شهدت المصارف في سوريا ازدهارا ائتمانيا حتى وقت قريب، استمر لأكثر من عقد، بعد أن تخلت الحكومة عن السيطرة على القطاع المصرفي، وحولته إلى رمز للإصلاح الاقتصادي، وفي دولة يبلغ عدد سكانها 20 مليون نسمة، استفادت البنوك من انخفاض معدلات تشبّع السوق من الخدمات المالية، وبعد انخفاض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، زاد هذا الأمر من قيمة الإيرادات، من عمليات صرف العملات الأجنبية لدى البنوك، وحققت مكاسب هائلة من القروض التي قدمتها.

قروض تتخطى 500 مليون

في تقرير حديث لصحيفة “الوطن” المحلية، نشر اليوم الخميس، قال مدير عام المصرف الصناعي، وجيه بيطار، إنه على الرغم من الزيادة الأخيرة في أسعار الفائدة، إلا أن الصناعيين استمروا في طلب القروض، حيث يعكف البنك حاليا على دراسة عدد من طلبات القروض التي تَزيد قيمتها عن 500 مليون ليرة سورية، والتي يغطيها القرار 433 الصادر عن مجلس النقد والتسليف، والذي أجاز تجاوز سقف القروض الإنتاجية بـ 500 مليون ليرة.

وتماشيا مع طلب العديد من الصناعيين توسيع لائحة المشاريع التي يشملها القرار، لاسيما المشاريع والمنشآت الصناعية التي دُمرت خلال السنوات السابقة، مما سمح بتجديدها ووضعها في الخدمة، وأشار بيطار، إلى أن عدد الطلبات التي تُدرس في الفروع والإدارة ،هو دليل على حركة طلب كبيرة على القروض من الصناعيين، ومن قطاعات هندسية وكيميائية ،وغذائية مختلفة وقطاعات أخرى.

وأكد بيطار، أن البنك الصناعي ينوي زيادة حجم التسهيلات الائتمانية التي يقدمها، كما يدرس مجموعة من الخيارات للقيام بذلك، مثل زيادة مجال التعاون، والتفاهم مع الجمعيات التجارية، ودعم المشاريع والاستثمارات المهتم بتمويلها، مع التركيز على المشاريع الصناعية وفقا للعوامل، والضوابط التي أقرها مجلس النقد، والتسليف السوري.

من المستفيد؟

دراسة منح القروض، وضّحها بيطار، حيث قال إن الاعتقاد السائد لدى المصرف الصناعي، هو أن الفحص الدقيق لملفات القروض يساعد المصارف على توجيه احتياطياتها النقدية بطريقة تؤدي إلى أكثر الاستثمارات والمشاريع فائدة، ولها تأثير كبير على الاقتصاد، وتعود بالنفع على طالب القروض، وتؤدي في نهاية المطاف إلى منفعة عامة الجمهور، وتقليص حالات التخلف عن السداد التي كثيرا ما ترتبط بقروض مشروطة.

ولفت بيطار، إلى أن البنك الصناعي يسعى لتنويع عروضه المصرفية ،وتلبية احتياجات رجال الأعمال، والحرفيين والعاملين في المجالات العلمية، والتقنية بشكل أفضل، ولا يعتبر هذا التوجه شرطا للموافقة على القرض، ولكنه بالأحرى يسعى إلى مستوى من الأمان لضمان سداد القروض التي يقدمها.

وأوضح مدير المصرف الصناعي، أن عشرة من المتخلفين عن السداد، يشكلون نحو 75 بالمئة من إجمالي الديون المعدومة، وأن المليارات من الليرات تم جمعها العام الماضي، حيث انخفض التعثر للصفر خلال العام 2021، وجميع الديون المتعثرة تعود للسنوات الخمس الأولى بعد عام 2011.

ويعمل المصرف الصناعي، على مشروع إنهاء عمليات الربط بين الإدارة العامة والفروع، وتحسين قدرة البنك على الإقراض والالتزام بالمعايير الدولية، وتطوير الجانب الفني، ومراقبه الاعتماد اللازم له من أجل أتمتة العمل في البنك، وتقديم الخدمة بالسرعة والدقة المطلوبة للمقترضين.

القروض في سوريا حبر على ورق

على خلاف ما تمّ الإعلان عنه، تعمل المؤسسات المالية في سوريا بطريقة مختلفة، وكأن لديها علم مسبق بعدم دوران العجلة الاقتصادية، فعندما يتقدم المدنيون أو العسكريون أو حتى الصناعيون بطلب للحصول على قروض، فإنهم يزيدون من حد القروض أمامهم لإقناعهم بأنهم يرغبون في مساعدتهم، ومن ناحية أخرى، تفرض هذه المؤسسات شروطا صارمة، تضمن حصول نسبة ضئيلة فقط منهم على هذه القروض، وفوق ذلك تكون الضمانات كافية في حال التخلف عن السداد لاسترداد ما أعطته بيد، أضعافا باليد الأخرى.

حالت التفاهمات التي اتفق عليها البنك التجاري السوري، ومؤسسة “ضمان مخاطر القروض”، دون قدرة الصناعيين بالحصول على قروض جديدة من أجل شراء مواد البناء، وتجهيز منشآتهم لمتابعة نشاطهم الصناعي.

مصدر في المؤسسة، نقل لصحيفة “الوطن” المحلية، في نهاية أيار/مايو الفائت، أن أحد بنود الاتفاقية بين الطرفين، يمنع الصناعيين في المدن الصناعية من الحصول على قرض جديد، لأن البنك  لا يقبل رهن الأرض “المقاسم المخصصة للصناعيين” كرهن درجة ثانية، إنما يطالب بضمان شخصي جديد.

ومن جهته، أقر قيس عثمان، مدير مؤسسة “ضمان مخاطر القروض”، لذات الصحيفة، أن رأس المال الحالي للمؤسسة يمنعها من منح ضمانات للقروض الكبيرة، حيث إن المؤسسة يمكنها ضمان ما يصل إلى 70 بالمئة من قيمة القرض، وبما لا يتجاوز 2 بالمئة من رأس مالها الحالي البالغ 5 مليارات ليرة، بحيث لا يمكن ضمان أي قرض يتجاوز 100 مليون ليرة.

نتيجة الأوضاع الاقتصادية المتردية في سوريا، والتي جعلت المواطنين وحتى المستثمرين على حافة الانهيار غير المسبوق، تحاول دمشق تجنب ذلك عبر تقديم تسهيلات رسمية لمنح القروض للمؤسسات الاستثمارية، بغية تحريك عجلة الاقتصاد المتوقفة، لكن هذه القروض في ظل التضخم العام وانهيار الليرة، لا تكفي أسرة لمدة شهرين على الأكثر في ظل ارتفاع الأسعار اليومي.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.