بين فترة وأخرى، تصدر جمعية الصاغة في سوريا تحذيرات من وجود بضائع في الأسواق من دون ختم “دمغة” الجمعية، وتعلم أصحاب الورش وتجار الجملة أنه في حال ضبط هذه السلع فإنها ستعتبر غير نظامية وتعامل على أنها مهربة، إلا إن الضرائب والتهديد بارتفاع الأسعار أديا إلى خلق ظاهرة جديدة في سوريا، وهي بيع الذهب المزور على الإنترنت، فما قصته.

حقيقي أم مزور؟

على مواقع التواصل الاجتماعي، لاقت إعلانات بيع المجوهرات والليرات الملونة بالذهب رواجا بين السوريين، ما دفع بأصحابها إلى اقتراح بيعها بسعر أغلى من سعر الجمعية، الذي يتراوح بين 13 إلى 15 ألف ليرة للغرام الواحد.

من جهته وتعليقا على الموضوع، أوضح رئيس الجمعية الحرفية للصياغة وصنع المجوهرات في دمشق، غسان جزماتي، أن معظم حالات بيع الذهب المزور تظهر خارج دمشق، حيث تباع المجوهرات الذهبية والليرات بأسعار أعلى من سعر الجمعية، تتراوح بين 13 إلى 15 ألف ليرة للغرام الواحد.

وأشار جزماتي، في حديث لصحيفة “الثورة” المحلية، إلى أنه في أغلب الحالات التي تراقبها المؤسسة، يتم البيع في بقية المحافظات، ويكون الدفع بالمقابل، بمعنى أن المشتري لا يحصل على القطعة إلا بعد أن يدفع الأموال لشركة النقل.

ونظرا لأن البائع لا يتوفر إلا عبر حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي قد يغلق بعد إتمام الصفقة ويمكن فتح صفحة جديدة للبيع من جديد، فإن المشتري لا يستطيع التحقق من السلعة واستعادة سعرها إذا كانت مزيفة، حسب ما قاله جزماتي.

قطع مسروقة؟

أسعار الذهب خلال منذ بداية الأسبوع الجاري، شهدت ارتفاعا غير مسبوق، إذ وصل سعر غرام الذهب 21 قيراط إلى 205 آلاف ليرة سورية، في حين يباع غرام من فئة 18 غرام بـ 175714 ليرة، كما بلغت قيمة الليرة الإنكليزي مليون و740 ألف ليرة، وبلغ الأونصة المحلية سعر 7,425 ملايين ليرة.

وحول القطع الذهبية المعروضة على وسائل التواصل الاجتماعي، أفاد جزماتي، أنها إما مزورة بالكامل أو مصنوعة من الذهب منخفض الجودة الذي تم تلوينه بخبرة كبيرة، الأمر الذي يعطيها قيمة أعلى؛ على سبيل المثال، بأن تلون بذهب من عيار 12 أو 14 غرام، ويتم تسويقها على أنها من عيار 21 غرام.

لا سيما وأن المواطن لن يستطيع الحصول على فاتورة حقيقية ومرخصة في مثل هذه الحالات، بحسب جزماتي، ما يعرضه للخطر، إذ إن الفاتورة هي دليل على أن القطعة ليست مسروقة، وهي شرط أساسي لبيع القطع الذهبية في كل مرة.

الجدير ذكره، أن جمعية الصاغة والمجوهرات الصناعية في دمشق، هي من تحدد سعر الذهب الذي يجب على الصاغة المحليين الالتزام به، حيث فرضت منذ تشرين الأول/أكتوبر 2020، على المشتري التوقيع على الفواتير عند الشراء، بحيث تتضمن الفاتورة كافة تفاصيل القطعة الذهبية، مثل الوزن والعيار والسعر، إلى جانب رؤية الزبون بوضوح للقطعة ووزنها على شاشة الميزان.

شعبية للذهب المزور

يعد الذهب في سوريا أساسيا في العديد من المناسبات الاجتماعية والتقاليد والطقوس المحلية إذ لا تكتمل من دونه، إلا أن سعر الذهب محليا والذي يرتبط بالسعر العالمي رغم الفرق بين سعر صرف الليرة الحكومي والسوق السوداء للدولار الواحد، لا يتماشى مع المواطن ودخله القليل، حيث شكل هذا الأمر شعبية للذهب البرازيلي، الذي لا يكلف الكثير ولا يحمل جودة مرتفعة لكنه يبدو وكأنه ذهب حقيقي.

حمى التحول إلى الذهب البرازيلي، وصفه نقيب الصاغة غسان جزماتي، خلال حديثه الأحد الفائت، بأنه هدر للمال، لأنه ليس ذهبا في المقام الأول، بل سبيكة معدنية مكونة من الرصاص والقصدير، الذي يبدو في لمعانه مثل الذهب الخالص، ولكن عديم الفائدة، فيخدع كل من يشتريه.

وأوضح جزماتي، أن الذهب البرازيلي اكتسب شعبية في السنوات الأخيرة، بسبب ارتفاع الأسعار وما ترتب على ذلك من انخفاض في القوة الشرائية لدخل المواطنين، وأشار في معرض حديثه، “على الرغم من حقيقة أن الذهب ليس حقيقي، ولا يمكن استبداله لأنه لا يملك قيمة جوهرية، هناك أماكن معينة تبيعه باسم الذهب البرازيلي”، مبينا بوجوب أن تضع هذه المحال اسم “مجوهرات تقليدية” أو “إكسسوارات”.

الجدير ذكره، أنه في سوريا ليست المرة الأولى التي تكتسح الأسواق أطقم الذهب المزيفة، فقبل عدة أعوام انتشرت بشكل كبير في محال الإكسسوارات بدمشق، أطقم ذهب تحت مسمى “الذهب الروسي”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.