في خضم التحديات بين القوى الدولية والإقليمية في سوريا، واستمرار الضربات الإسرائيلية على المواقع الإيرانية في سوريا، والتي اتخذت منعطفا جديدا مؤخرا، تروج روسيا على ما يبدو لعزمها اتخاذ خطوة غير مسبوقة تجاه إسرائيل، فوفق هيئة إعلامية إسرائيلية، فإن روسيا تعد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي، لإدانة الهجوم الإسرائيلي الأخير على مطار دمشق الدولي.

واستهدف الطيران الحربي الإسرائيلي، آنذاك، عددا من المواقع جنوبي العاصمة السورية دمشق، ما أسفر عن إصابة شخص، وذلك في القصف الثاني من نوعه على المنطقة منذ مطلع حزيران/يونيو الجاري.

وتصاعدت وتيرة القصف الإسرائيلي على مواقع في دمشق، حيث أكدت وسائل إعلام محلية، قصف القوات الإسرائيلية مبنى الصالة الثانية لمطار دمشق الدولي وتسبب بأضرار مادية، ونتيجة لهذه الأضرار تم تعليق الرحلات الجوية القادمة والمغادرة عبر المطار حتى إشعار آخر، كما وأدى أيضا لتعطيل حركة الاستيراد والتصدير التي تعتمد في بعضها على الشحن الجوي، ولاسيما في الشحنات “الخفيفة” والمستعجلة.

قد يأتي الإجراء الروسي الجديد تجاه إسرائيل في مجلس الأمن على خلفية توقيع اتفاقية بين إسرائيل ومصر والاتحاد الأوروبي لتزويد الأخير بالغاز الطبيعي، مما يجعل خيار الاعتماد الأوروبي على روسيا في مجال الطاقة ضئيلا.

في ضوء ذلك تثار تساؤلات حول مدى احتمالية حدوث تصعيد روسي إسرائيلي في سوريا، وكذلك حول الأسباب التي تدفع روسيا لأن تتخذ مثل هذه الخطوة، خاصة وأن هناك تنسيق مسبق بين الجانبين بخصوص الضربات الجوية الإسرائيلية على سوريا، كما يجدر التساؤل حول التوقعات التي قد يشهدها الملف السوري خلال الفترة المقبلة، وسط توترات سابقة بين الجانبين الروسي والإسرائيلي.

سيناريوهات مختلفة

في سياق التصعيد بين الجانبين الروسي الإسرائيلي، قالت هيئة البث الإسرائيلية “كان”، إن روسيا تعد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي، لإدانة الهجوم الإسرائيلي الذي تسبب بخروج مطار دمشق الدولي عن العمل، قبل أكثر من أسبوع.

وأردفت “كان”، اليوم الأحد، أن “مسودة القرار اعتبرت أن الضربة الإسرائيلية تخالف القانون الدولي، وتقوض الاستقرار الإقليمي، وتنتهك السيادة السورية وسيادة الدول الأخرى، في إشارة إلى المجال الجوي الذي انطلق منه الهجوم”.

من جانبهم، أكد مسؤولون إسرائيليون، أن روسيا تعمل على القرار لكنهم شككوا في أنه سيحصل على دعم كاف لتمريره. ضمن هذا الإطار، يرى المحلل السياسي الروسي، ديمتري بريجع، أن “توتر العلاقات الإسرائيلية الروسية بدأ عقب اتهام وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، روسيا بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا، فيما زادت حدة التوتر في الأيام الماضية إثر تصريحات لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف”.

ووفق اعتقاد المحلل السياسي الروسي الذي تحدث لموقع “الحل نت”، فإن “العلاقات الروسية الإسرائيلية تمر بمراحل مختلفة، كما هو الحال بالنسبة للعلاقات الروسية التركية بسبب اختلاف وجهات النظر والسياسات الخارجية للدول”.

وأضاف بريجع في حديثه، بأن “هناك سيناريوهات كثيرة للتعاون الروسي الإسرائيلي في الملف السوري؛ أولا إسرائيل وروسيا يمكنهما العمل في الملف السوري بغض النظر عن وجهة النظر المختلفة للبلدين فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا. ثانيا يمكن أن تقوم روسيا بتغيير وجهة نظرها حول دور إيران في سوريا، لأن هناك تصادما بالأساس بين رؤية موسكو ورؤية طهران المختلفتين للملف السوري”.

وخلص بريجع حديثه بالقول: “برأيي أن انتخابات الكونغرس الأميركي و تأثير الصراع الروسي الأوكراني على القرارات الدولية يمكن أيضا أن تؤثر على العلاقات الروسية الإسرائيلية، لأن إسرائيل ليست بعيدة عن السياسات الدولية وقرارات الولايات المتحدة الأميركية التي تؤثر على سياسات وقرارات الدول الأخرى”.

وكان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، قد استدعى السفير الإسرائيلي في موسكو، ألكسندر بن تسفي، للتعبير عن قلق موسكو بشأن الغارة على مطار دمشق، منوّها إلى أن التبرير الإسرائيلي بخصوص الضربة “غير مقنع”، وأن موسكو تتوقع إيضاحات إضافية.

قد يهمك: خلافات روسية إسرائيلية متوقعة.. ماذا عن سوريا؟

أسباب التصعيد المرجحة

وسعت أوروبا مؤخرا، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، لتقليل اعتمادها في مجال الطاقة على روسيا، إزاء ذلك وقعت كل من إسرائيل ومصر والاتحاد الأوروبي، يوم الأربعاء الماضي، اتفاقية لتزويد الاتحاد بالغاز الطبيعي.

وقالت وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار، في تغريدة على منصة “تويتر”، إنه تم توقيع اتفاقية مع مصر والاتحاد الأوروبي لتزويد الأخير بالغاز الطبيعي الإسرائيلي.

في الإطار ذاته، تعمل إسرائيل جاهدة لتكون قادرة على تصدير بعض موارد الغاز البحرية الضخمة إلى أوروبا التي تسعى للاستغناء عن مشترياتها من الوقود الأحفوري الروسي.

وإزاء هذه الاتفاقية، بين مصر وإسرائيل والدول الأوروبية، تثار عدة تساؤلات حول تدهور العلاقات الروسية الإسرائيلية في سوريا، خاصة بعد الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا والإدانات الروسية حيال ذلك.

وبحسب مراقبون، طالما أن التوتر بين الطرفين لا يزال محدودا وفي إطار التصريحات والادانات السياسية فقط، فإنه من المرجح ألا يخرج إلى مستويات أعلى من ذلك، وبالتالي قد لن تحدث تطورات وتصعيدات أكبر من الأطر السياسية، ولا شك أن إسرائيل تناور بين الطرفين، فهي تحاول الحفاظ على مصالحها من خلال استمرار دعمها من الغرب، وفي نفس الوقت لديها مصلحة كبيرة مع روسيا في سوريا، وهذا ما يرجح أن تبقي إسرائيل توازنها مع الطرفين قدر المستطاع.

لكن محللون آخرون يرون أن مسارات تغيير المواقف والخطط الاستراتيجية ممكنة في سوريا في أي لحظة، طالما أن التوترات مستمرة على الساحتين الدولية والإقليمية. لا شك أن هذه التصادمات الدولية لا يدفع ثمنها إلا السوريين، وسط رفض حكومة دمشق المضي لتفعيل القرار الدولي 2254 وتعنتها في إحداث أي سبل حل سياسي جاد.

قد يهمك: تنافس روسي إيراني على مطار دمشق.. ماذا عن مطار حلب؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.