سوريا بشكل عام من البلدان الغنية بآثارها التي تعود إلى عصور مختلفة، ولعل مدينة تدمر من أكثر المدن السورية غنى بالآثار، فعلى الرغم من الاكتشافات الأثرية الكثيرة فيها، لا تزال تحوي آثار عديدا كُشف عن بعضها مؤخرا.

إله غامض

تقرير لموقع “آر تي” الروسي، اليوم الأربعاء، أشار إلى أن، هوية إله غير معروف، كُشف عنه مؤخرا، موصوفة في نقوش من مدينة تدمر القديمة السورية، حيرت علماء الآثار لفترة طويلة من الزمن، ولكن بعثة أثرية استطاعت حل هذا اللغز.

التقرير بيّن أنه تم ذكر الإله المجهول في العديد من النقوش الآرامية في تدمر، ويشار إليه بعبارة “هو الذي يُبارك اسمه إلى الأبد”، و “سيد الكون” و “رحيم”، ويعود تاريخ العديد من هذه النقوش إلى حوالي 2000 عام.

وبحسب التقرير، ومن أجل حل اللغز، قارنت الباحثة البولندية ألكساندرا كوبيك شنايدر، النقوش من تدمر بالنقوش الموجودة في جميع أنحاء بلاد ما بين النهرين، والتي تعود إلى الألفية الأولى قبل الميلاد، فاكتشفت أن الآلهة المعبودة في بلاد ما بين النهرين تمت الإشارة إليها بأسماء مشابهة للإله المجهول من تدمر.

وأضافت شنايدر، أن”الإله” المجهول المذكور في نقوش تدمر ليس إلها واحدا، ولكنه آلهة متعددة “بعل شمين” و”بيل ماردوك” وكما تدعي أن الناس لم يذكروا اسم الآلهة كدليل على الاحترام.

وفي نفس السياق، نقل التقرير، عن أحد الباحثين، أن الإله الذي لم يذكر اسمه يشير على الأرجح إلى آلهة متعددة، لكنه كان قلقا من أن بعض النصوص البابلية، التي درستها كوبيك شنايدر تعود إلى قرون ما قبل النقوش من تدمر.

إقرأ:ترميم قوس النصر بتدمر: ما مكاسب روسيا من الهيمنة على ملف الآثار السورية؟

ترميم أم نهب لآثار تدمر

تقرير سابق لـ”الحل نت”، تساءل حول ترميم قوس النصر بتدمر من قبل جهات روسية، وهو من أهم المعالم الأثرية للمدينة، والفوائد التي ستجنيها روسيا من هذه العملية، في الوقت التي تعاني فيه من أزمات مالية واقتصادية وسياسية وعسكرية، عقب غزوها لأوكرانيا.

وكانت الوكالة السورية للأنباء “سانا”، في شهرأيار/مايو الماضي، قد أكدت “بدء عملية ترميم القوس، التي تنفذ بالتعاون بين المديرية العامة للآثار والمتاحف التابعة لوزارة الثقافة، والأمانة السورية للتنمية، ومركز إنقاذ ترميم الآثار، التابع لمعهد تاريخ الثقافة المادية لأكاديمية العلوم الروسية”.

الخبير الأثري السوري أحمد خنوس أوضح لـ”الحل نت” في وقت سابق، أن “قوس النصر، الذي يعود تاريخه إلى ألفي عام قبل الميلاد، يعتبر من أبرز المعالم الأثرية في تدمر، بل أيقونتها”.

وحول أهداف روسيا من ترميم قوس النصر بتدمر، لفت الخبير الأثري إلى “محاولة روسيا إظهار اهتمامها بالجانب الثقافي والأثري في سوريا، لتغطية عمليات نهب الآثار السورية“، مشيرا إلى أن هذه الخطوة، هي محاولة لتبييض صفحة روسيا السوداء في سوريا، ولا تعدو كونها دعاية من إنتاج الماكينة الروسية الإعلامية.

وما يبعث على الريبة، من وجهة نظر الخبير الأثري، أن “روسيا لا تمتلك الخبرة الكافية، التي تؤهلها لترميم معلم أثري بأهمية قوس النصر، ما يعني حكما أن عملية الترميم ستكون بعيدة كل البعد عن الاحترافية والدقة والعلمية المطلوبة”.

من جهته، الكاتب والباحث الأثري عمر البنيّة بيّن في وقت سابق لـ”الحل نت”، أن “الهدف الروسي من وراء ترميم قوس النصر بتدمر ،هو الاستحواذ على الدعم الدولي المخصص للقطاع الأثري السوري، وهو الدعم الذي تقدمه منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)”، لافتا إلى استثناء ملف الآثار السوري، ودعمه من عقوبات قانون قيصر الأميركي لحماية المدنيين في سوريا.

وأكد البنيّة أن “روسيا تخطط للاستحواذ على الأموال التي تصل إلى سوريا لتمويل عمليات ترميم الآثار السورية، التي تضررت من الحرب. وإلى جانب ذلك، تريد روسيا ممارسة الدعاية من زاوية مهمة للغرب، أي الآثار والثقافة، وذلك لصرف الأنظار عن همجية قواتها، وهو ما ظهر سابقا في سوريا، وفي أوكرانيا حاليا”.

قد يهمك:استرجاع آثار تدمر من سويسرا.. “الحل نت” يكشف طريق تهريب الآثار إلى أوروبا

آثار تدمر والتهريب

تقرير سابق لـ”الحل نت”، أشار إلى أنه خلال الأعوام السابقة نشط تهريب الآثار في سوريا إلى أوروبا ودول أخرى والاتجار بها، وتم استغلالها من قبل كافة أطراف الصراع في البلاد. ولكن تدمر كانت علامة فارقة، لا سيما بعد سيطرة تنظيم “داعش” عليها.

وأوضح التقرير، أنه في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي، قامت سويسرا بتسليم دمشق 3 قطع أثرية، والتي تعود لأحد المواقع في مدينة تدمر المدرجة في سجل التراث العالمي لدى اليونسكو منذ العام 1980، مبينا أن القطع قد استقرت في متحف الفن والتاريخ السويسري، بعد أن تم تهريبها من سوريا عام 2015.

وبحسب التقرير، فإنه لا تقديرات رسمية لحجم الآثار التي تم تهريبها ونهبها من سوريا على مدار السنوات الأخيرة. أو تلك التي عبر بها مهربون ووسطاء وتجار الحدود، إلا أن تقديرات منظمة “يونيسكو”‏ الدولية، تقدر أن حجم تجارة الآثار في سوريا بلغ نحو 15 مليار دولار أميركي.

إقرأ:“ظروف أمنية” أدت إلى تشويه الآثار السوريّة.. القصة الكاملة

وكان مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، أصدر عام 2015 تحذيرا، على خلفية انتعاش التهريب والإتجار بالآثار السورية على خلفية الصراع، أشار فيه إلى أن الآثار التي نهبت في سوريا تباع في الأسواق السوداء الأوروبية.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.