معركة خازمة في السويداء تُعتبر أول مواجهة مباشرة بين حكومة دمشق، ممثلة بفرع الأمن العسكري، وفصائل المحافظة الموالية من جهة؛ و”قوة مكافحة الإرهاب”، المدعومة أميركيا من جهة أخرى.

وانتهت المعركة بانتصار ساحق لفرع الأمن العسكري، المدعوم إيرانيا. ما دفع كثيرين للتساؤل عن مستقبل المحافظة الجنوبية بعد هذه المعركة شديدة الأهمية.

وقائع معركة خازمة في السويداء

أحد قادة الفصائل المسلحة المستقلة في المحافظة كشف لـ”الحل نت” تفاصيل معركة خازمة في السويداء، مبينا أن “الأمن العسكري وجد حجة قوية لتجميع قواته ضد قوة مكافحة الإرهاب، بعد أن قام ملثمون مجهولون بتوقيف عنصر تابع للأمن العسكري في الريف الشرقي للمحافظة، وضربه وسرقة سيارته العسكرية، ما دفع دوريات عديدة وفصائل مسلحة للبحث عن السيارة، وحددوا مكانها في قرية تدعى خازمة، وهي تعتبر المركز الرئيسي لقوة مكافحة الإرهاب. فتم تجميع قوة كبيرة، مؤلفة من عناصر الأمن العسكري، ومجموعات عصابة راجي فلحوط، فضلا عن عناصر ميليشيا الدفاع الوطني، للثأر من عناصر قوة مكافحة الإرهاب المتحصنين في القرية”.

وتابع القائد، الذي اشترط عدم نشر اسمه: “بدأت معركة خازمة صباح يوم الأربعاء، الثامن من حزيران/يونيو الحالي، انتهت بعد أربع ساعات، بفرار قوة مكافحة الإرهاب نحو البادية، واقتحام الأمن العسكري للقرية، التي تضررت بيوتها وحرقت محاصيلها، فضلا عن إصابة طفل من أبنائها. أما عن المقاتلين فسقط قتيل وستة جرحى للأمن العسكري، فيما ادعى فلحوط أنه أسر سبعة عناصر لقوة مكافحة الإرهاب، وقتل خمسة، بمن فيهم سامر الحكيم، قائد القوة”.

أحد شيوخ قرية خازمة قال لموقع “الحل نت” إن “يوم المعركة كان أصعب يوم في حياته كلها”. مؤكدا أن “غالبية أهالي خازمة كانت ترفض وجود سامر الحكيم، قائد قوة مكافحة الإرهاب، في القرية، رغم أنه ينحدر منها”.

 وأضاف المصدر، الذي رفض نشر اسمه خوفا على سلامته، أن “القوات الأمنية، التي هاجمت القرية، تعاملت مع ممتلكات المواطنين كأنها غنيمة حرب. فقامت بتعفيش البيوت وسرقتها”.

“مقتل سامر الحكيم لن يمر ببساطة”

صفحات حزب اللواء السوري على الإنترنت، الذي تتبع له قوة مكافحة الإرهاب، نعت سامر الحكيم، ما يؤكد خبر مقتله في معركة خازمة في السويداء. إلا أنها لم تعرّفه بوصفه قائد قوة مكافحة الإرهاب، بل قائد قسم العمليات الخاصة فيها. وقد يعني هذا أن الحزب يسعى لتعيين قائد بديل للقوة، وأنها ربما لم تنته تماما بعد معركة خازمة.

مصدر مقرب من قوة مكافحة الإرهاب أكد لـ”الحل نت” أن “الحكيم طلب من الأردن تأمين خروجه من قريته، قبل المواجهة مع الأمن العسكري، لكن طلبه رُفض، فيما لم تقدم له قاعدة التنف أو فصيل مغاوير الثورة، المدعوم بدوره من الولايات المتحدة، أي مساعدة”.

وتابع المصدر أن “الأوامر جاءت للحكيم بالتحصن في مكانه مع من معه. وهذا كان يعني نهايته الحتمية، وربما أقدم على الانتحار أثناء معركة خازمة في السويداء، كي لا يقع بأيدي أعدائه”.

