خلال الأسبوع الماضي، وبعد رفع البنك الفيدرالي الأميركي سعر الفائدة ضمن إجراءاته لمكافحة التضخم، دق المستورون والمصدرون في سوريا ناقوس الخطر، بسبب الانخفاض السريع في قيمة العملة السورية مقابل الدولار الأميركي، إذ كان يُنظر إليهم سابقا على أنهم مستفيدون من ضعف الليرة.

استقرار مخيف

تراجعت العملة المحلية (الليرة) إلى مستوى 4010 ليرة مقابل الدولار للمرة الأولى منذ ما يقرب من عامين، مما زاد من المخاوف في جميع أنحاء البلاد ولا سيما على المستوى الاقتصادي، وعلى الرغم من استقرار الليرة بشكل طفيف منذ أمس بفضل التدخل المفترض للسلطات، بعد وصول شاحنات النفط الإيرانية، لم يستبعد المحللون احتمال انخفاض قيمة العملة السورية إلى مستوى 4100 ليرة على المدى القصير، بالنظر إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي مستعد لرفع قيمته معدل السياسة النقدية مرة أخرى الشهر المقبل.

خيمت حالة من الهدوء على حركة أسعار العملات الأجنبية في سوريا، منذ أمس السبت وحتى اليوم الأحد، في ظل عطلة نهاية الأسبوع بالأسواق المالية.

ووفقا لموقع “الليرة اليوم”، فقد ثبت سعر اليورو في سوريا، خلال تعاملات السوق السوداء، مسجلا نحو 4177 ليرة للشراء، و4219 ليرة للبيع، بتطابق مع أسعار إغلاق الجمعة الفائت.

كما حافظ سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية خلال تداولات اليوم الأحد، على استقراره في عموم المحافظات السورية ما عدا إدلب، حيث استقر سعر صرف الدولار في دمشق وحلب، عند سعر شراء يبلغ 3975، وسعر مبيع يبلغ 4010 ليرة للدولار الواحد.

بالنسبة إلى إدلب، فقد ارتفع سعر صرف الدولار بنسبة 0.25 بالمئة، ليستقر عند سعر شراء يبلغ 3950، وسعر مبيع يبلغ 3990 ليرة للدولار الواحد.

فيما بلغ سعر غرام الذهب من عيار 21 في دمشق 205,824 ليرة للمبيع و204,028 ليرة للشراء، بينما سجل في حلب سعر 205,568 ليرة للمبيع و203,771 ليرة للشراء، ووصل في إدلب إلى 204,798 ليرة للمبيع و202,745 للشراء.

المستثمرون في ورطة

على مر السنوات السابقة، وبعد انخفاض قوة الليرة السورية، بات السوريون يفضلون صرف العملات الأجنبية، وخاصة الدولار إلى العملة المحلية، في السوق السوداء لأن معدل التحويل أعلى بكثير مما يقدمه البنك المركزي، ومحال الصرافة الرسمية.

وبما أن البنك المركزي، لا يعترف بالسوق الموازية “السوق السوداء”، إذ يختلف سعر الصرف الموازي سعر السوق السوداء دائما عن السعر الرسمي، فإن ذلك يؤثر على سعر الصرف بين الدولار الأميركي والليرة بشكل كبير على الاقتصاد السوري.

فمع انخفاض قيمة الليرة، سيطر التضخم على الاقتصاد، والذي أثر بدوره على السكان، حيث صرح البنك المركزي السوري أن الاقتصاد السوري يحتاج إلى تحول كبير وطلب من الاقتصاديين العمل لتحقيق هذا الهدف، مثل زيادة الصادرات.

إلا أنه مع ذلك، أدى انتقال البلاد إلى اقتصاد مستورد بشكل أكبر على المواد الخام من بلدان أخرى، مما جعلهم أيضا عرضة للسقوط، حيث أظهر مسح ربع سنوي أجرته رابطة التجارة الدولية أن 84.9 بالمئة من المصدرين، اختاروا ارتفاع أسعار المواد الخام كواحدة من الصعوبات التي من المحتمل أن يواجهوها خلال الربع الثاني من هذا العام.

بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت نسبة المصدرين الذين يختارون تقلب سعر الصرف الأجنبي كصعوبة محتملة إلى 32.7 بالمئة ، بزيادة 10 نقاط مئوية عن الربع السابق، مما يشير إلى أن ضعف الليرة تؤثر بشكل أكبر على المصدرين.

سوق اقتصادي لـ“المعتّرين” والفاسدين

ساهم تفاقم الأزمات الاقتصادية والمعيشية في سوريا، في تنامي ظاهرة “اقتصاد الظل“، ذلك مع تراجع دور القانون والمؤسسات الحكومية، في إدارة الاقتصاد وانتشار الفساد، واتجاه الكثير من السوريين إلى سياسة “النجاة الفردية” بحثا عن أي فرصة لتحقيق دخل يكفي أدنى متطلبات الحياة.

“اقتصاد الظل” بحسب مختصين، هو كل  نشاط اقتصادي غير قانوني سواء كان يمس مسائل مشروعة من الناحية الأخلاقية والنظامية العامة أو غير مشروعة، أي مجمل الأنشطة التي لا تتم تحت مظلة القانون وشفافيته.

صحيفة “البعث” المحلية اعتبرت في تقرير لها نشر الأربعاء الفائت، أن هذا الاقتصاد ملجأ لـ“المعتّرين” وصغار الكَسَبة، مشيرة إلى أنه “أيضا ساحة واسعة لكبار المحتكرين والفاسدين“.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا القطاع ليس بجديد على سوريا، وهو موجود قبل عام 2010، لكن بنسبة لم تكن تتجاوز 30 بالمئة، وبالتالي وجد في سنوات الأزمة بيئة خصبة ليتمدد ويتجاوز الـ 90 بالمئة بحسب تقديرات اقتصادية، والمئة بالمئة كما يرى الخبراء.

الجدير ذكره، أنه دفعت عدة عوامل لتضخم الأسعار العالمية إلى مستويات لم نشهدها منذ أربعة عقود، فالتدخلات النقدية غير المدروسة أثناء انتشار وباء “كورونا“، صاحبها هبات المالية، أدت إلى تسونامي من النقد، مما أدى إلى ارتفاع غير عادي في الأسهم وأسعار العقارات.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.