بشكل مستمر تقوم القيادة العسكرية المركزية الأميركية، بتنفيذ ضربات عدة ضد تنظيم “حراس الدين” الإرهابي العامل في شمال غرب سوريا، والمرتبط مع تنظيم “القاعدة”. ففي غارة أميركية جديدة استهدفت فجر يوم أمس الثلاثاء، منطقة إدلب، واغتالت قيادي بارز في “حراس الدين”، ُتثار عدة تساؤلات حول هذا التطور، لعل أبرزها ماهية تداعيات استهداف قيادات هذا التنظيم، وفيما إذا كان من الممكن أن يكون الهدف التالي هو قيادات لـ”هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقا)، أم أن الظروف اللوجستية والمرحلية ،لا تتناسب مع هذا التطور المحتمل.

شمال سوريا تحت المراقبة الأميركية

وفي سياق ما سبق، أعلن الجيش الأميركي، الثلاثاء، أنه شنَّ ضربة جوية في محافظة إدلب شمال سوريا، استهدفت قياديا بارزا في “حراس الدين”، فيما كشفت القيادة المركزية “سنتكوم” في بيان نشرته على حسابها في منصة “تويتر“، الثلاثاء، أن القتيل هو “أبو حمزة اليمني” القيادي في “حراس الدين”.

كما أوضحت القيادة الأميركية، بأنه كان يتنقّل بمفرده على دراجة نارية أثناء الضربة، مؤكدة أن لا مؤشرات على إصابة أي مدني في الغارة.

وفي هذا الإطار، يرى الكاتب، والمحلل السياسي حسن النيفي، أنه “منذ أن استهدفت القوات الأميركية زعيم تنظيم داعش، أبو بكر البغدادي في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2019، بات واضحا أن منطقة شمال سوريا تحت مراقبة، ورصد شديدين من قِبل واشنطن على وجه الخصوص؛ لاعتقادها بأن منطقة الشمال وإدلب تحديدا باتت ملاذا آمنا لقيادات داعش والقاعدة وبقية القوى الدينية المتطرفة”.

وأردف في حديثه لموقع “الحل نت”، “لعل ما يعزز هذا الاعتقاد لدى واشنطن، أن منطقة شرق سوريا باتت شديدة المراقبة أيضا، ولم يعد المتطرفون يجدون فيها المأوى الآمن، مما يجبرهم إلى اللجوء إلى المناطق التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام، باعتبارها حاضنة لقوى دينية قد يختلفون معها، ولكن ثمة مشتركات قد تجمعهم بها أيضا”.

ولعله من غير المستغرب، بل من المتوقع أن نجد بين فترة، وأخرى عملية ينفّذها الأميركيون تستهدف أحد القادة المتطرفين، نظرا للمراقبة الشديدة التي تقوم بها واشنطن في تلك المناطق عموما، وفق تعبير المحلل السياسي.

واستبعد المحلل السياسي خلال حديثه أن تكون مثل هذه العمليات الفردية تهدف إلى إضعاف “هيئة تحرير الشام”، أو التمهيد للحرب عليها، لأن الأهداف الحقيقية، هي أعضاء في التنظيمات المتطرفة التي تضعها واشنطن على رأس أولويات القوائم الإرهابية، ومنها تنظيم “حراس الدين” المعروف بتطرفه، وأنشطته التي تستهدف المصالح الأميركية في المنطقة.

من جانبه، يرى الباحث في شؤون الجماعات الجهادية، عباس شريفة، أنه “منذ أن فكّت تحرير الشام ارتباطها بتنظيم القاعدة عام 2016، وخروج أغلب القيادات الإيديولوجية من صفوفها لم تعد الهيئة تشكل خطرا أمنيا على الولايات المتحدة، والغرب وهو ما دفع الغرب لاتخاذ سياسات مختلفة في تعامله مع الهيئة، رغم بقاء تصنيفها على قوائم الإرهاب، لكنه حتى الآن تصنيف نظري لا يترتب عليه إلا عدم فتح قنوات التعامل السياسي، والمدني لكن بقيت القنوات مفتوحة، خصوصا أن الهيئة تتخذ إجراءات ضد تنظيم داعش والحراس، والتي تخدم في النهاية المصالح الغربية والأميركية”.

