على الرغم من تأثر عمليات البناء وسوق العقارات في سوريا بعدة عوامل مرتبطة بشكل غير مباشر بالهجرة من جهة، وارتفاع أسعار مواد البناء مثل الحديد والأسمنت والوقود من جهة أخرى، فإن الحكومة السورية تضع قوانين غير مدروسة، مما يؤدي إلى عرقلة عمليات البناء وبالتالي تأثيره على الحياة الاقتصادية بشكل عام.

العديد من الشكاوى وردت لمكتب محافظة دمشق نتيجة ارتفاع رسوم تراخيص البناء، وعلى إثر ذلك تم إيقاف معظم أعمال البناء في عموم العاصمة دمشق كون أن رسوم تراخيص البناء تصل إلى مبالغ مرتفعة جدا وبالتالي التسبب في ركود بعمليات البيع والشراء.

تحذيرات وأثر رجعي

صحيفة “الوطن” المحلية نشرت تقريرا اليوم الاثنين، وقالت فيه نقلا عن عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق فيصل سرور، إن “القانون المالي رقم /37/ لعام 2021 صدر بعد مرور نحو 28 عاما على القانون رقم /1/ لعام 1994 الخاص للوحدات الإدارية ويهدف إلى تعزيز الإيرادات المالية للوحدات الإدارية لكي تتمكن من ممارسة دورها التنموي، له إيجابيات وسلبيات ولعل المادة /12/ منه وخاصة في فقرتها الثانية والتي ربطت تراخيص البناء برسـم قـدره واحد بالمئة من القيمة الرائجة للمتر المربع من الأرض واعتبار المساحة الطابقية وفـق قانون البيوع العقارية النـافذ وأربعة أمثال الرسم عن الشرفات والممرات والبروزات هي أحد آثاره السلبية”.

وفيما يتعلق بالأسعار الرائجة للمشاريع قيد الإنشاء التي تصل في بعض الأحيان للأسعار في المناطق الفارهة أوضح سرور أن “الإشكالية بالقانون وهي أن الرسـم تم تطبيقه على عدد أمتار الهواء وليس أمتار الأرض وهنا الطامة الكبرى فالمناطق الجديدة مثل “ماروتا سيتي” منطقة ذات أبنية عاليـة وأبراج وبالتالي عدد أمتارها كبير مثلا (مقسم عدد أمتاره في الهـواء 70 ألف متر) أي سيدفع طالب الترخيص المبلغ على هـذا الأساس وهـذا خطير جدا وباهظ جدا، على حد قوله.

وتابع في حديثه: “يجب تعديل النص التشريعي بأن الأمتار تحسـب على أساس أمتار الأرض مع الأخذ بعين الاعتبار عدد الأمتار الطابقية (الهـواء) أو أن يتم تقسيم الأمتار إلى شرائح مثلا (الطوابق الثلاثة الأولى رسم والثلاثة الثانية رسم آخر وهكذا) لأن الرسم حسب التقييم هـو كبير جدا وسيتم تحصيله قبل البناء وبالتالي سيصعب الأمر على طالب الترخيص الحصول عليه لأنه سيتم دفعه سلفا قبل الترخيص”.

وأشار سرور إلى أن عدد الرخص التي سددت على القانون القديم كبير، كاشفا أنه وعلى القـانون الجديد لم يصدر بعد أي رخصة جديـدة، لافتاً إلى أن عـدد التراخيص حتى الآن حوالي 20 رخصة فقط.

قد يهمك: شقة في حي دمشقي بـ7 مليارات ليرة

توقيف عمليات البناء

وفي إطار الخسائر المترتبة نتيجة توقف الأعمال فـي المشاريع على المقاولين وأصحاب المهن، قال سرور: لا أستطيع حصر الخسائر المادية ولكن أؤكد أن الخسارة المعنويـة هـي الأكبـر لأن أصحاب المشاريع والمقاولين والمهندسين حاليا ومنذ صدور القانون لم يستلموا أو يباشروا بأي رخصة بناء وهذا يؤدي إلى وقف دوران عجلة البناء وإعادة الإعمار والتنمية العمرانية بشكل عام. إلى جانب توقف عمل المئات من العمال والذين يعتمدون على قوت يومهم على هذا العمل.

