سندات الخزينة وسيلة النظام الجديدة لكبح سعر الدولار وانعاش الاستثمار “الميت”

سندات الخزينة وسيلة النظام الجديدة لكبح سعر الدولار وانعاش الاستثمار “الميت”

محمد عوض-دمشق:

يسعى #مصرف_سوريا_المركزي، وكذلك الحكومة منذ بداية الحرب السورية إلى السيطرة على سعر #الدولار بمختلف الوسائل والطرق والتي بدأها بجلسات تدخل لضخ الورقة الخضراء في السوق وبتنفذ حملات اعتقال ضد #شركات_الصرافة والمضاربين في السوق، وإغلاق صفحات أسعار صرف العملات على مواقع التواصل الاجتماعي بحجة دورها الكبير في رفع #سعر_الصرف.

 

لكن هذه الوسائل لم تجد نفعاً حيث واصل الدولار ارتفاعه إلى أن وصل لحدود 650 #ليرة_سورية، ليعود بعدها ويستقر عند حدود 500 ليرة.

وسيلة جديدة

فشل البنك المركزي والحكومة في ضبط سعر الصرف، دفع #هيئة_الأوراق_المالية لدى النظام إلى إعداد دراسة حول السندات المالية وأهميتها كقنوات استثمارية ذات مخاطر منخفضة جداً، وفي الوقت ذاته تؤمّن مصادر تمويل مناسبة لكل الجهات وتوقف نزيف الليلة.

ووفقاً لما نشرت صحف النظام، فإن الدراسة المذكورة أرسلت إلى الحكومة، وطلب توجييها إلى المصرف المركزي ووزارات و #وزارة_المالية و #الاقتصاد و #التجارة_الداخلية، وإلى #سوق_دمشق_للأوراق_المالية، من أجل النقاش وبيان الرأي فيها، وفي طرح السندات المالية بشكل عام.

ما هي السندات المالية؟

السندات الحكومية بالتعريف، هي أداة من أدوات الدين قصيرة الأجل تصدرها الحكومة لغرض الاقتراض، وتعد تعهداً من الحكومة بدفع مبلغ معين في تاريخ استحقاق الأذن، لذلك تأخذ صفة الورقة التجارية، وهي تصدر بفترات استحقاق تتراوح بين ثلاثة أشهر وستة أشهر واثني عشر شهراً.

ولا تحمل السندات، سعر فائدة محد، وإنما تباع بسعر خصم يقل عن قيمتها الاسمية، على أن يسترد مشتريها قيمتها الاسمية في تاريخ الاستحقاق.

وتتمثل الفائدة التي يحصل عليها المقرض في الفرق بين ما دفعه عند شراء الإذن وبين قيمته الاسمية التي يحصل عليها في تاريخ الاستحقاق، ويتم بيع السندات عن طريق المزاد، حيث يقوم البنك المركزي في الدولة التي تصدر أذن الخزانة، بعرضه على المستثمرين الذين هم في العادة من المؤسسات المالية الكبيرة كالبنوك التجارية وشركات التأمين وشركات الاستثمار وغيرهم من المتاجرين بتلك الأدوات المالية، ويتم بيعها لمن يقدم أعلى سعر ثم الأقل حتى يتم تغطية كامل قيمة العطاء الحالية.

أول طرح “سوري” للسندات

ويعد تفكير النظام بطرح السندات المالية ليس جديداً، لكنه لم يطرح في الأزمة، وكان العام 2010 أول مرة يعقد فيها مركزي النظام مزاداً لبيع سندات الخزينة، حيث قام حينها ببيع سندات لأجل ثلاثة وستة أشهر تدفق خلاله بقيمة 1.990 مليار ليرة، حصلت عليها بنوك حكومية، ثم أعاد العملية مرة أخرى في ذات العام من خلال 3 مزادات.

دوافع الإصدار

محلل اقتصادي من دمشق وفي تصريح لموقع #الحل_السوري (فضل عدم الكشف عن اسمه)، “وجد في طرح السندات وسيلة من قبل الجهات الحكومية لطمأنة السوق، لكنه لن يحقق شيء في ظل عدم ثقة المستثمرين بالوضع الاقتصادي، لا سيما مع فقدان الليرة السورية لقيمتها، وعدم وجود بارقة أمل لذلك”.

