في موقف عربي جديد تجاه سياسة التعامل مع الملف السوري وحكومة دمشق، كشفت تقارير صحفية يوم أمس الاثنين، عن دور مصري مغاير حيال عودة دمشق للجامعة العربية خلال الفترة المقبلة، لاسيما وأن مصر، لم تعلن موقفا رافضا للعودة، مكتفية بانتظار حصول إجماع عربي على تفعيل مقعد دمشق في الجامعة.

موقع “إنتلجنس أونلاين“، كشف يوم أمس نقلا عن مصادره الخاصة، بأن القاهرة باتت تعارض عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية، لتنضم بذلك إلى الموقف السعودي الذي كان مغايرا عن موقف الإمارات.

وأشار الموقع إلى أن هذا “الأمر يُعَدّ تحولا في موقف القاهرة، بعد أن كان رئيس الاستخبارات المصرية، عباس كامل، يقود العمل لدعم عودة سوريا إلى الجامعة منذ عام 2020”.

لا شك أن إعادة العلاقات، أو إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية ستُكسب أهمية لحكومة دمشق وحلفائها (إيران وروسيا)، وهذا ما يعارض إمكانية قبول دول مثل مصر والسعودية وحليفتهم الولايات المتحدة حدوث هذا الأمر، خاصة أن الأخيرة ترفض تعويم دمشق ما لم تلتزم بتطبيق القرار الدولي 2254، وإيجاد حل سياسي شامل للبلاد.

 مع ازدياد عدد الدول العربية الرافضة لعودة دمشق إلى الجامعة العربية، فإن مسار التطبيع مع دمشق، وإعادة تعويمها سياسيا مع دول المنطقة يزداد صعوبة، لكن يبقى الموقف المصري الجديد، إذا صحت التقارير الصحفية، مثار تساؤلات حول تداعيات موقف القاهرة، وسر اصطفافها إلى جانب الرياض في معارضة عودة دمشق إلى الجامعة العربية خلال الفترة الحالية، وفيما إذا كان هناك تغييرات جوهرية في السياسة الخارجية المصرية تجاه دمشق.

مصر تدعم الحل السياسي؟

موقع “إنتلجنس أونلاين”، لفت إلى أن “مصر تصطفّ في هذا الموقف مع السعودية، التي تعارض بشدة عودة سوريا إلى الساحة العربية”.

الكاتب الصحفي والمحلل السياسي المصري، كريم شفيق، يرى ضمن السياق ذاته، بأن الموقف السياسي المصري لا يبدو أنه يحمل تغييرات جمة على مستوى الاستراتيجية التي يعمد الارتكاز عليها في ما يخص الأزمات الإقليمية مؤخرا، وتسببت في جملة تحولات جيوسياسية مهمة ومؤثرة على المستويين الإقليمي والأمني، ومنها الملف السوري.

وتابع بالقول “لطالما تعتبر سوريا بالنسبة لمصر بوابتها الشمالية ولها أبعاد استراتيجية حيوية. وبالتالي، الموقف المصري منذ البداية كان يقوم على رفض كل أشكال التدخل، والنفوذ الخارجي في سوريا والمتسببة في تحويل مسار التغيير السلمي، والسياسي للنظام إلى احتراب أهلي بدعم من أطراف، ولاعبين إقليميين دوليين (إيران وروسيا) ساهموا في تعبئة الأوضاع، وإطالة أمد الصراع وتعويم الأسد عدة مرات”.

ووفق المحلل السياسي الذي تحدث لموقع “الحل نت”، فإن رفض القاهرة التعاطي مع أي مكوّن غير شرعي وميليشياوي مسلح في سوريا، وبنفس الدرجة إدانتها الأوضاع الأمنية المنفلتة، فإنها كذلك تطالب بإيجاد فرصة للحل السياسي وإنهاء عسكرة الصراع، كما أنها تبحث عن مقاربة لوضع سوريا أمام مرحلة انتقالية سلمية بمشاركة كافة المكونات، والأطراف دون أن تعيق الحكومة السورية ذلك، وعليه، فإن رفض عودة دمشق لجامعة الدول، إنما هو بسبب موقف الأخيرة المتمادي في نفس سياساته.

قد يهمك: ورقة روسية جديدة لتعويم الأسد.. هل تنجح؟

لا توافق على عودة دمشق

الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، لم يرصد توافقا على عودة سوريا إلى الجامعة العربية خلال اجتماع الدورة 157 لمجلس الجامعة العربية على مستوى الوزراء.

وقال أبو الغيط، خلال مؤتمر صحفي عقب الاجتماع الذي حدث في آذار/مارس الفائت، إن عودة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية لم يبحث في السياق العام أو الإطار العربي العام، لا في الاجتماع التشاوري، ولا في الاجتماعات الوزارية للدورة العادية لمجلس الجامعة.

وأوضح أن مناقشة عودة سوريا إلى الجامعة العربية “سيترك للاتصالات الثنائية بين الدول العربية بعضها البعض. إذا توافر توافق على عودة العضوية، فسيتم الأمر”.

إلا أن أبو الغيط أكد أنه لم يرصد وجود هذا التوافق بعد، بحسب ما نقلت صحيفة “الشرق الأوسط”، في وقت سابق من شهر آذار/مارس الفائت.

في كانون الثاني/ يناير 2021، كشف وزير الخارجية المصري، سامح شكري، عن أسباب عدم عودة علاقات القاهرة مع دمشق. وقال إن “عودة العلاقات المصرية-السورية فيها بعض التعقيد”، مشيرا إلى أن “ما تعرّض له الشعب السوري من كوارث ونزوح” يضع قيودا على تحركات الإقليم تجاه دمشق.

وفي وقت سابق، قال دبلوماسيون غربيون، إن الدول الغربية “يعوّلون على مسار حقيقي لعدم التطبيع مع الأسد، وفرض العقوبات عليه ورفض إعادة الإعمار طالما بقي موقفه على حاله”، وأشاروا إلى أن عدة دول عربية، ومن بينهم مصر والسعودية يرفضون عودة دمشق الى الجامعة العربية، لأن دمشق لم تظهر أي إشارات تدفع إلى تعديل موقفهم منها”.

إن التطورات في سوريا لا تشير إلى إمكان إنهاء النزاع، خاصة مع بروز ملف تهريب المخدرات من الداخل السوري، وتعقّد عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، ومواقف دمشق التي لا تعكس اتجاها للسير في حل حقيقي شامل للأزمة السورية. فضلا عن تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وعدم استجابة دمشق بشكل جدي في التعامل مع ملف المعتقلين والمختفين قسرا، إلى جانب الرضوخ الكامل لكل من إيران وروسيا، الأمر الذي يزيد من عدم قبول المجتمع الدولي والدول الإقليمية؛ مثل مصر والسعودية بهذا الوضع، وبالتالي استحالة عودة دمشق إلى جامعة الدول العربية، في ظل كل ما سبق.

قد يهمك: فرص تطبيع السعودية مع دمشق.. ما الاحتمالات؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.