تم إضعاف تنظيم “حراس الدين” في محافظة إدلب شمال غرب سوريا بشكل غير مسبوق، مع تشتت قيادته الجهادية الأولى والثانية، وسط حملة القمع المستمرة من قبل “هيئة تحرير الشام”، حيث رأى فيها مراقبون، أنها حملة من أجل تصدير صورة عن الهيئة باعتدالها وفق مخططها وادعاءاتها.

وبالعودة إلى بيان القيادة الأميركية، فقد أضافت أن ”المنظمات المتطرفة العنيفة، بما في ذلك المنظمات المتحالفة مع القاعدة مثل حراس الدين، لا تزال تشكل تهديدا لأميركا وحلفائها، يستخدم المسلحون المتحالفون مع القاعدة، سوريا ملاذا آمنا، للتنسيق مع فروعهم الخارجية، والتخطيط للعمليات خارج سوريا”.

وأشار البيان إلى أن “عزل هذا القائد البارز سيعطل قدرة القاعدة على تنفيذ هجمات ضد المواطنين الأمريكيين، وشركائنا، والمدنيين الأبرياء في جميع العالم”.

يذكر أن هذه ثاني عملية تنفّذها القوات الأميركية في حزيران/يونيو الجاري، ضد قيادي كبير في التنظيمات المتطرفة في سوريا. ففي 16 حزيران/يونيو الجاري، ألقت القبض على هاني أحمد الكردي، القيادي البارز في “داعش”، بشمال محافظة حلب.

القضاء على التنظيمات الجهادية

إن إنهاء وجود التنظيمات الجهادية العابرة للحدود في سوريا، برأي المحلل العسكري، العقيد مصطفى فرحات، يجب أن يُدعم بقوة على الأرض، لأن العمليات النوعية، والموضعية لرؤوس التنظيم قلل من قدرتها على العمل، إلا أنه لم تنهِ التنظيم بشكل كامل، ولذلك وجود قوات مدعومة على الأرض تحقق هذا الهدف.

وأوضح فرحات، في حديث سابق لـ”الحل نت”، أن هذا الموضوع مرتبط أيضا بالحل السياسي في سوريا، لأن استمرار الفوضى على مستوى الساحة السورية بأكملها، بين فرقاء دوليين محليين، يجعل سوريا مرتع لوجود الإرهاب، مضيفا “وجود احتلالات متعددة يفرز مستنقع يصدر أوبئة”.

من جهته، أوضح الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، أحمد زغلول، أن “حراس الدين” يمثل الرعيل الأول من قيادات تنظيم “القاعدة”، وفي الداخل السوري، فذكر زغلول في حديث سابق لـ”الحل نت”، أن “التنظيم لديه قدرة على الانتشار، ظهرت الفترة الماضية، ليحل محل “داعش”، هو يعيد احتلالها والتمركز فيها، ويعمل على جذب المنشقين من تنظيم “داعش” لصفوفه، وكذلك يعمل على التمدد في مناطق قريبة من مناطق القوات الأميركية، وبالتالي يمثل تهديد كبيرا جدا في الفترة الأخيرة”.

قد يهمك: الضربة القاضية لتنظيم “حراس الدين” في سوريا؟

تنظيم “حراس الدين”

مصادر خاصة قالت لموقع “الحل نت”، في وقت سابق، إن “أبو حمزة اليمني قدم إلى سوريا عام 2013 وانضم إلى تنظيم جبهة النصرة في ذلك الوقت، واتخذ من قرى جبل الزاوية مكانا للعيش، ولنشاطه العسكري”.

