آثار خطابات العنصرية والكراهية على حياة اللاجئين السوريين في تركيا، يبدو أنها بدأت تظهر بشكل جلي، لتشكل أمامهم عوائق إضافية زادت من حجم معاناتهم في شتى مجالات الحياة، السكن، العمل، الإجراءات القانونية…الخ.

لا يزال عبد الرحمن، وهو لاجئ سوري يقيم في غازي عنتاب، يبحث عن منزل يقبل صاحبه أن يؤجره للسوريين، حسب وصفه، يقول خلال حديث مراسل “الحل نت” معه: “وجدت عشرات المنازل، ورغ أنها منازل وصلت أسعار إيجاراتها إلى ما يزيد عن أربعة آلاف ليرة تركية، ولكن عندما يعرف أصحابها أننا سوريون يرفضون تأجير منازلهم”.

الشاب يضيف، بأنه “وعائلته لم يضطروا للبحث عن منزل إلا لأن صاحب المنزل الذي يستأجرونه اليوم يريد منزله، معطيا إياهم مهلة حتى 20 من الشهر الحالي لإخلائه، وسط حالة من القلق جعلت عائلة الشاب يبحثون دون توقف عن منزل ملائم لهم”.

لم تقتصر آثار العنصرية وخطابات الكراهية التي باتت متداولة عن السوريين في تركيا على إيجارات المنازل، بل امتدت إلى مجالات حياتية أخرى كالعمل وصعوبة إنجاز الإجراءات القانونية وسط تضييق واضح يعاني منه اللاجئون السوريون في البلاد.

إقرأ:عشرات اللاجئين السوريين يغادرون تركيا.. ماذا يحصل؟

خوف من الترحيل

مع ارتفاع وتيرة خطابات الكراهية والعنصرية بحق السوريين في البلاد، ازدادت مخاوفهم من التعرض للترحيل في الوقت الذي وثقت فيه حالات ترحيل للآلاف خلال الأشهر القليلة الماضية.

“أحاول الحديث بصوت منخفض أو لا أتحدث في أماكن الازدحام كي لا يعرفون أنني سوري” بهذه الكلمات، يبدأ حديثه الشاب محمد أبو صلاح أحد الذين قابلناهم خلال إعداد المادة في غازي عنتاب، يقول لـ “الحل نت”: “في حال تعرضت لاعتداء، أصبحت أخشى تقديم شكوى كي لا يتم ترحيلي، صار موضوع الترحيل أسهل قرار يتخذونه بحقنا نحن السوريون”.

وحسب الشاب، فإن “اشتداد العنصرية جعلته يضطر لتغيير عدة تصرفات، كأن لا يتأخر بالعودة للمنزل ولا يخرج كثيرا، وسط بحثه المتواصل عن طريقة للجوء إلى بلد آخر”.

ويتزامن ازدياد وتير خطابات العنصرية والكراهية بحق السوريين مع ارتفاع أعداد المرحلين إلى سوريا، ففي إحصائية معبر باب الهوى لشهر حزيران / يونيو الماضي، وصل عدد المرحلين إلى 1729 لاجئا، فيما كان عدد المرحلين من ذات المعبر في الشهر الذي سبقه، 1222 لاجئا سوريا.

قد يهمك:ما علاقة السوريين بانقلاب جديد في تركيا؟

وكأنها سجن!

“هذه البلاد وكأنها سجن كبير للسوريين، تسافر بين مدينة وأخرى تحتاج لإذن سفر، قد يتم ترحيلك إلى سوريا بسبب أصغر مشكلة” بهذه الكلمات يصف الشاب محمد أبو مهند حال السوريين في تركيا.

الشاب يتحدث عن ظروفه لـ “الحل نت”: “حاليا أنا في إسطنبول، أقيم مع عدة شبان ونحاول المضي في طريق اللجوء نحو أوروبا، حاولنا لأول مرة ولم ننجح، نمكث الآن في منزل بمنطقة إسنيورت ونكاد لا نخرج إلا لجلب الاحتياجات الضرورية فقط”.

ويكمل حديثه، بأن “دوريات الشرطة تتنقل بين الأحياء باستمرار، فيما يوجد العديد من السوريين يحملون وثائق كيملك صادرة عن غير ولايات أو لا يحملون أية وثائق، أما عناصر الشرطة فهناك من يلبس لباسا مدنيا، لذلك أي شخص معرّض للإيقاف وإبراز وثائقه الثبوتية”.

ورغم أن الشاب يتقن اللغة التركية بشكل جيد، إلا أنه مضطر اليوم لمحاولة اللجوء إلى إحدى دول أوروبا، معيدا ذلك إلى “العنصرية التي بات يعاني منها غالبية السوريين هنا” تاركا وراؤه عائلته ريثما يصل ويبدأ في أوراق “لم الشمل”، وفق حديثه.

إقرأ:مسؤولون أتراك ينشرون مغالطات بحق اللاجئين السوريين بتركيا

ويبدو أن نسبة كبيرة من اللاجئين السوريين، باتوا يحاولون إيجاد طرق للوصول إلى بلدان أخرى بدل البقاء في تركيا في ظل تخوف من مصير بقائهم في البلاد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.