خلال الفترة الماضية، برزت عدة دول وفي مقدمتهم مصر، للقيام بدور رئيسي بديلا عن الغاز الروسي لتأمين احتياجات عدد من الدول الأوروبية.

وسعت أوروبا مؤخرا، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، لتقليل اعتمادها في مجال الطاقة على روسيا، إزاء ذلك وقعت كل من إسرائيل ومصر والاتحاد الأوروبي، اليوم الأربعاء، اتفاقية لتزويد الاتحاد بالغاز الطبيعي.

اتفاقية ثلاثية

في هذا الصدد، قالت وزيرة الطاقة الإسرائيلية كارين الحرار، في تغريدة على منصة “تويتر”، إنه تم توقيع اتفاقية مع مصر والاتحاد الأوروبي لتزويد الأخير بالغاز الطبيعي الإسرائيلي.

ووفق بيان لوزارة الطاقة الإسرائيلية، فإن مدة اتفاقية الغاز مع الاتحاد الأوروبي تستمر ثلاث سنوات، مع تمديد تلقائي لعامين آخرين، وفقا لتقارير صحفية.

ويبدو أن هذه الاتفاقية جاءت نتيجة قرب مصر وإسرائيل الجغرافي للدول الأوروبية، فضلا عن توفر علاقات تجارية وثيقة مع أوروبا، وخطوط أنابيب الغاز الموجودة، واحتياطيات كبيرة من الغاز والبنية التحتية الحالية، مثل محطات تسييل الغاز ومحطات التصدير.

وقالت الحرار في مقطع فيديو نشر خلال حفل التوقيع، بالعاصمة المصرية، القاهرة: “اليوم نصنع التاريخ، اليوم التزمت إسرائيل ومصر لمشاركة غازنا الطبيعي مع أوروبا والمساعدة في حل أزمة الطاقة”.

وأضافت: “للأسف فإن مذكرة التفاهم توقع بسبب غزو روسيا لأوكرانيا، الذي تسبب بأزمة طاقة كبيرة لأصدقائنا في أوروبا.. مذكرة التفاهم تظهر أننا نسير في مسار جديد من الشراكة والتضامن والاستقرار”.

من جهته، قال طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية المصري: “اليوم يمثل تاريخا هاما لنا جميعا، هو يمثل خطوة في التعاون بين مصر وإسرائيل والاتحاد الأوروبي، وأحد المعالم الهامة التي جاءت تحت مظلة منتدى غاز الشرق الأوسط”.

وأضاف الملا، “اليوم يمثل معلما هاما للنمو والتعاون وتوثيق العلاقات في منطقتنا، وخاصة بين مصر وإسرائيل وأوروبا.. وأعتقد أن المزيد من التعاون سيأتي بين كل دول منتدى غاز الشرق الأوسط”، وفق تقارير صحفية.

من جانبها، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون در لاين: “أرحب بشدة بتوقيع هذا الاتفاق التاريخي بين إسرائيل ومصر والاتحاد الأوروبي، إنها فرصة لأمن الطاقة وللتعاون الإقليمي والتعاون يخلق الأصدقاء والأصدقاء يحافظون على السلام”.

يذكر أنه منذ 24 شباط/فبراير الفائت، قامت روسيا بغزو جارتها الغربية أوكرانيا، مما أضر بقطاعي الطاقة والغذاء على مستوى العالم، ودفع عواصم عديدة إلى فرض عقوبات اقتصادية ومالية ودبلوماسية على موسكو.

قد يهمك: تصعيد روسي ضد إسرائيل في سوريا.. ما حقيقة ذلك؟

تدهور العلاقات الروسية- الإسرائيلية في سوريا

في السياق ذاته، تعمل إسرائيل جاهدة لتكون قادرة على تصدير بعض موارد الغاز البحرية الضخمة إلى أوروبا التي تسعى للاستغناء عن مشترياتها من الوقود الأحفوري الروسي.

وبحسب التقديرات والمعطيات، فإن احتياطيات إسرائيل من الغاز تبلغ تريليون متر مكعب على الأقل، ومن المتوقع ألا يزيد إجمالي الاستخدام المحلي على مدى العقود الثلاثة المقبلة على 300 مليار متر مكعب.

وإزاء هذه الاتفاقية، بين مصر وإسرائيل والدول الأوروبية، تثار تساؤلات حول مدى تدهور العلاقات الروسية- الإسرائيلية في سوريا، خاصة بعد الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على سوريا والإدانات الروسية حيال ذلك.

وبخصوص مدى احتمالية تغيير شكل العلاقات الروسية الإسرائيلية في سوريا، يعتقد الأكاديمي والمحلل السياسي المصري، سامح مهدي، أنه لا تغيير في شكل العلاقة، على الأقل خلال الفترة الحالية والمقبلة إلى حد ما، وأن تصريحات موسكو حول الغارة الإسرائيلية الأخيرة على دمشق ليست سوى تبادل إجرائي، مثلما صوتت تل أبيب قبل أيام على قرار تعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، نتيجة تصعيد موسكو في أوكرانيا.

ووفق تقدير المحلل السياسي، الذي تحدث في وقت سابق لموقع “الحل نت”، فإن إسرائيل من جهتها ستكثف في المرحلة المقبلة ضرباتها على سوريا من أجل إبطاء عملية التمدد الإيراني ووقف نشاطه، وهو ما يتم برضى وقبول روسي لأنه يحقق لها مصلحة استراتيجية في إطار المنافسة بينهما في سوريا، لذا فالعلاقة بين موسكو وتل أبيب لن تكون خارج إطار البيانات والتصريحات الإجرائية، على حد وصفه.

وبحسب مراقبون، طالما أن التوتر بين الطرفين لا يزال محدودا وفي إطار التصريحات والإدانات السياسية فقط، فلن يخرج إلى مستويات أعلى من ذلك، وبالتالي لن تحدث تطورات وتصعيدات أكبر، ولا شك أن إسرائيل تناور بين الطرفين، فهي تحاول الحفاظ على مصالحها من خلال استمرار دعمها من الغرب، وفي نفس الوقت لديها مصلحة كبيرة مع روسيا في سوريا، وهذا ما يرجح أن تبقي إسرائيل توازنها مع الطرفين قدر المستطاع.

قد يهمك: قصف إسرائيلي على دمشق بخسائر عسكرية معلنة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.