في ظل أزمة المياه الحادة التي يعاني منها العراق، نتيجة تقليل التدفقات المائية من دول المنبع تركيا وإيران، خرجت ملايين الدونمات من الأراضي الزراعية، وباتت في عداد الصحاري، لينعكس ذلك بشكل خطير على الثروة الحيوانية في البلاد.

تأكيدا على ذلك، “الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية” قال لصحيفة “الصباح” الرسمية، اليوم الثلاثاء، وتابعه موقع “الحل نت“، إن “13 مليون دونم خرج من الرقعة الزراعية، في حين بدأت الثروة الحيوانية في البلاد بـ “الانقراض“.

اتساع التصحر ،وامتداده إلى الرقعة الزراعية بشكل كبير، هو “نتيجة شح المياه وقلة تدفقها من دول الجوار“، بحسب رئيس الاتحاد حسن نصيف التميمي، الذي أكد أن “إيران قطعت جميع الروافد التي تدخل إلى الأراضي العراقية، وقللت تركيا إطلاقات المياه إلى النصف أو أكثر من ذلك“.

اقرأ/ي أيضا: أسعار جنونية وخطر محدق.. من يقف خلف نفوق الأسماك في العراق؟

خطر الانقراض 

نتيجة ذلك، “بدأت الثروة الحيوانية بالانقراض لعدم توفر الأعلاف أو قلتها“، يقول التميمي، ويشير إلى أن “بادية السماوة شهدت نفوق آلاف الأغنام، وهذا الأمر ينذر بالخطر، ويهدد هذه الثروة بشكل عام“.ليس المياه هي الأزمة وحدها، بل أن “المنافسة التي يفرضها المنتج المستورد الذي يدخل عن طريق إقليم كردستان بكميات كبيرة جدا، على قطاع الدواجن هو الآخر، يؤدي إلى انخفاض الطلب على المنتج المحلي“.

كما أشار رئيس الاتحاد إلى أن ” هذا القطاع يواجه مشكلة ارتفاع أسعار الأعلاف، الأمر الذي سيعطل آلاف حقول الدواجن“، على حد قوله.بالمقابل، أن “الإجراءات الحكومية لم تتجه لحل أزمة المياه مع دول الجوار، فضلا عن عدم توفير الأعلاف بالشكل الكافي“، وفق حديث التميمي.

وتقدّر أعداد الماشية من الأغنام بنحو 12 مليون رأس، وأكثر من 7 ملايين من الماعز، ومليونين ونصف المليون من البقر ونحو نصف مليون من الجاموس، ومثلها من الإبل، وفقا لتقديرات غير علمية سابقة صدرت عن الجهاز المركزي للإحصاء قبل عدة سنوات.

اقرأ/ي أيضا: العراق يحصي عدد الوفيات والإصابات بالـ”حمى النزفية”

انحسار الثروة الحيوانية

 انخفضت الثروة الحيوانية في العراق إلى نسبة تصل إلى أكثر من 50 بالمئة، فيما دُمرت البنى التحتية، ومشاريع الثروة الحيوانية بشكل كامل بعد غزو العراق سنة 2003، مشيرا إلى عدم إعادة تأهيل وتطوير هذه المشاريع، نتيجة للظروف التي شهدها البلد، وعدم وجود السيولة المالية للنهوض بهذا القطاع، بحسب إحصائية سابقة لوزارة الزراعة.

وكانت الأمم المتحدة حذرت في وقت سابق من أن منسوب نهري دجلة والفرات في العراق ينخفض بنسبة تصل إلى 73 بالمئة، ودعت إلى مشاركة العراق في مناقشات هادفة مع دول الجوار حول تقاسم المياه.

وأوضح المدير الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة سامي ديماس أن “العراق يشهد مظاهر قلة الأمطار، وتأثيرها في مناسيب نهري دجلة والفرات بنسب وصلت إلى 73بالمئة، وارتفاع درجات الحرارة إلى معدلات أسرع 7 مرات من الارتفاع العالمي، وكذلك عدم التوازن السكاني بنسبة 70 بالمئة في المناطق الحضرية، مما أدى إلى تراجع الزراعة“.

ويشهد العراق نقصا حادا في المياه، أدى إلى جفاف بحيرات ومستنقعات مائية، بالإضافة إلى انخفاض كبير في منسوب نهري دجلة والفرات ،اللذين ينبعان من تركيا منذ تشغيلها سد أليسو قبل سنوات، فضلا عن جفاف كامل لأنهر، وروافد تنبع من إيران مرورا بمحافظة ديالى شرقي بغداد.

تأكيدات حكومية 

الرئيس العراقي برهم صالح، كان قد أكد في تصريح صحفي بوقت سابق، أن “العراق سيعاني من عجز مائي تصل نسبته إلى 10.8 مليار متر مكعب بحلول عام 2035؛ بسبب شحّ المياه التي تدخل لأراضيه من نهري دجلة والفرات”.

ما يمكن الإشارة له، أن معدلات إيرادات نهري دجلة والفرات، انخفضت بحوالي 50 بالمئة عن معدلاتها الطبيعية خلال الأعوام الماضية، لتتسبب بانخفاض مليار لتر مكعب من المياه، وخروج 260 ألف دونم من الأراضي الزراعية المنتجة عن الخدمة، حسب إحصاءات شبه رسمية.

كذلك يخسر العراق في ذات الوقت، آلاف المليارات المكعبة من المياه سنويا؛ بسبب ما يمكن تسميتها الحرب المائية التركية الإيرانية عليه.وانعكس ذلك بشكل كبير على المحافظات التي تعتمد أنهارها على مياه نهري دجلة والفرات، منها محافظة الديوانية في جنوبي العراق، وغيرها من المحافظات الغربية والعاصمة بغداد.

كما انخفضت مناسيب الأنهار التي تنبع من إيران إلى عدد من المحافظات العراقية، لتتسبب بشح كبير في كميات تجهيز الأراضي الزراعية في محافظات ديالى وواسط والبصرة.

ودفع قطع المياه عن العراق من قِبل تركيا وإيران، إلى لجوء وزارة الموارد المائية العراقية لحفر الآبار الارتوازية، ضمن مجموعة إجراءات اتخذتها لمعالجة شح المياه في البلاد.

اقرأ/ي أيضا: تراجع الثروة الحيوانية يهدد الأمن الغذائي في شمال وشرقي سوريا

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.