يكتسب فصيل مغاوير الثورة مزيدا من الاهتمام في الفترة الأخيرة، خاصة بعد زيارة العميد الأميركي كارل هاريس، نائب القائد العام لعملية “العزم الصلب” التابعة للتحالف الدولي، لقاعدة التنف، الواقعة على الحدود السورية- الأردنية، واجتماعه بمهند طلاع، قائد الفصيل، الأسبوع الماضي. وسط أنباء عن مخطط لتوسيع انتشار الفصيل خارج حدود المنطقة 55، المحيطة بالتنف، بدعم من قوى إقليمية ودولية.

وكانت مصادر إعلامية إيرانية قد تحدثت عن مشروع نشر فصيل مغاوير الثورة في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد). وقالت قناة “العالم” الإيرانية إن “قوات التحالف بدأت بإحداث مواقع للفصيل جنوبي مدينة الشدادي، بالقرب من القاعدة العسكرية الأميركية هناك، وزودته بعربات عسكرية، إضافة الى أسلحة متوسطة وثقيلة”.

وتابعت القناة أن “هدف القوات الأميركية هو زيادة الحضور العربي المسلح في مناطق سيطرة قسد، وحماية آبار النفط”. مشيرة إلى “زيادة عمليات التدريب في المنطقة 55، حيث جرت مناورات عديدة تدريبية بالذخيرة الحية، وبمشاركة طائرات أميركية، الهدف منها زيادة قدرة هذه المجموعة المسلحة على حماية آبار النفط، والقواعد الأميركية في المنطقة”.

فهل تسعى الولايات المتحدة إلى تقوية فصيل مغاوير الثورة وزيادة انتشاره؟ وما علاقة التحركات الأخيرة بالتطورات في الملف السوري؟

رسائل تحذيرية لموسكو عبر دعم فصيل مغاوير الثورة

مصادر خاصة لـ”الحل نت” ربطت زيارة المسؤول العسكري الأميركي البارز إلى التنف بالقصف الروسي لمقرات فصيل مغاوير الثورة في المنطقة، منتصف حزيران/يونيو الماضي.

 وقالت المصادر إن “الزيارة جاءت تأكيدا من الولايات المتحدة على حضورها القوي في التنف. وذلك في رسالة تحذيرية لروسيا، على خلفية ازدياد التوتر بين واشنطن وموسكو، بسبب غزو الأخيرة لأوكرانيا”.

وكانت شبكة “سي إن إن” الأميركية قد أكدت، نقلا عن مسؤولين أميركيين، أن “روسيا حذرت الجيش الأميركي، من أنها ستشن ضربات جوية ضد مسلحين محليين متحالفين مع الولايات المتحدة في جنوب شرق سوريا (التنف)”. وأضافت الشبكة أن “ذلك أدى إلى قيام الولايات المتحدة بتحذير المقاتلين بسرعة لنقل مواقعهم، والتأكد أيضا من عدم وجود قوات أميركية في الجوار”. مؤكدة أنه “لم يكن على القوات الأميركية التحرك، لأنها كانت بعيدة بما فيه الكفاية، لكن المقاتلين المحليين فعلوا ذلك”.

وبالفعل، أكد فصيل مغاوير الثورة أن “أضرار الضربات الروسية اقتصرت على المادية في النقاط المستهدفة”. مشيرا إلى “عدم تسجيل أي إصابات في صفوف عناصره”.

وبالعودة إلى زيارة هاريس إلى التنف، واجتماعه بقائد مغاوير الثورة، قال المتحدث باسم الفصيل عبد الرزاق خضر إن “الاجتماع ناقش الخطط اللازمة لتأمين حماية المنطقة، والقضاء على تنظيم داعش”.

وبما يخص الأنباء عن توسيع مناطق انتشار فصيل مغاوير الثورة خارج منطقة التنف، نفى خضر، في تصريحاته لـ”الحل نت”، كل ما يتم تداوله بهذا الخصوص، مبينا أن “الفصيل سينشر أي تفاصيل على معرفاته الرسمية، في حال حصول أي تطور”.

ما علاقة الأردن؟

وكشفت تقارير إخبارية، مطلع حزيران/يونيو الماضي، عن اجتماعات بين المخابرات الأردنية وضباط من التحالف الدولي في قاعدة التنف، بطلب أردني، للنظر بالآليات الواجب استخدامها لمواجهة التمدد الإيراني على الحدود الأردنية السورية، ومكافحة تنظيم داعش.

ورغم عدم تأكيد مصادر أردنية رسمية لحدوث هذا الاجتماع، إلا أن مراقبين لم يستبعدوا فرضية استعانة الأردن بفصيل مغاوير الثورة، لتشكيل مجموعات محلية، لمكافحة عمليات تهريب المخدرات والأسلحة من داخل الأراضي السورية.

صلاح ملكاوي، الباحث الأردني، قال لـ”الحل نت” إن “أنباء ترددت في الفترة الأخيرة، تشير إلى وجود أذرع أردنية في الداخل السوري، مثل مغاوير الثورة في التنف، وقوة مكافحة الإرهاب في السويداء“.

إلا أنه ينفي هذه الأنباء، مؤكدا أن “الأردن ليس بصدد دعم فصائل محلية في سوريا، ولديه ما يكفي من الأدوات، التي تمكّنه من فرض الحل الناجع، الذي يضمن الحد من المخاطر القادمة من الحدود السورية، أي تهريب المخدرات، والأسلحة إلى الأراضي الأردنية وصولا إلى دول الخليج”، حسب تعبيره.

لماذا تحتفظ واشنطن بفصيل مغاوير الثورة”؟

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت قاعدة في منطقة التنف عام 2016، بهدف محاربة تنظيم داعش، وتمركزت فيها قوات أميركية وقوات من التحالف الدولي، مع تقديم دعم لفصيل مغاوير الثورة، الذي يتولى حراسة حدود المنطقة. وما زال الفصيل يتلقى تدريبات متواصلة من التحالف.

وحول أهداف الولايات المتحدة من البقاء في التنف، ودعم فصيل مغاوير الثورة، يقول المحلل السياسي د.باسل المعراوي: “الولايات المتحدة احتفظت بقاعدة استراتيجية تقع في منطقة فائقة الأهمية، على مثلث الحدود السورية الأردنية العراقية، توفّر منطقة عازلة بعمق خمسة وخمسين كيلو مترا، بحجة محاربة داعش”.

لكن السبب الحقيقي، حسب المعراوي، هو أن “القاعدة تخدم مصالح أميركا بمواجهة النفوذ الإيراني في سوريا”. مبينا أن “القاعدة نقطة ارتكاز لقطع الطريق بين العراق وسوريا، بالاعتماد على القوة الجوية الكاسحة التي تمتلكها واشنطن؛ وعلى قوات برية، عمادها فصيل مغاوير الثورة”.

ويضيف لـ”الحل نت”: “نتيجة انشغال روسيا بغزوها لأوكرانيا، وما يبدو انهيارا للتفاهمات، التي كان يرعاها الروس في الجنوب السوري، تزايدت شكاوى الأردن من تمدد الميليشيات الإيرانية، وهذا ما أدى إلى طرح سيناريوهات لحماية الحدود السورية- الأردنية، ومنها أن تستعين المملكة بفصيل مغاوير الثورة، لحراسة حدودها”.

ووسط تناقض الإفادات والتحليلات يصعب تحديد الدور الفعلي، الذي سيلعبه فصيل مغاوير الثورة مستقبلا، إلا أن الثابت أن هذا الفصيل يتمتع بأهمية متزايدة في المعادلة الميدانية في سوريا.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.