مأزق لا يحسد عليه “الإطار التنسيقي” الموالي لإيران في العراق، فهو يجد نفسه في حرج مع “اليكتي” الذي سانده طيلة الأشهر الماضية، ومشروعه يتوجب عليه التفاهم مع “البارتي”، فما الحل؟

يسعى “الإطار التنسيقي” إلى تشكيل حكومة توافقية بعد انسحاب زعيم “التيار الصدري”، مقتدى الصدر، من المشهد السياسي العراقي، لكن تشكيل الحكومة يسبقها صراع رئاسة الجمهورية.

وفق الدستور العراقي، فإنه على البرلمان العراقي انتخاب رئيس للجمهورية من الكرد، ثم يكلف الرئيس لاحقا شخصية شيعية لرئاسة الحكومة، بالتالي لا حكومة قبل اختيار الرئيس.

هذه المرة الصراع على أشده بين “البارتي” وهو “الحزب الديمقراطي” الكردستاني الحاكم في أربيل، و”اليكتي” وهو “الاتحاد الوطني” الكردستاني الحاكم في السليمانية، على منصب رئاسة الجمهورية العراقية.

كان الصراع ينقسم إلى ثنائي بين الصدر الذي دخل بتحالف مع “البارتي” و”الإطار” الذي تحالف مع “اليكتي”، فالأول سعى لتشكيل حكومة أغلبية، والثاني يريدها توافقية.

الطرف الأول هو الفائز في الانتخابات العراقية المبكرة الأخيرة، ودخل في تحالف ثلاثي ضم “التيار الصدري” و”البارتي” و”السيادة”، وسمي بتحالف “إنقاذ وطن”، الجامع للقوى الفائزة أولا على مستوى الشيعة والكرد والسنة.

شروط وقبول

“إنقاذ وطن”، واجه معضلة الثلث المعطل؛ لأن الدستور العراقي يلزم حضور ثلثي أعضاء البرلمان العراقي كشرط لانعقاد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وهو ما لم ينجح به، نتيجة الثلث المعطل.

ما ساعد “الإطار” في تشكيل الثلث المعطل، هو تحالف “اليكتي” معه؛ لأنه لا يريد خسارة منصب رئاسة الجمهورية، لكن وبعد 8 أشهر من مساعدة “اليكتي” لـ “الإطار” على إفشال مشروع حكومة الأغلبية، المعطيات تغيرت الآن.

التغير تمثل بانسحاب الصدر من المشهد السياسي، وبالتالي عاد “البارتي” بزعامة رئيس إقليم كردستان سابقا مسعود بارزاني، للتفاهم مع “الإطار” ووضع شروطه عليه لتشكيل الحكومة العراقية المقبلة.

شروط “البارتي” تمثلت بوجوب أن تتشكل الحكومة وفق مبدأ “التوازن والتوافق والشراكة”، وإلا قد تنقلب الآية على “الإطار”، ويستخدم “البارتي” ورقة الثلث المعطل التي استخدمها “الإطار” مسبقا.

وافق “الإطار” على شروط “البارتي”، لكن المأزق الحالي، هو مع من يقف “الإطار” في اختيار رئيس الجمهورية؟ مع حليفه “اليكتي” الذي أبعده عن الإقصاء وأفشل حكومة الأغلبية أم مع صديق اليوم، “البارتي”؟

يقول أستاذ العلوم السياسية في “الجامعة الأميركية بالسليمانية”، عقيل عباس لـ “الحل نت”، إن السؤال مفتوح، ولا جواب ثابت له؛ لأن “الإطار” يمر في معضلة حقيقية هذه المرة، على حد تعبيره.

صفقة

عباس يضيف، أن بارزاني يصر هذه المرة على عدم التجديد لمرشح “اليكتي” الرئيس الحالي برهم صالح مرة ثانية لرئاسة الجمهورية، وهو ما يعقد المشهد أكثر؛ لأن “اليكتي” لا يتنازل لترشيح غيره.

لكن بما أن التفاهم على تشكيل الحكومة المقبلة جرى وفق مبدأ التوافق، فإن سعي “الإطار” سينصب نحو إقران صفقة بين “البارتي” و”اليكتي”، لتقديم مرشح توافقي كما السابق من قبل الطرفين لرئاسة الجمهورية، بحسب عباس.

ذلك هو الخيار الأول، أما الخيار الثاني، هو تكرار تجربة عام 2018، وفق أستاذ العلوم السياسية عقيل عباس، المتمثل بدخول كل حزب بمرشحه إلى البرلمان، ويفوز من ينال أكثر الأصوات من قبل النواب.

ويتابع عباس، أن الوضع صعب ولا يمكن التكهن به، لكن الحل لن يكون بعيدا رغم المأزق الحاصل؛ لأن منظومة التوافق ستسهل على الجميع حل أزماتهم بما يرضي كل الأطراف، ويضمن لها الحصول على مكتسباتها.

يجدر بالذكر، أن منصب رئاسة. جمهورية العراق، هو من نصيب “اليكتي” منذ 2006 وإلى اليوم، مقابل أن تكون رئاسة حكومة إقليم كردستان من نصيب “البارتي”، وفق اتفاق ثنائي سابق بين الحزبين.

استمر ذلك الاتفاق حتى 2018، عندما اختلف الحزبان، وأصر كل منهما على المنصب، فدخل “البارتي” بمرشحه فؤاد حسين إلى البرلمان، ودخل “اليكتي” بمرشحه برهم صالح، وفاز الأخير برئاسة العراق بحصوله على أعلى الأصوات من قبل أعضاء البرلمان.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.