بشكل دوري ومع كل موجة ارتفاع لأسعار المواد الغذائية في سوريا، يطلق مسؤولو الحكومة وعودا تتعلق بانخفاضٍ وشيك في الأسعار، ويتحدثون عن مبرّرات لهذا الانخفاض في المرحلة القادمة، وما أن يأتي موعد تنفيذ هذه الوعود حتى تشهد الأسعار قفزاتٍ جديدة، فيخرج المسؤولون ليطلقوا تبريرات جديدة تناسب المرحلة.

على مدار الأشهر القليلة الماضية، كانت الحكومة السورية تتحدث عن انخفاض وشيك في أسعار لحم الدجاج، وذلك بعد الارتفاعات المتكررة التي شهدتها المادة خلال فصل الصيف، حيث بلغت نسبة الارتفاع نحو 300 بالمئة، وسط ادعاءات بعدم توفّر الأعلاف وبعض المواد.

خلال الفترة الماضية شهِد قطاع الدواجن حالةً من الفوضى غير المسبوقة، نتيجة نفوق عدد من أفواج الدواجن، فضلا عن الارتفاع الكبير في تكاليف الإنتاج وخروج عدد من المربّين من خطوط الإنتاج نتيجة خساراتهم المادية المتتالية.

مبررات جديدة!

تقرير لصحيفة “الوطن” المحلية، أفاد أنه مع “استقرار حالة الطقس مؤخراً وبدء إنتاج الذرة الصفراء المحلية التي تُعتبر بديلاً من الذرة المستوردة وأقل سعراً، من شأن ذلك أن يكون سببا في انخفاض أسعار الفروج وأجزائه أو على أقل احتمال أن تستقر أسعارها، لكن ما يحصل هو أن سلسلة الارتفاعات تتوالى يومياً والأسعار تتغير بين يوم وآخر ناهيك عن الفروقات في الأسعار بين محل وآخر”، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول أسباب هذا الارتفاع.

بحسب الوعود الحكومية، فإن توفّر الذرة الصفراء يعني انخفاضا لمنتجات الدواجن، لكن عضو لجنة مربّي الدواجن مازن مارديني، أشار إلى أن توفّر الذرة الصفراء في السوق وتحسّن الطقس، ليست أسبابا كافية لانخفاض الأسعار، حيث ما يزال قطاع الدواجن يواجه مشكلة انخفاض الإنتاج بشكل كبير نتيجة استمرار نسبة من المربّين في الإحجام عن التربية بسبب الخسائر الكبيرة التي تكبّدوها خلال الفترة الماضية.

خروج المربّيين من قطاع الإنتاج، كان لعدة أسباب أبرزها عدم إقدام الحكومة لتوفير الدعم اللازم من أجل مساعدة المنتجين على الارتفاعات المتتالية لتكاليف الإنتاج، الأمر الذي أدى إلى تخوّف قسمٍ واسع من المربّيين من العودة إلى العمل.

قد يهمك: في تراجع مستمر.. بماذا تبشر السوريين موازنة 2024؟

أسواق دمشق سجّلت مؤخرا نحو 35 ألف ليرة سورية، لكيلو الفروج الحي، فيما بلغ سعر كيلو الشرحات بين 70 و75 ألف ليرة، وتراوح سعر الدبوس بين 40 و43 ألف ليرة، وسعر كيلو الكستا بين 42 و45 ألف ليرة، وتجاوز سعر كيلو السودة 50 ألف ليرة.

الحكومة بين المنتج والمستهلك

وبعيدا عن قطاع الدواجن، فقد أصدرت الحكومة السورية قرارا بالموافقة على توصية اللجنة الاقتصادية المتضمنة تأييد مقترح وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، بتمديد العمل بتوصية اللجنة الاقتصادية حول إيقاف تصدير مادة بطاطا الطعام ليصبح حتى نهاية شهر آذار/مارس من العام القادم.

تمديد فترة وقف التصدر تأتي في محاولة من الحكومة تخفيض سعر المادة في الأسواق المحلية، لكن ذلك أدى إلى ارتفاع أصوات المزارعين الذين يلجؤون للتصدير من أجل تعويض تكاليف الإنتاج، وفي حال استمرار منع التصدير فإنهم سيلجؤون لرفع الأسعار على المستوى المحلي، وبالتالي نعود لذات المشكلة الناتجة عن القرارات الحكومية.

تخبطٌ كبير تعيشه الحكومة اليوم بين توفير المواد الغذائية بأسعار تناسب إلى حدّ ما متوسط دخل الفرد في سوريا، وبين السماح لمنتجي هذه المواد بتحقيق ربح معقول، وهنا يتكشف بشكل واضح العجز الحكومي التام عن تحقيق التوازن بين الأمرين.

مع اقتراب فصل الشتاء، بدأت بعض الجهات تحذّر من الغلاء الكبير الذي قد يضرب أسعار الخضار والفواكه، مع بدء انخفاض درجات الحرارة، خصوصا في ظل ارتفاع تكاليف زراعة الخضار، بعد رفع الدعم الحكومي عن المشتقات النفطية، إذ إن زراعة الخضار في فصل الشتاء تحتاج لتكاليف أعلى.

تقرير لموقع “بي تو بي” المحلي، نقل عن بعض الفلاحين توقّعاتهم، بارتفاع قادم في أسعار مختلف الخضار التي تُباع عادة خلال فصل الشتاء، وذلك مع بدء التحضير للموسم الزراعي المقبل للزراعات المحمية، حيث يتم تجهيز البيوت وزراعة الشتول المطعّمة وتحضير البذور والسماد وتعقيم الأرض وتحضير شرائح النايلون.

بحسب ما أكده الفلاحون، فإن “أسعار المستلزمات الزراعية تضع العقل في الكف والكثير من الفلاحين يمتنعون عن الزراعة أو يقلّلون زراعة عدد البيوت المحمية، نتيجة ارتفاع الأسعار، ومن المتوقع أن يتجاوز سعر كيلو البندورة الـ 10 آلاف ليرة سورية، حتى يتمكن المزارع من تسديد ثمن المستلزمات فقط ومن دون أن يربح”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.
0 0 أصوات
قيم المقال
Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
مشاهدة كل التعليقات