رافقت الحرب السورية عدة مشاكل وأزمات، على الصعيد السياسي والاقتصادي والبيئي وغيرهم، وكان أبرزها وأخطرها المشاكل الاجتماعية التي تفاقمت بشكل بغيض في السنوات الأخيرة نتيجة تفاقم الأوضاع الاقتصادية وتعاقب الأزمات المعيشية اليومية.

ارتفاع معدلات الجرائم

أصبحت الأرقام والإحصائيات التي نشهدها في الآونة الأخيرة بشأن حجم الجرائم المرتكبة في سوريا بشكل عام، وخاصة في مناطق الحكومة السورية، مصدر قلق وحزن كبيرين.

فتدهور الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد، والارتفاع الجنوني الأخير في الأسعار، والانقباض الخانق الذي تشهده سوريا نتيجة عجز الحكومة في تدبير الحياة اليومية للمواطنين من توفير الكهرباء والمياه والغاز والخبز.

وكذلك تدني مستوى الرواتب وانتشار البطالة والفقر المدقع الذي يرافق المواطنين نتيجة عدة أسباب وأهمها تدهور الليرة السورية مقابل العملة الأجنبية وسوء الخدمات، وكلها بالتأكيد أسباب تؤدي إلى حالات جديدة من العنف بدوافع وغايات عديدة.
 
وقالت أستاذة علم الاجتماع في جامعة دمشق رشا شعبان لموقع “هاشتاغ“، المحلي، ” إن الظروف الاقتصادية الخانقة التي تعيشها الناس تشعر -الرجل خاصة- بالعجز، وهذا يسبب الإحباط والكآبة، وينتج عنه العدوانية.

وأضافت شعبان، أن السائد حاليا هو سرعة الغضب، حيث تجد الرجل كالبركان يكاد ينفجر لأي سبب، وأن عجزه عن تأمين الحياة التي تليق بأسرته يشعره دائما بعدم الرضى عن النفس. وهذه الحالات أوصلت البعض إلى إنهاء حياته وحياة أسرته.

وشهدت سوريا منذ مطلع العام الجديد 2022 زيادة ملحوظة في عدد الجرائم المرتكبة، دون أن يكون للجهات المسؤولة من السلطات دور في الحد من هذه الظاهرة وتفاقمها.

ففي آخر جريمة أعلنت عنها وزارة الداخلية السورية، أقدم شخص يعمل سائقا لدى سيدة في حلب، على قتلها من خلال دس السم لها في العصير، وتبين فيما بعد أنه قام بجريمته بتحريض من ابنة السيدة التي خططت لهذه الجريمة، بهدف مادي بحت.

وتصدرت سوريا قائمة الدول العربية بارتفاع معدل الجريمة، واحتلت المرتبة التاسعة عالميا، للعام 2021. وذلك بحسب موقع “Numbeo Crime Index”، وتستند هذه التصنيفات في ارتفاع معدل الجرائم إلى مؤشرات مختلفة، أهمها مستوى الأمن الاجتماعي للمواطنين، ومستوى الجريمة والسرقة، والنزاع المسلح، والجريمة والتهديدات الإرهابية، وجاء مؤشر معدل الجريمة في سوريا عاليا إذ تجاوز 68,9 نقطة من أصل 120 نقطة، في حين انخفض مؤشر الأمان إلى 31,91 بالمائة.

قد يهمك: في حلب.. قتلت والدتها بعد دس السم في العصير

ارتفاع نسبة الطلاق والترابط الأسري!

وأضافت الاختصاصية الاجتماعية، شعبان، نتيجة الوضع الاقتصادي المأزوم وعدم قدرة الرجل على تحمل تكاليف معيشية أسرته، “أن هذا الحال ينعكس على الترابط الأسري أيضا، لأن الثقافة السائدة تفرض على الرجل أن يتحمل مسؤولية تأمين المصاريف، ولأنه يعجز عن ذلك تشعر الزوجة في الغالب بعدم الرضى عن الحياة معه.

وأن الضغوط الاقتصادية جعلت اللغة السائدة بين الزوجين هي لغة الصراخ بعد غياب الحوار، وهذا أيضا تسبب في رفع نسبة الطلاق في المجتمع، بحسب شعبان وأشارت المختصة الاجتماعية إلى، أسباب نسبة الطلاق والتفكك الأسري “أن غياب حالات الفرح، والعيش في الهم اليومي حتى لتأمين رغيف الخبز، بسبب الخشية من التكاليف، وهذا ما يجعل الأسرة ملازمة دائما للمنزل، تجلس على العتمة بسبب انقطاع الكهرباء الطويل، ما يسبب ظلمة في القلوب، ويحول الحياة إلى انتظار دائم، وفي بعض الأحيان تصل الأضرار إلى المعايير الأخلاقية، وتجاوز الخطوط الحمر”.

على الرغم من أن المشكلات الاجتماعية من الحالات البديهية في أي مجتمع، إلا أن العامل الاقتصادي له دور رئيسي في إثارة هذه المشكلات وتفاقمها، إضافة إلى الضغوط النفسية والاجتماعية، حيث ينتج عنها مواقف عدوانية أو غير أخلاقية في السلوك الاجتماعي للفرد، وهو النتيجة المتوقعة التي تؤكد حجم الضغوط والأزمات التي يمر بها المجتمع سوري كَـكُل.

وبالتأكيد ما يحدث اليوم في البلاد هو خسارة المجتمع معنويا وماديا، وهذا يؤدي إلى هدر الطاقات مما يسبب المزيد من الانقسام والتفكك الذي نشهده يوميا في العلاقات الاجتماعية وخاصة الأسرية وفي سلوك المواطنين وتحركاتهم وتعاملاتهم الاعتيادية.

قد يهمك: مع بداية 2022 ارتفاع عدد جرائم القتل داخل العائلة الواحدة في سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.