 مختتما إفادته بالقول: “الحكيم اغتيل أو انتحر. لكن قوة مكافحة الإرهاب ليست حكرا على أحد، وسوف تستمر، ولن يمر مقتله ببساطة، كما يشتهي الأمن العسكري وأعوانه”، حسب تعبيره.

ما موقف الأردن وأميركا من معركة خازمة في السويداء؟

ولكن هل تخلى الأردن والولايات المتحدة فعلا عن الحكيم وقوة مكافحة الإرهاب في معركة خازمة في السويداء؟

المحامي سليمان العلي، المطلع على أوضاع المنطقة، أكد أن “الأردن بدأ يستشعر الخطر الإيراني على حدوه الشمالية مع سوريا، بعد انشغال روسيا بغزوها لأوكرانيا، وتخليها الجزئي عن إدارة ملف الجنوب السوري، فبدأ يعيد حساباته لحماية الحدود من المد الإيراني، الذي يسعى إلى التسلل إلى الأردن من خلال أسلوبين: الأول دعم أذرع مسلحة وميليشيات ومراكز عسكرية، بمساعدة ومباركة من أجهزة حكومة دمشق الأمنية؛ والثاني فتح ممرات وطرقات آمنة، لغزو الأردن وإغراقه بالمخدرات”.

متابعا: “وبناء على هذا سارعت المملكة الأردنية لنشر قواتها على الحدود، والاشتباك مع المهربين. وبدأت فعليا، مع حلفائها الأساسيين، مثل دول الخليج وأميركا، بدراسة سبل تفعيل فصائل وقوى موالية لها في الجنوب السوري. وهو ما دفع المواقع الإعلامية الموالية لإيران للحديث عن إحياء غرفة الموك، التي كانت تدعم الجيش الحر في الجنوب سابقا، ومركزها الأردن”.

ويوضح العلي أن “حزب اللواء السوري وذراعه المسلح، أي قوة مكافحة الإرهاب، كانا أبرز المرشحين للدعم بالنسبة للأردن والولايات المتحدة. وبالتأكيد كانت هناك مشاريع لتسليح القوة وزيادة حضورها على الأرض ، إلا أن تلك المشاريع لم تكن قد بدأت بشكل فعلي، وربما لذلك سارعت القوى الموالية لإيران بالهجوم على قرية خازمة في السويداء، لتستبق الأحداث، وتضيع الفرصة على الأردنيين والأميركيين، في إنشاء ذراع عسكري محلي قوي لهم في الجنوب”.

مقالات قد تهمك: إيران في الجنوب السوري: ما الذي يقلق الملك الأردني من ضعف النفوذ الروسي في سوريا؟

هل انتهت قوة مكافحة الإرهاب بمقتل قائدها؟

المحامي سليمان العلي يرى أنه “بمقتل الحكيم، أثناء معركة خازمة في السويداء، انتهى دوره بوصفه واجهة لفصيل مسلح، وستبدأ القوى الاقليمية بإعادة حساباتها، بعدما لاحظت قوة المد الايراني وتغلغله في الجنوب، وسهولة تحييد أي من القوى المعادية أو الرافضة لوجوده”.

وبناء على هذا يُتوقع العلي “تغلغلا جزئيا للجيش الأردني في بعض المناطق السورية، لملاحقة تجار المخدرات، وقد يسانده سلاح الجو الأميركي. إضافة إلى استمرار دعم بعض الفصائل المتواجدة قرب قاعدة التنف الأميركية، والرافضة للتواجد الإيراني، وعلى رأسها فصيل مغاوير الثورة”.

مختتما حديثه بالقول: “بالتأكيد لن تسمح الولايات المتحدة والأردن لإيران السيطرة ببساطة على الجنوب السوري بعد معركة خازمة في السويداء، ولا بد أن هناك خططا يتم إعدادها الآن، ربما عبر إعادة تجميع ما تبقى من قوة مكافحة الإرهاب، وتقديم الدعم لها. والأيام القادمة ستكشف الكثير”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.