أثار ما عرف مؤخرا باسم صورة الرفاعي وهنية كثيرا من الجدل والاحتجاجات، خاصة في أوساط المعارضة السورية، فقد انتشر مقطع فيديو للقاء، جمع بين الشيخ أسامة الرفاعي، رئيس “المجلس الإسلامي السوري”، وإسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لـ”حركة المقاومة الإسلامية” (حماس).

وبحسب ما نشره الصحفي الفلسطيني وائل أبو عمر، على حسابه في موقع “تويتر”، تم اللقاء يوم الاثنين الفائت، الرابع من تموز/يوليو، في مدينة إسطنبول التركية، على خلفية الحفل الذي أقامه هنية لتكريم حفيدته سجى، بمناسبة إتمامها حفظ القرآن الكريم.

وقد أظهر التسجيل، المنشور على عدد من مواقع التواصل الاجتماعي، الشيخ الرفاعي إلى جانب هنية وحفيدته، وهي تلقي كلمة لأهالي غزة، بحضور عدد من رجال الدين.

وارتبطت الردود الغاضبة على الصورة، من قبل الناشطين المعارضين السوريين، بخطوة حركة “حماس” باتجاه إعادة علاقتها مع حكومة دمشق، إضافة لما صدر عن هنية في كلمة سابقة له، حين وصف قاسم سليماني، رئيس فيلق القدس بـ “الحرس الثوري” الإيراني، بـ”شهيد القدس”.

بدوره أصدر “المجلس الإسلامي السوري” بيانا مصّورا، يوضح فيه ملابسات صورة الرفاعي وهنية. معتبرا أن “اللقاء كان لغرض واحد، وهو تنبيه حركة حماس، بغرض ثنيها عن قرار إعادة علاقتها بالنظام”، حسب تعبير البيان، الذي أضاف أنه “تم إرسال رسائل واضحة، من علماء العالم الإسلامي عموما، والمجلس الإسلامي السوري خصوصا، لحركة حماس، ومفادها أنه إذا لم تستجب الحركة لطلب العلماء بعدم إعادة العلاقات مع النظام، سيصدر المجلس الإسلامي السوري بيانا تفصيليا حول هذا القرار الخطير”.

وأوضح البيان أن “صورة الرفاعي وهنية، التي تم تسريبها، التقطت على هامش لقاء مطوّل، تم التركيز فيه على خطورة قرار حماس إعادة علاقاتها مع (النظام السوري)، دون ترتيب مسبق للصورة في خاتمته”.

إلا أن هذا البيان لم يقنع كثيرا من الناشطين المعارضين، الذين اعتبروا صورة الرفاعي وهنية تطورا خطيرا في توجه الجهات الإسلامية، المنضوية في أطر المعارضة السورية.

معارضون سوريون: “صورة الرفاعي وهنية استفزاز علني من قبل الإسلاميين”

الصحفي السوري عقيل حسين قال لموقع “الحل نت” إن “صورة الرفاعي وهنية مستفزة جدا للسوريين المعارضين. فقد أغضبنا قرار حماس بتطبيع علاقاتها مع حكومة دمشق، لذا فإننا ننظر للفيديو المسرب باعتباره مكافأة من الشيخ أسامة الرفاعي والمجلس الإسلامي لحماس، أو على الأقل رسالة للحركة، ولنا نحن الغاضبين، بأنه لا قيمة للنقد الشعبي السوري العارم تجاه القوى الإسلامية، ومنها حركة حماس”.

ويضيف حسين أن “بيان المجلس الإسلامي السوري لم يكن ليصدر لولا تسريب صورة الرفاعي وهنية، وهو ما بدا في كلمة المتحدث باسم المجلس، الذي يبدو أن ما أغضبه هو فقط تسّرب الأنباء عن اللقاء. وبالتالي لم يكن أمام المجلس سوى اللجوء إلى هذا النوع من الخطاب، لامتصاص غضب الجمهور”.

وكانت وكالة “رويترز” قد نقلت عن مسؤولين رفيعين في حركة حماس، الأسبوع الفائت، أن “قرار الحركة بإعادة علاقتها مع حكومة دمشق قد صدر بالإجماع. وذلك بعد لقاءات مباشرة بين الطرفين برعاية إيران، وذراعها الإقليمي حزب الله”.

