاد من النقمة الشعبية على حكومة مصطفى الكاظمي.

مقالات قد تهمك: حقائق مرعبة عن الفقر في العراق: لماذا لا تصل الموازنات الحكومية العملاقة إلى الطبقات الأدنى؟

تحذير حكومي من الفترة المقبلة

ومؤخرا حذّر علي علاوي، وزير المالية العراقي، من “عدم قدرة الحكومة العراقية على استيراد مفردات السلة الغذائية، ودفع مستحقات الغاز الطبيعي للحكومة الإيرانية، بسبب عدم تصويت البرلمان العراقي على قانون الأمن الغذائي”.

ورفضت المحكمة الاتحادية، وهي أعلى سلطة قضائية في العراق، قانون الأمن الغذائي، لأن الحكومة العراقية الحالية هي حكومة تصريف أعمال، ولا يمكنها التحكّم بالإيرادات المالية.

وفي ظل تعطل المشهد السياسي، وعدم تشكيل الحكومة الجديدة، والخلافات القائمة بين مختلف الأحزاب، فإن تشريع قانون الموازنة المالية يبدو صعبا، ما يعني دخول العراق في دوامة كبيرة، قد ترفع من نسب الفقر والبطالة في العراق لمستويات عالية.

ويرى الخبير الاقتصادي محمد جمال أن “الحكومات العراقية المتعاقبة لا تمتلك رؤية وخطة واضحة لمعالجة مشكلة الفقر في العراق”.

لافتا، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “معالجة نسب الفقر تتم عبر خطة طويلة الأمد، من خلال مشاريع استراتيجية لتشغيل العاطلين عن العمل، وهي الخطوة الأولى لخفض معدلات الفقر. كما يجب دعم الشرائح الاجتماعية المتضررة، عن طريق إلغاء الضرائب”.

وبحسب إحصائية حكومية فإن عدد سكان العراق بلغ اثنين وأربعين مليون نسمة، وهي زيادة سكانية حذرت منها الحكومة العراقية، في ظل الافتقار للخدمات الصحية والتعليمية.

ويعدّ الفساد الإداري والمالي واحدا من أهم الإشكاليات التي تعاني منها الدولة العراقية، وتمنع انتعاش الدخل القومي للمواطنين.

هيئة النزاهة البرلمانية، وهي أعلى سلطة عراقية مكلفة بمتابعة الفساد، أكدت أن “هناك عقبات تواجه عملية استرداد الأموال، وملاحقة المطلوبين العراقيين بقضايا فساد خارج البلاد، في الدول العربية والأجنبية”. وربما كان عجز الهيئة عن استعادة أموال البلاد المنهوبة، ومنع المزيد من الفساد، أحد أهم أسباب ازدياد نسب الفقر في العراق.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.