جلبت التطورات الأخيرة في التكنولوجيا تغييرات كبيرة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية لسوريا. وساهمت مواقع التواصل الاجتماعي بدور كبير في طفرة التجارة الإلكترونية في سوريا خلال السنوات القليلة الماضية.

ومع أن الكثير من السوريين يواجهون مصاعب عند التعامل مع أشهر مواقع التجارة الالكترونية عالمياً وهم في سوريا لكن مواقع التواصل الاجتماعي باتت كحل بديل للعديد من البائعين عبر الإنترنت.

دكان بلا ضرائب والحكومة خارج المعادلة

يشير أحد القائمين على مجموعة “السوق المفتوح في دمشق” على موقع “فيسبوك”، والتي تضم أكثر من 150 ألف متابع، إلى أن مواقع التواصل الاجتماعي لعبت دورا كبيرا في الطفرة التجارية السورية الأخيرة. مضيفا خلال حديثه لـ”الحل نت”، “أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مصدر دخل رئيسي للسوريين.

وبيّن عبد الرحيم مسعود، أن موقع “فيسبوك” هو الأكثر شهرة في سوريا. حيث يعد حاليا متجرا خاليا من الإيجار، وخالي من الضرائب. حيث زادت العروض الترويجية ثلاث مرات أسرع من المبيعات من خلال الوسائل التقليدية”.

وأضاف مسعود، “أدرك التجار وحتى الأفراد أنه يمكنهم توزيع أعمالهم على الناس في جميع أنحاء سوريا دون الحاجة إلى مغادرة المنزل فعليا”. فبحسب حديثه فقد زاد الطلب على التجارة الإلكترونية في سوريا بنسبة 70 بالمئة خلال السنوات الخمس الماضية.

وأوضح مسعود، وهو طالب في كلية الآداب بجامعة دمشق، أن التجارة الإلكترونية في سوريا ساعدت التجار والأفراد بالشعور المجتمعي وتكوين روابط والتفكير خارج الصندوق. وكان لموقع “فيسبوك” دورا أساسيا في تسريع هذا التحول وخلق المزيد من الفرص للتجارة.

ولفت مسعود، إلى أنه في الوقت الذي تشعر فيه العديد من مؤسسات البيع بالتجزئة بآثار التسوق عبر الإنترنت. كما ساعدت الشبكات الاجتماعية في خلق المزيد من الفرص للسوريين لإدارة أعمالهم اليومية دون الحاجة إلى الخروج من منازلهم.

للقراءة أو الاستماع: ارتفاع كبير للدولار أمام الليرة السورية في البنك المركزي.. ما الأسباب الحقيقية؟

طلاب ونساء تحولوا إلى التجارة الإلكترونية في سوريا

من ناحيتها كشفت إحدى السيدات التي باتت تعمل في مجال الطبخ المنزلي بدرعا، لـ”الحل نت”، أن الترويج عبر مواقع التواصل الاجتماع خلق لها فرصة لإعالة عائلتها التي تعاني من آثار الأزمات الاقتصادية في سوريا.

وخلال حديث هبة النوري، قالت إن “مواقع التواصل الاجتماعي تحولت إلى لعبة تغيير للاقتصاد السوري. وأصبحت اتجاها جديدا هذه الأيام. فلكي تعرض بضاعتك على الزبائن لا حاجة لاستئجار دكان وترخيصه ودفع الضرائب وتوظيف عمال. فيكفي أن يكون لديك اشتراك رمزي في بعض صفحات الفيس بوك التي لديها متابعين كثر كأداة للترويج. فهنا باتت الأرباح صافية دون فواتير”.

ما يعزز انتقال السوريين إلى هذا النوع من التجارية، والذي أصبح طفرة نوعية بعد تعرض التجارة العالمية لأزمة شلل ترجع نتيجتها للإغلاقات التي تسبب بها وباء “كورونا”. هو دراسة صادرة عن شركة “أكسنتشر” للاستشارات. والتي تنبأت بأن التجارة عبر وسائل التواصل الاجتماعية، ستصل إلى 1.2 تريليون دولار بحلول عام 2025. وذلك مقارنة بـ 492 مليار دولار في العام الماضي.

وتضيف الدراسة، أن من يقود هذه الطفرة هم الشباب من “جيل زد” وجيل الألفية بشكل أساسي، كما ويتوقع أن يمثلوا 62 بالمئة من حجم الإنفاق.

وتشير النوري، إلى أن أغلب المنتجات والأكثر شيوعا التي يتم بيعها عبر المواقع الإلكترونية في سوريا، هي الطبخ، والملابس والإلكترونيات، ومواد التجميل، والأثاث المستعمل، والإقبال الأكثر هو التسويق لإيجارات المنازل.

للقراءة أو الاستماع: عنصرية لبنانية جديدة ضد اللاجئين السوريين.. هذه الأسباب الحقيقية

منهجية تقليدية

ويعود هذا التحول غير التقليدي، إلى منهجية الحكومة السورية، والتي ركزت على المورد التقليدي الثالث للخزينة، وهو الضرائب. بعد فشلها في احتواء أزمة المورد الأول، صادرات النفط، والتي تحولت إلى أكبر مستنزف للخزينة، وضعف الموارد، وتحول القطاع العام إلى خاسر فاقدا للحياة.

وكان الرئيس السوري، بشار الأسد، قد أصدر الأيام الأخيرة من العام الفائت، قرارا رآه البعض أنه خطوة تهدف إلى زيادة الإيرادات المالية لوحدات الحكومة على حساب الشعب السوري. ما ينذر بأزمة أسعار جديدة.

وأصدر الأسد، قانونا ماليا جديدا للوحدات الإدارية، يهدف القانون إلى تخصيص الموارد لهذه الوحدات من خلال تزويدها بالأموال بواسطة ضرائب تجبى من التجار والمستثمرين.

كما لم يستثني المرسوم الجديد والمكون من 56 مادة، ضمّت بنودها جميع القوانين المالية المتعلقة بإيرادات الوحدات الإدارية بقانون واحد. إلا الوزارات والهيئات والأحزاب المرخصة والمنظمات الشعبية. بالإضافة إلى النقابات المهنية والاتحادات، ودور العبادة.

وتتصدر أزمة غلاء الأسعار في سوريا عناوين الصحف الدولية خلال السنوات القليلة الماضية. يأتي ذلك وسط غياب إجراءات أو حلول جذرية من قبل الحكومة السورية.

والجدير ذكره، أن سوريا تحتل المرتبة 101 على مؤشر الأمن الغذائي. وجاء ذلك في تقرير لمجلة “إيكونوميست” البريطانية، الصادر في 25 من فبراير/شباط الماضي.

للقراءة أو الاستماع: روسيا تُغيّر تعاطيها مع الهجمات الإسرائيلية في سوريا.. هذه الأسباب الحقيقية

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.