وحول رصد تداعيات الموضوع وانعكاساته على المستثمرين والأعمال التنفيذية على الأرض، بيّن رئيس فرع نقابة المهندسين في دمشق حسين تينة للصحيفة المحلية، أن كل المشاريع توقفت بسبب الارتفاعات الكبيرة التي شهدتها الرسوم.

وأردف تينة: قفزت الأسعار بشكل كبير، والذي كان يدفع قيمة الرخصة مليوني ليرة أو 5 ملايين أصبحت تكلفه من 150 مليونا إلى 200 مليون ليرة، وبالتالي أدى ذلك إلى عزوف المستثمرين عن الترخيص، منوها أن هذا العام لم يصل إلى فرع النقابة بدمشق سوى رخصتين مقارنة مع أعداد كبيرة وإدخالات كبيرة العام الماضي تقدر بالمليارات، علما أن حصيلة النقابة العام الماضي من المشاريع قدرت بـ 600 مليون ليرة.

أما حول القيم الرائجة، قال تينة: “الأسعار والتكاليف ارتفعت بشكل كبير، لذا لابد من حلول وطريقة من قبل الجهات المعنية”، موضحا: “لم يعدنا أحد بشيء إلى الآن، وفرع النقابة توجه بكتاب بواقع الأمر للنقيب ومنه إلى وزارة الإسكان أو المحافظة أو الإدارة المحلية”.

أسعار كاوية للعقارات

على الرغم من التنبؤ بأن سوق العقارات ومواد الإكساء على موعد جديد مع قفزة أخرى في أسعارها، وذلك بعد أن بدأت الشركات العاملة في الأسمنت المطالبة برفع أسعارها، إثر ارتفاع تكاليف الإنتاج، لا سيما المتعلقة بالطاقة والمواد النفطية، أثار إعلان عن سعر شقة سكنية في دمشق حفيظة الشارع السوري.

لا يزال سوق العقارات السوري على الرغم من الوضع الاقتصادي المتدهور يشكل عامل جذب مهم للعديد من الفئات، فعلى الرغم من عدم استقرار الأسعار التي تتراوح بين هبوط وارتفاع، فإن القيمة الحقيقية للعقارات انخفضت عن فترة ما قبل عام 2011 نتيجة انخفاض سعر الصرف، إلا أنه يشكل ملاذا آمنا برأي الكثيرين، كما أنه بات الوجهة الأبرز للراغبين بتبييض الأموال من أمراء الحرب في سوريا، ما أفرز سماسرة مختصين لتلبية هذه الاحتياجات.

بحسب تقرير لموقع “صاحبة الجلالة” المحلي، نشر الاثنين الفائت، فإن سوق العقارات في دمشق تحكمه مفارقات، فمن جهة يرى البعض أن هناك استمرار في ارتفاع أسعار السوق العقارية رغم تدهور القدرة الشرائية المتآكلة جراء التضخم الحاصل، بينما يرى آخرون، أن الأمر عكس ذلك؛ إذ أن أسعار العقارات انخفضت إلى مستويات كبيرة إذا ما تم تقويمها وفق سعر الصرف.

وأوضح التقرير، أن متوسط سعر الوحدة السكنية ذات المساحة 75 متر مربع في ريف دمشق على سبيل المثال كان عام 2011 ما يقارب الـ1.5 مليون ليرة، أي حوالى 30 ألف دولار وفق سعر الصرف آنذاك والبالغ 50 ليرة، أما اليوم فسعرها بأحسن الأحوال 80 مليون ليرة، أي حوالى 20 ألف دولار وفق سعر صرف السوق السوداء حاليا.

قد يهمك: بيع “الهِبَة”.. حيلة للالتفاف على ضريبة العقارات في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.