المجلس الإسلامي السوري: “صورة الرفاعي وهنية استغلال لحياء الشيخ”

موقع “الحل نت” تواصل مع الشيخ مطيع البطين، المتحدث الرسمي باسم “المجلس الإسلامي السوري”، الذي أفاد أن “قراءة صورة الرفاعي وهنية على أنها إقرار لسياسة حركة حماس، بعيد كل البعد عن الحقيقة. ويؤكد هذا الأمر بيان المجلس الواضح، في رفضه للتطبيع مع النظام. إذ لو بقيت الصورة بدون توضيح أو بيان، يمكن اعتبار ذلك التفسير مقبولا، إلا أن البيان قطع كل الشكوك والظنون المثارة حول الصورة المسرّبة”.

ويستنكر البطين نشر الصورة، الذي جاء بدون ترتيب مسبق، قائلا: “كان هناك اتفاق بأن لا يكون هناك تصوير للقاء، إلا أن هنية أبدى رغبته في مباركة العلماء لحفيدته، وجاءت صورة الرفاعي وهنية على إثر ذلك الحدث المقحم باللقاء”. لذا يعتبر البطين تصرف هنية “تصرفا غير سليم، مرفوضا ومدانا، وقائما على استغلال طابع الحياء، الذي يتمتع بها أهل العلم”، على حد تعبيره.

ويتابع البطين أنه “سيتم التواصل في الفترة القادمة مع حركة حماس، للاستفسار عن قرارها، وإذا كانت مصرة على المضي بعلاقاتها التطبيعية مع نظام الأسد. وفي هذه الحالة سيكون للمجلس بيان واضح تجاه الحركة. ففي حال تراجعت الحركة عن قرارها، سيكون هذا موقفا يستحق الثناء، أما في حال عدم ورود رد بالنفي أو الإيجاب فلكل حادث حديث”.

وكان أعضاء “المجلس الإسلامي السوري”، و”مجلس الإفتاء السوري”، قد انتخبوا الشيخ أسامة عبد الكريم الرفاعي بالإجماع مفتيا عاما لسوريا، في الخامس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر عام 2021، بعد أربعة أيام من تجريد أحمد بدر الدين حسون من مهامه مفتيا لسوريا، وإلغاء حكومة دمشق لهذا المنصب.

ما التوجه والدور السياسي للمجلس الإسلامي؟

من جهته يتحدى الصحفي عقيل حسين “المجلس الإسلامي السوري”، والعلماء المشاركين في ذلك اللقاء، بإصدار بيان إدانة صريح ضد حركة “حماس” إذا ما تمسكت بموقفها. مرجّحا “إصرار الحركة على عودة علاقاتها مع النظام السوري”. ومعتبرا “الحديث عن تهديد حماس وتحذيرها، من قبل المجلس الإسلامي السوري، ليس إلا ذرا للرماد في العيون”، حسب تعبيره.

ويضيف حسين أن “خسارة المعارضة السورية المسلحة لأجزاء كبيرة من مناطق سيطرتها، ارتبطت في أذهان الناس بالإسلاميين. ومع ذلك يُصر المشايخ على أن يفرضوا أنفسهم أوصياء على المعارضة، من خلال إسباغ القداسة الرمزية على أنفسهم، رغم الأخطاء الكبرى التي يرتكبونها، مثل صورة الرفاعي وهنية”.

مختتما حديثه بالقول: “يجب أن نستمر في مواجهة كل فعل سلبي، بالمستوى الذي يتطلبه هذا الفعل، بغض النظر عن هوية الفاعل، سواء كان شيخا أو قسيسا أو سياسيا أو ناشطا حقوقيا. فالجميع تحت طائلة النقد، وليست هناك قداسة لأحد”.

فيما يرى الشيخ مطيع البطين أن “المجلس الإسلامي السوري ليس جهة سياسية، ولكن لا يفترض به الجلوس في الزاوية، واعتزال الشأن العام. لذا فإن ما قام به المجلس، يأتي من كونه جهة مرجعية تعمل في الشأن العام، تجاه حركة تقول إنها ذات توجه إسلامي، ثم تذهب للوقوف مع الظالم”.

كثير من المراقبين تحدثوا عن التوافق الأيديولوجي بين المجلس الإسلامي السوري وحركة حماس، بوصفهما مقربين من التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، ما يجعل إدانة تصرفات حماس شديد الصعوبة بالنسبة للمجلس الإسلامي، وقطع العلاقات بين الطرفين غير مطروح، وهو ما تثبته صورة الرفاعي وهنية.

من جهة أخرى تبدو الإدانة الكبيرة للصورة جانبا من صراع داخل المعارضة السورية، تحاول فيه بعض القوى السياسية كسر هيمنة الإخوان المسلمين على المعارضة. وصورة الرفاعي وهنية كانت فرصة لإدانة المواقف غير المتجانسة والبراغماتية للإخوان.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.