الانهيار الذي يفتك بسوريا من كل الجوانب، وخاصة الاقتصادي منها، باتت أسوأ من أي وقت مضى. هذه المعاناة وصلت لدرجة صدور تحذيرات دولية من ضياع جيل كامل من السوريين.

جيل ضائع

“مرصد الاقتصاد السوري” التابع للبنك الدولي، حذر اليوم الخميس من أن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في سوريا قد تؤدي إلى ضياع جيل كامل من السوريين، متوقعا استمرار الظروف الاقتصادية في الغرق بسبب النزاع المسلح الطويل، والاضطرابات في لبنان وتركيا، إلى جانب الحرب في أوكرانيا.

وقال المرصد في تقريره، إن 12 عاما من الصراع في سوريا، أحدثت تأثيرا مدمرا على السكان والاقتصاد، وأدت إلى تدهور البنية التحتية، وتعميق الشيخوخة الديموغرافية، حيث أدى الصراع إلى خفض حجم النشاط الاقتصادي في سوريا إلى النصف بين أعوام 2010 و2019، بسبب تآكل التماسك الاجتماعي، وتدهور الحوكمة، وتقسيم البلاد.

التقرير أكد أن الارتفاع المستمر للفقر المدقع في سوريا وانهيار الأنشطة الاقتصادية، أسفر عن تدهور فرص كسب العيش والاستنفاد التدريجي لقدرة الأسرة على التكيف.

وتوقع التقرير أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لسوريا بنسبة 2.6 بالمئة في عام 2022 إلى 15.5 مليار دولار (بأسعار عام 2015 الثابتة)، بعد أن انخفض بنسبة 2.1 بالمئة في عام 2021، ما يشكل مخاطر كبيرة على آفاق النمو.

قد يهمك:ازدياد نسبة الفقر في سوريا

ازدياد نسبة الفقر

بحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، تشير الأرقام الصادرة عن منظمات الأمم المتحدة ووكالاتها الرئيسية، والتي تُجمع بحسب تقاريرها الدورية وتصريحات مسؤوليها على أن نسبة انتشار الفقر في سوريا تزيد اليوم على 90 بالمئة، وهي نسبة تم استنتاجها إما من خلال الخلاصات المبنية على خط الفقر الأممي البالغ 1.90 دولار للفرد في اليوم، أو من خلال نتائج مسوح الأمن الغذائي للأسر السورية، والتي نفذت بالتعاون مع الحكومة السورية، وآخرها كان في عام 2020.

وتشير التقديرات غير الرسمية إلى أن معدل انتشار الفقر اليوم في سوريا يُراوح ما بين 90 و95 بالمئة، وذلك استنادا إلى الارتفاع غير المسبوق في معدل التضخم خلال عامي 2020 و 2021 والأشهر الأولى من العام الحالي، وفشل السياسات الحكومية في إنعاش العجلة الإنتاجية للبلاد بالشكل والمستوى المطلوبين.

ووفق مراكز بحثية متخصصة، فإن الحديث عن انتشار الفقر بين أكثر من 90 بالمئة من السوريين، أمر موضوعي حسب بعض مؤشرات الوضع الراهن والمتعلّقة بحصة الفرد المتحققة من الاحتياجات الغذائية وغير الغذائية، حيث تُظهر النتائج الرسمية لمسح الأمن الغذائي الذي جرى نهاية عام 2020، أن 8.3بالمئة من الأسر تعاني من انعدام شديد في أمنها الغذائي، و47.2 بالمئة تعاني من انعدام متوسّط، و39.4 بالمئة تتمتع بأمن غذائي مقبول، لكنها معرضة لانعدام أمنها مع أي صدمة، وهناك فقط 5.1 بالمئة من الأسر تم تصنيفها على أنها آمنة غذائيا.

وفي هذا السياق، وعن تأثير القرارات الحكومية غير المسؤولة عما يجري، كانت حكومة دمشق بدأت تدريجيا برفع الدعم عن بعض المواد، منذ منتصف العام الماضي، عندما توالت قرارات رفع أسعار مختلف السلع والخدمات، حتى وصلت إلى قرار إلغاء الدعم الذي صدر في مطلع شباط/فبراير الماضي والذي أدى إلى إفقار شريحة واسعة من السوريين.

وأدت هذه القرارات إلى القضاء على الطبقة المتوسطة في المجتمع السوري، وتحويلها إلى طبقة فقيرة جائعة تبحث عن “لقمة الخبز”، فبات من يملك سيارة أو محل تجاري بسيط يعيش منه، تم سحب الدعم منه، سيضطر هذا المواطن إلى شراء الخبز والمواد الأساسية بأسعار فلكية، سيحوله ذلك إلى مواطن فقير معدوم شأنه شأن من لا يملك شيء، بحسب مختصين لـ”الحل نت”.

إقرأ:كيف سيتأثر الاقتصاد السوري من الحرب الروسية على أوكرانيا؟

العديد من الظروف التي اجتمعت حول السوريين، أدت إلى مواجهتهم لظروف اقتصادية واجتماعية غير مسبوقة من ناحية الانهيار، وإن استمرار الوضع كما هو عليه حاليا سيفاقم المعاناة بشكل أكبر ما يهدد جيلا كاملا بالضياع والانهيار.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.