بعد عام 2011 ونتيجة لتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية بشكل عام في سوريا، ارتفعت نسبة الأيتام والفقراء والذين ليس لديهم معيل نتيجة فقدانهم رب أسرهم أو أحد الأبوين خلال السنوات الماضية، وبالتالي دفعتهم هذه الظروف إلى اللجوء لمهنة التسول.

تزايد تواجد المتسولين في شوارع المدن السورية في الآونة الأخيرة، خاصة من قبل الفئات الضعيفة من الأطفال والنساء وكبار السن، وسط غياب أي دور للمؤسسات الحكومية (دار الأيتام ورعاية العجزة) أو أي دور من قبل المنظمات المدنية لرعاية أو تقديم المساعدة لهؤلاء، إلى جانب قلة فرص العمل في البلاد.

لوم واتهام المتسولين

ضمن السياق ذاته، أفادت إذاعة “ميلودي إف إم” المحلية يوم أمس الاثنين نقلا عن قاضي التحقيق الثاني في دمشق محمد خربوطلي، أن يومية المتسول يبلغ نحو 50 ألف ليرة سورية. في إشارة إلى أن هناك أشخاصا يمتهنون مهنة التسول للاستفادة المادية وليس بسبب الفقر أو العجز.

وأضاف خربوطلي، أن يومية المتسول بشكل عام، تتراوح بين 50-30 ألف ليرة، لاسيما من يمتهن هذه المهنة في الأسواق العامة ومراكز المدن.

وأشار إلى أنه في إحدى الحالات التي وردت عام 2013 بلّغ أحد الأشخاص عن فقدان 40 مليون ليرة من منزله الكائن في سوق ساروجة بدمشق، وعند التحقيق معه تبين أن هذا الشخص متسول ويعمل بائع محارم رفقة أولاده تحت جسر الرئيس.

ونوّه خربوطلي خلال حديثه مع برنامج “حوار على النار” على إذاعة “ميلودي إف إم” المحلية، إلى وجود ازدياد بنسب التسول بشكل كبير، كون المتسول المحترف لا يريد العمل ويستسهل هذه المهنة لكسب المال، ومع ذلك هناك أناس يدفعهم الفقر للتسول وهذه الحالات بدأت بالظهور بعد 2011 فيما اقتصر التسول قبل الأزمة السورية على المحترفين والممتهنين لها، وفق قول خربوطلي.

وأردف في حديثه، أنه بعد عام 2011 ظهرت شبكات تقوم بتشغيل الأشخاص بعملية التسول، وأن هناك أشخاصا يقيمون في فنادق بمنطقة المرجة، ويحضرون أطفالهم ويضعون خدع باستخدام المكياج حتى يبدو الطفل ذي عاهة كي يثير التعاطف ويكسب الأموال عبر التسول.

في أواخر شهر نيسان/ أبريل الفائت، نشر موقع “المشهد” المحلي، تقريرا، يتحدث فيه عن انتشار ظاهرة التسول بشكل فاحش في محافظة اللاذقية، وأن هذه الظاهرة لها أهلها ومعتمديها لمناطق محددة ممنوع التعدي على قطاعها، باستثمار رابح لحاجة البعض واستغلال الآخرين، ووصف الموقع المحلي مهنة التسول بـ “من لا يخشى مد يده ويتفنن في الاستجداء والتعاطف”، وأن صاحب الحاجة الحقيقية “عفيف لا يمد يده”، وأن “غلة” المتسول يتراوح بين 100 إلى 150 ألف ليرة سورية.

قد يهمك: تزايد ظاهرة التسول في سوريا.. الشتائم حاضرة لمن لا يدفع!

تبرئة الحكومة!

لكن الإذاعة والموقع المحلي تطرقا في تقريرهما لانتشار ظاهرة التسول وقاما بإلقاء اللوم على المتسولين وأنهم يكسبون مبالغ كبيرة يوميا (هذا في حال المقارنة مع رواتب موظفي الحكومة السورية)، لكنهم لم يتطرقوا إلى أسباب انتشار هذه الظاهرة ودوافع الناس على امتهان هذه المهنة ولم يأخذوا آراء المتسولين وظروفهم.

حيث ووفق مختصين، فإن ظاهرة التسول باتت منتشرة بشكل كبير خلال السنوات الماضية في سوريا، ورغم تفعيل مكاتب مكافحة التسول في مختلف المحافظات السورية، فإن ظاهرة تسول الأطفال والنساء وكبار السن تنامت إلى حد كبير في الأشهر الأخيرة؛ بسبب الفقر وغلاء المعيشة وتدني مستوى الليرة السورية مقابل العملة الأجنبية من جهة، ومن جهة أخرى عدم توافر الأوراق الثبوتية لعدد كبير من الأطفال؛ بسبب فقدانهم الأب، وبالطبع ذلك يحرمهم من الحصول على بعض المساعدات من قبل الجمعيات والمنظمات الإنسانية الخاصة التي تقدم المساعدات الغذائية، وغيرها من حاجات الإنسان الأخرى كالأدوية والألبسة، حتى ولو بنسبة قليلة.

كذلك، وفي ظل الفوضى الأمنية والتهاون القضائي في المؤسسات الحكومية في هذه القضايا، اندفعت بعض العصابات والمافيات لاستغلال عدد كبير من الأطفال الذين ليس لديهم معيل أو مسؤول، عبر تشغيلهم في مهنة التسول، مقابل إعطاء الطفل أو الطفلة مبالغ ضئيلة جدا وتأمين أكله وإقامته ونومه.

هذا ويتزايد معدل الفقر بين السوريين، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة دمشق، حيث يعيش أكثر من 90 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر، بينهم نحو 65 بالمئة في حالة فقر مدقع، بحسب تقارير أممية.

قد يهمك: “مافيات” في دمشق تجبر الأطفال على التسول

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.