لا شك بما قاله مسؤول أميركي كبير، بأن المحادثات التي تصل مراحل من ثم تتعثر فلا يمكن وصف ذلك التعثر في أحسن أحواله سوى تراجع إلى الوراء. 

 هكذا وصف المسؤول الأميركي المفاوضات غير المباشرة التي جرت بين الولايات المتحدة وإيران في الدوحة لتوصل لتفاهم حول الاتفاق النووي، خلال حديثه لوكالة “رويترز”. 

“رويترز” وفي تقريرها، الذي نقله موقع “العربية” يوم أمس الخميس، وتابعه موقع “الحل نت”، نقلت عن المسؤول قوله إن “فرص إحياء الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 باتت أسوأ بعد مفاوضات الدوحة غير المباشرة، والتي انتهت دون إحراز تقدم”.

ليس ذلك فحسب، فمن المرجح أن “المفاوضات ستزداد سوءا يوما بعد يوم”، بحسب التقرير، مؤكدا أن “احتمالات التوصل إلى اتفاق بعد مفاوضات الدوحة، أسوأ مما كانت عليه قبلها”.

المسؤول الذي لم يخض في تفاصيل محادثات الدوحة، أشار إلى أنه “يمكنك أن تصفها في أحسن الأحوال بأنها متعثرة، وفي أسوأ الأحوال بأنها رجوع إلى الخلف. ولكن في هذه المرحلة، فإن التعثر يعني عمليا الرجوع للخلف”، وفقا لتقرير. 

اقرأ/ي أيضا: الاتفاق النووي الإيراني.. لماذا انتقل مقر المفاوضات من النمسا إلى قطر؟

جولة المحادثات والنقاط الخلافية

كان مسؤولو الاتحاد الأوروبي قد قاموا بدور الوسيط بين الجانبين في محادثات الدوحة، بمحاولة لإحياء الاتفاق النووي. 

ويوم الثلاثاء الماضي، شهدت العاصمة القطرية الدوحة انطلاق جولة مفاوضات غير مباشرة بين واشنطن وطهران للتوصل إلى اتفاق بشأن الملف النووي، الذي انسحب منه الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترمب عام 2018.

ومن المقرر أن تركزت مفاوضات الدوحة على النقاط الخلافية بين الجانبين التي تعيق التوصل إلى تفاهم لإحياء الاتفاق النووي في محادثات فيينا. 

 تتمثل النقاط الخلافية بمطالب إيران برفع جميع العقوبات المفروضة بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، ومختلف العقوبات التي فرضت ضمن سياسة الضغوط القصوى الأميركية.

في المقابل، تقول واشنطن إن طهران تطالب بما هو خارج الاتفاق، وإن على إيران أن تستجيب للمخاوف التي تتجاوز الاتفاق النووي.

اقرأ/ي أيضا: توقعات بفشل الاتفاق النووي الإيراني

ضمانات مستحيلة

كما تطالب إيران أيضا بضمانات سياسية وحقوقية وتجارية من الجانبين الأميركي والأوروبي حتى لا يتكرر الانسحاب من الاتفاق.

في المقابل، ذكرت أميركا سابقا أنه لا يمكن تقديم ضمانات لإيران بأن الإدارة الأميركية القادمة لن تنسحب من الاتفاق النووي، في حين تسعى إيران لإخراج “الحرس الثوري” من قائمة المنظمات الإرهابية الأميركية.

من جهتها تعتبر واشنطن أن، إخراج الحرس الثوري الإيراني من قائمة المنظمات الإرهابية يحتاج إلى مفاوضات أوسع تشمل ملفات أخرى أيضا، وهذا الأمر ترفضه طهران.

 وتعد الملفات المتعلقة بتنفيذ إيران التزاماتها في إطار اتفاق الضمانات الشاملة من النقاط الخلافية المهمة لدى الجانب الأميركي، بالمقابل تقول إيران إنها ملتزمة بالمقررات وستتراجع عن خطوات خفض التزاماتها النووية إذا تم تفعيل الاتفاق النووي وعادت كل الأطراف إليه.

وأمس الخميس، قال رئيس منظمة الطاقة الذرية في إيران، محمد إسلامي، خلال تصريحات نقلتها وسائل إعلام تباعها موقع “الحل نت”، إن طهران تعول على تمكن الفريق المفاوض من رفع العقوبات ويضع البلاد على مسار التطور بما له من حجج قوية حول أنشطة طهران النووية.

أجواء إيجابية

وأعرب إسلامي عن أمله في أن يتمكن فريق التفاوض النووي الإيراني من تقديم حجج منطقية وقوية بشأن أنشطة إيران النووية، لإلغاء الحظر عن البلاد وتمنى لهم التوفيق لتحقيق الهدف.

كما وصفت إيران المفاوضات التي جرت في الدوحة بأنها “إيجابية” وأنحت باللوم على الولايات المتحدة لعدم تقديم ضمانات بألا تتخلى أي إدارة أميركية جديدة عن الاتفاق مثلما فعل ترمب. وفقا للسفير الإيراني لدى الأمم المتحدة، مجيد تخت روانجي. 

من جهته، قال المسؤول الأميركي إن واشنطن أوضحت منذ بدء المحادثات في أبريل 2021 أنها لا تستطيع منح إيران ضمانات قانونية بأن أي إدارة أميركية تالية ستلتزم بالاتفاق.

وأضاف المسؤول “قلنا إنه لا توجد طريقة قانونية تتيح لنا إلزام إدارة مستقبلية بشيء، لذا بحثنا عن طرق أخرى لتقديم ما يمكن أن يطمئن إيران(…) واعتقدنا أن هذا الملف قد أغلق”.

اقرأ/ي أيضا: محددات أميركية لتفعيل الاتفاق النووي الإيراني

تبادل اللوم

وألقى كل فريق من المسؤولين الأميركيين والإيرانيين بالمسؤولية على الطرف الآخر في عدم إحراز تقدم، ورفض المسؤول الأميركي اتهام طهران لواشنطن بالمسؤولية عن عدم إحراز تقدم، وقال إن الولايات المتحدة ردت بشكل إيجابي على التغييرات التي اقترحها الاتحاد الأوروبي على مسودة الاتفاق الذي تم التوصل إليه خلال المحادثات الأوسع نطاقا في مارس في حين لم ترد إيران على تلك التغييرات المقترحة”.

وأضاف إنه إذا لم يتم إحياء الاتفاق النووي، فإنه “سيكون على القيادة الإيرانية أن توضح لماذا أدارت ظهرها للفوائد المترتبة على الاتفاق من أجل قضايا لن تحدث فرقا إيجابيا في حياة مواطن إيراني واحد”.  

ولم يذكر المسؤول الأميركي تفاصيل عن تلك القضايا، لكن إحياء الاتفاق النووي سيسمح لإيران بتصدير نفطها، الذي يمثل شريان الحياة لاقتصادها، بشكل قانوني.

اقرأ/ي أيضا: ما علاقة الصين بإيقاف الاتفاق النووي مع إيران؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.