وأوضحت المصادر ذاتها، أنه “مع بداية تشكيل فصيل جند الأقصى الجهادي من قبل مَن يُعرف باسم أبو عبد العزيز القطري، انضم إليه أبو حمزة كقائد عسكري، وأحد أبرز أعضاء مجلس شورى الفصيل”.

وأكدت المصادر أيضا “بعد مهاجمة “أحرار الشام” و”جبهة فتح الشام” (جبهة النصرة)، لفصيل جند الأقصى جنوب إدلب عام 2016، شكّل أبو حمزة برفقة مَن يُعرف باسم أبو عبد الرحمن مكي فصيل جند الملاحم، حيث انضم الفصيل إلى تنظيم “حراس الدين”، بعد إعلان جبهة فتح الشام فك ارتباطها عن تنظيم القاعدة، وتحويل اسمها لهيئة تحرير الشام، تحت قيادة أبو محمد الجولاني”.

المصادر ذاتها أوضحت لموقع “الحل نت”، أن “أبو حمزة اليمني الذي قُتل يوم أمس الثلاثاء، ليست الشخصية التي تم الإعلان عن مقتلها العام الماضي، برفقة أبو البراء التونسي الشرعي العام لتنظيم حراس الدين”، وأشارت المصادر، إلى أن “أبو حمزة الذي قُتل العام الماضي، كانت بداية عمله مع جبهة النصرة، وانتقل بشكل مباشر إلى تنظيم حراس الدين، دون التواجد بفصيل جند الملاحم أو غيره من الفصائل الجهادية”.

وفي عام 2019، كانت قد أدرجت الولايات المتحدة تنظيم “حراس الدين”، المرتبط  بتنظيم “القاعدة”، في خانة التنظيمات الإرهابية، كما رصدت واشنطن مبلغا هائلا، ضمن برنامجها المعروف بـ”المكافآت من أجل العدالة”، من أجل الحصول على معلومات على عدد من قادة هذا التنظيم، تفضي إلى اعتقالهم أو مقتلهم، وهم سامي العريدي، وأبو عبد الكريم المصري، وفاروق السوري.

وكان تنظيم “حراس الدين” قد خرج إلى العلن أواخر شباط/فبراير 2018، بعد إعلان “جبهة النصرة” فك ارتباطها عن تنظيم “القاعدة”.وعمدت عدة شخصيات انشقت عن الهيئة إلى تشكيل هذا التنظيم الأكثر تطرفا، من بقايا تنظيم متشدد آخر هو “جند الأقصى” الذي فككته “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة سابقا). وانضمت إلى “حراس الدين” لاحقا مجموعات متشددة.

ومنذ تأسيسه، يُعد تنظيم “حراس الدين” وقياديه هدفا دائما لطيران “التحالف الدولي”، الذي استهدف في العام الفائت، قياديين اثنين في التنظيم هما المدعو “بلال اليمني” أو “بلال الصنعاني” الذي يقود قطاع البادية في التنظيم، والأردني المدعو ”قسام الأردني” الذي كان القائد العسكري في التنظيم المذكور.

وقالت مصادر مطلعة إن “قسام الأردني”، أو أبو “القسام” (52 عاما) كان من القيادات البارزة في تنظيم “حراس الدين”، مشيرة إلى أنه فلسطيني نشأ في مدينة الزرقاء الأردنية، واسمه الحقيقي خالد مصطفى خليفة العاروري. بينما قالت مصادر محلية مطلعة إن “بلال الصنعاني” ليس يمنيا كما يوحي اسمه الحركي، بل هو سوري من قرية العشارة في ريف دير الزور الشرقي، انضم إلى “حراس الدين” بعد انشقاقه عن “النصرة”.


قد يهمك: واشنطن تستهدف “حراس الدين”.. المعلومات الكاملة والحقيقية عن “أبو حمزة اليمني”

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.