تغريدة يجزم الخبراء، أنها ستنهي بشكل رسمي قريبا، حلم الولاية الثانية للرئيس العراقي برهم صالح، وصفّرت مشروع ترشيحه لرئاسة العراق مجددا، فما الذي ارتكبه صالح وكيف سيكون المشهد المقبل؟

زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، قطع صمته السياسي بعد انسحابه من العملية السياسية مؤخرا، وغرّد عبر “تويتر”، الاثنين، مهاجما الرئيس الحالي برهم صالح بعبارات نارية.

هجوم الصدر جاء لعدم توقيع صالح على قانون “تجريم التطبيع مع إسرائيل”، الذي شرّعه البرلمان العراقي، نهاية أيار/ مايو المنصرم، ووصفه بـ “التطبيعي والتبعي للغرب أو الشرق”.

حملت التغريدة أبعادا سياسية، فقد عبّر زعيم “الكتلة الصدرية” عن أسفه لترشيح برهم صالح لرئاسة جمهورية العراق “سابقا ولاحقا”، وهو ما فسّر بأنه “كارت أحمر بوجه حلم صالح”.

صالح هو مرشح “الاتحاد الوطني” الكردستاني لمنصب رئاسة جمهورية العراق، في صراع كردي شرس مع “الحزب الديمقراطي” الكردستاني، الذي رشح ريبر أحمد لرئاسة الدولة العراقية.

“أسقط دعم الحلفاء له”

السؤال الذي يطرح حاليا، هو هل فعلا اقترب حلم برهم صالح من نهايته؟ وإن كان كذلك، فكيف سيكون مشهد رئاسة العراق؟ أسئلة يجيب عنها الكاتب والمهتم بالشأن السياسي العراقي، علي عبد الزهرة.

يقول عبد الزهرة، إن ما قام به برهم صالح خطأ كبير وسقطة فاضحة له، فعدم مصادقته على قانون “تجريم التطبيع مع إسرائيل” الذي صوت عليه البرلمان بالأغلبية، أضر صالح نفسه وبحزبه، وأنهى كل فرصه في الولاية الثانية.

في 30 أيار/ مايو الماضي، أعلن مجلس النواب العراقي، إرسال قانون “تجريم التطبيع مع إسرائيل” إلى رئاسة الجمهورية، بعد أن صوت في 26 أيار/ مايو، على القانون بالإجماع.

عبد الزهرة يضيف لـ “الحل نت”، أن صالح أسقط الدعم عنه من الحلفاء قبل الغرماء، خاصة وأن القوى المشكّلة لـ “الإطار التنسيقي”، تتبنى “المقاومة” السياسية والعسكرية ضد اسرائيل.

ويردف أن: “الإطار تبنى مرارا مواقف مهاجمة لبعض العلاقات التي يتهمون بها الغريم الكردي لصالح – وهو الديمقراطي – بأنه حليف إسرائيل، لكن موقف صالح وضعهم بإحراج كبير، ومن المتوقع أن تتم مهاجمته من قوى الإطار الذين سيقررون انتهاء الدعم له”.

بعد انتهاء الانتخابات المبكرة الأخيرة في العراق، التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم، انقسمت القوى السياسية العراقية إلى نصفين، “إنقاذ وطن” و”إطار تنسيقي”، بناء على نتائج “اقتراع تشرين”.

انتهاء أزمة الرئاسة

“إنقاذ وطن”، هو تحالف ثلاثي تشكل بعد الانتخابات، وضم القوى الفائزة أولا على مستوى ااشيعة والكرد والسنة، وهم “التيار الصدري” بزعامة مقتدى الصدر، و”الديمقراطي” بزعامة رئيس إقليم كردستان سابقا، مسعود بارزاني، و”السيادة” بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

الأطراف الخاسرة، هي القوى الشيعية الموالية لإيران وتجمعت في “إطار تنسيقي” ضم معها “الاتحاد الوطني”، الذي رشح برهم صالح لرئاسة العراق، والذي خسر على مستوى الكرد، و”العزم” الخاسر على مستوى اامكون السني.

كان “إنقاذ وطن” يهدف لتشكيل حكومة أغلبية يقصي “الإطار” منها، بينما آصر الأخير على حكومة توافقية يشترك بها الكل، وشكل “الثلث المعطل” الذي أفشل مشروع “إنقاذ وطن”، فانسحب الصدر من العملية السياسية.

الثلث المعطل حصل؛ لأن الدستور يلزم حضور ثلثي أعضاء البرلمان لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية لعقدها تمهيدا لتشكيل الحكومة، وإن لم يحضر 220 نائبا من مجموع 329 عضوا في البرلمان، فلن تعقد الجلسة، وهو ما نجح “الإطار” في تحقيقه، بعد فشل “إنقاذ وطن” بالوصول لعدد الثلثين.

علي عبد الزهرة، يبين أن موقف برهم صالح الأخير، أنهى إشكالية منصب رئيس الجمهورية وعقبات تمرير المرشح له؛ لأن “الإطار” كان محرجا من “الاتحاد الوطني” بأن يتبنى مرشحه، ردا على موقفهم بعدم الذهاب مع “إنقاذ وطن” بقيادة الصدر آنذاك.

يتابع عبد الزهرة، أن “الإطار” تحرر اليوم من الحرج مع “الاتحاد الوطني”، وبإمكانه المضي بمرشح “الحزب الديمقراطي” بعد التقارب الأخير الذي نتج عن انسحاب “التيار الصدري” من البرلمان العراقي.

شكل المشهد المقبل

انسحاب “التيار الصدري” جاء بتوجيه مباشر من مقتدى الصدر في 12 حزيران/ يونيو الجاري، وترتب عليه انتهاء تحالف “إنقاذ وطن”، ما جعل “الديمقراطي” و”السيادة” يتفاهمان مع “الإطار” لتشكيل حكومة توافقية جديدة.

عن المشهد المقبل بشأن منصب رئاسة الجمهورية، يقول علي عبد الزهرة، إن المرشح المقبل هو القيادي في “الديمقراطي”، وزير الخارجية الحالي، فؤاد حسين؛ لأنه يتمتع بعلاقات كبيرة مع الكتل المختلفة، وله حظوظ لما عمل عليه داخليا وخارجيا وفق منصبه الحالي.

أما “الاتحاد الوطني“، فبات محرجا هو الآخر من موقف الرئيس الحالي برهم صالح، خاصة وأن “الوطني الكردستاني” يتمتع بعلاقات قوية مع الجارة الشرقية – إيران – التي تناهض إسرائيل، على حد قول عبد الزهرة.

“بالنتيجة، موقف صالح أنهى مسيرته السياسية في العراق، وأنهى في الوقت نفسه أزمة منصب رئاسة الجمهورية”، يؤكد الكاتب والمهتم بالشأن السياسي العراقي علي عبد الزهرة، مختتما.

يجدر بالذكر، أنه لا أثر قانوني يترتب على امتناع برهم صالح التوقيع على قانون “تجريم التطبيع”؛ لأنه يدخل حيز التنفيذ بعدم مرور 15 يوما من إقراره من قبل البرلمان، بحسب الدستور، لكن ما ترتب على ذلك هو بعد سياسي إزاء موقف صالح.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.