بدوره، رئيس #مجموعة_عمل_اقتصاد_سوريا الدكتور أسامة قاضي، وفي لقاء مع موقع الحل السوري قال، “تلجأ الحكومات عادة للاستدانة محليا أو دولياً من أجل تمويل برامجها التنموية وضبط العرض النقدي، وتتحاشي ما أمكن طباعة عملتها لما لها من تاثيرات تضخمية، وذلك بطرحها سندات أو أذونات خزينة يعتبر  بمثابة دين عليها لقاء فائدة محددة، وهي تعد من الأدوات المالية المعتمدة في معظم دول العالم، يلجأ المستثمرون لشرائها لأنها أكثر أماناً وأقل مخاطرة”.

وتابع القاضي ” لكن عوائدها عادةً تكون أقل من أي أداة مالية أخرى (السندات الأمريكية حوالي 1.5 بالمائة فائدة لعشر سنوات، السندات العراقية 6%)، ولكنها الأكثر أماناً تبعاً لمكانة الدول الاقتصادية، لذلك تجد أن الصناديق السيادية للدول تلجأ لشراء سندات خزينة لدول موثوق باستقرارها ونضجها نظامها الاقتصادي، فسندات الخزينة الأمريكية ثلثها مملوك من دول أجنبية من مثل الصين واليابان وغيرها”.

وبحسب القاضي، “هناك شركات عالمية ذات سمعة عالية مثل ستاندر آند بورس وفيتشز وموديز وغيرها تقوم على تصنيف دول العالم من حيث الملاءة الائتمانية يستعين به المستثمرون لتحديد أوعيتهم الاستثمارية من تلك السندات الحكومية، ويتم ترتيبها وفقا لعلامات من درجة أأأ (أعلى الدرجات الائتمانية كاستراليا والإمارات  وسويسرا وكندا)  إلى  درجة س س س (أدنى درجات الثقة الائتمانية  كفنزويلا وزيمبابوي والموازمبيق)”.

واعتبر رئيس مجموعة اقتصاد سوريا أن “واقع الحال أن سوريا ليس لها تصنيف استثماري أو ائتماني، وخارج أي تصنيف دولي للملاءة، فكيف سيثق أي مستثمر في العالم باقتصاد بعيد عن الحركة الاقتصادية العالمية فضلا عن أنه في أعلى حالة من عدم الاستقرار؟”

لاقيمة للطرح

ورأى القاضي، ” أنه لاقيمة يعتد بها لطرح أية سندات حكومية للبيع في ظل الظرف السوري السياسي والأمني والاقتصادي الحالي، لأن شراء تلك السندات مرهون بدرجة الأمان التي تقدمه للمستثمر، أما في بلد يعيش أكبر كارثة اقتصادية وأمنية في العالم، وبالتالي لايمكن والظروف الاقتصادية بهذا السوء أن يثق به أي مستثمر بالاستثمار أو شراء سندات لحكومة”.

وبحسب القاضي، “أي طرح لسندات مالية حكومية في هذا الظرف هو نوع من العبث السمج، وجزء من الحرب النفسية الحكومية وذلك بغية إرسال رسالة سياسية مكشوفة محلياُ ودولياُ ومفادها المحاولة اليائسة للايحاء للموالين للنظام  ولدول العالم أن الأمور مستقرة، والحكومة تقوم بمهامها كأي بلد مستقر”.

وأشار إلى أن ” نتيجته ستكون مثل تجربة طرح سندات الخزينة الحكومية السورية قيمتها خمسة مليارات ليرة سورية لتمويل مشاريع تنموية في الشهر السادس عام 2011حيث قام وقتها وزير مالية النظام محمد جليلاتي بعد أيام في 13/6/2011 بإلغاء طرح سندات الخزينة والحجة في وقتها، عدم الحاجة للسيولة، وكان التبرير مضحكاً، فلو كانت الحكومة ليس لديها حاجة للسيولة لماذا طرحته اصلاً؟”.

وتابع “الجواب هو أنه لم يتقدم مستثمر لاحكومي ولافردي في رأسه عقل على شراء سندات حكومة قام شعبها بثورة عمرها ثلاثة أشهر آنذاك، والحال بعد أكثر من خمسة سنوات أشد كارثية وأكثر تنفيراً لأي مستثمر”.

 

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.