لم ينتج عن الجولات الثمان الماضية من اجتماعات اللجنة الدستورية السورية أي نتائج مرضية، إذ لم تحدث تلك الجولات أي خرق حقيقي أو تقدم بشأن التوصل للتفاهم حول المبادئ الدستورية التي طُرحت من قبل الأطراف المشاركين، وعلى الرغم من انخفاض مستوى التوقعات من حصول أي نتائج إيجابية، إلا أنه كان مقررا عقد جولة تاسعة.

ولكن تم الإعلان يوم أمس السبت عن تأجيلها لأجل غير مسمى، نتيجة طلب تقدم به رئيس وفد دمشق في اللجنة أحمد الكزبري، بتأجيل الاجتماع مشترطا الموافقة على الشروط الروسية، لذلك بات التدخل الروسي واضحا في عمل اللجنة التي من المفترض أن تكون سورية فقط، وهذا ما يطرح تساؤلا حول الدور السلبي لروسيا، وماذا بعد هذا التأجيل.

دور مشترك في التأجيل أم خضوع لروسيا؟

الرئيس المشترك للجنة الدستورية، هادي البحرة، أعلن يوم أمس السبت، عن تسلّمه رسالة رسمية تفيد بتأجيل الجولة التاسعة من اجتماعات اللجنة، بناء على طلب من وفد حكومة دمشق، وأوضح البحرة، في تصريحات صحفية، أن المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، أبلغه برسالة رسمية بتأجيل الجولة لـ”إخطاره من قبل الرئيس المشترك الذي رشحته حكومة دمشق، إن وفده سيكون مستعدا للمشاركة في الجولة التاسعة، فقط عندما تتم تنفيذ الطلبات المقدمة من الجانب الروسي”، بحسب متابعة “الحل نت”.

المستشار حسن الحريري، عضو اللجنة الدستورية، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن روسيا ساهمت بتأجيل انعقاد الجولة التاسعة، ودمشق استغلت هذا الأمر من خلال تقديم الطلب من قبل ممثل وفد دمشق، إلى المبعوث الدولي غير بيدرسون، لتأجيل الاجتماع، مع شرط ألا ينعقد إلا بتنفيذ الطلبات الروسية بنقل مكان الاجتماع، أي أن هناك تبادلا للمصالح بين الطرفين، في تعطيل اجتماعات اللجنة.

من جهته، يرى المحامي سليمان القرفان، عضو اللجنة الدستورية عن قائمة المجتمع المدني، في حديثه لـ”الحل نت”، ليس الدور السلبي لروسيا فقط ما يقف وراء تأجيل الجولة التاسعة، فحكومة دمشق لا تستطيع الخروج من العباءة الروسية، وما جرى نتيجة طبيعية في عدم حضور وفد دمشق بعد إصرار الروس على إعفاء وفدهم من إجراءات الحصول على تأشيرات الدخول إلى جنيف.

إقرأ:تأجيل اجتماعات اللجنة الدستورية السورية.. ما علاقة روسيا؟

ما هو تأثير تأجيل الجولة التاسعة؟

بحسب تسريبات اطلع عليها “الحل نت”، فإن بيدرسون أرسل قبل ثلاثة أسابيع ثلاثة مقترحات إلى الرئيسين المشتركين للجنة الدستورية، هادي البحرة وأحمد الكزبري، مطالبا إياهم بوجوب الرد عليها أو إرسال مقترحات بديلة ممكنة التطبيق.
وجاءت المقترحات كالتالي، ضرورة الانتهاء من مناقشة المبادئ الأساسية للدستور في الجولة التاسعة، وتخصيص الجولة التاسعة للانتهاء من كل المبادئ الأساسية للدستور، ويمكن استكمال المبادئ في جلستين فقط من الجولة العاشرة.

وأيضا توافق الوفود على تقديم مسودة صياغة لكل فصل من مواد الدستور، ويتفق الرئيسان المشتركان على الاجتماع وفق العناوين الأساسية التالية، ” الجولة التاسعة للمبادئ الأساسية للدستور، والجولة العاشرة للحقوق والحريات، والجولة الحادية عشر لمناقشة سيادة القانون، والجولة الثانية عشر لمناقشة السلطة التشريعية، والجولة الثالثة عشر لمناقشة السلطة التنفيذية، والجولة الرابعة عشر لمناقشة السلطة القضائية، والجولة الخامسة عشر لمناقشة المحكمة الدستورية العليا، والجولة السادسة عشر لمناقشة التعديلات الدستورية، أما الجولة السابعة عشر لمناقشة المبادئ الانتقالية في الدستور”.

وفي هذا السياق، يرى القرفان، أن هناك تذمرا واضحا من قبل بيدرسون نتيجة عدم التقدم في اجتماعات اللجنة، والاتفاق على منهجية محددة للإسراع بعمل اللجنة، والانتهاء من المبادئ الدستورية في الجولة التاسعة، ومن ثم العمل على الانتهاء من كل باب من أبواب الدستور.

ولذلك لجأ وفد دمشق، لطلب التأجيل من أجل اللعب على عامل الوقت والإغراق في التفاصيل، فحكومة دمشق لا تزال تصر على عدم الانخراط بشكل جدي بكتابة دستور جديد، وبالتالي فإن هذا التأجيل يعتبر بمثابة إطلاق رصاصة الرحمة على المسار الدستوري، الذي سينتهي خلال الأشهر القليلة القادمة.

ومن جهته، يرى الحريري، أن أبرز تأثير للتأجيل، هو أنه من الممكن أن ينسف العملية الدستورية بالكامل، ولن يكون بعد ذلك انعقاد للجنة، وهذه رغبة حكومة دمشق، خاصة بعد رسالة الدعوة التي أرسلها المبعوث الخاص، والتي تتضمن عدة أمور بينها وضع جدول زمني لشجرة الدستور، بحيث ينتهي الدستور خلال 6 أو 7 جلسات لاحقة للجولة التاسعة بشكل كامل.

قد يهمك:سوريا.. الحل السياسي الضائع بين اللجنة الدستورية ومسار “أستانا”

هل تسعى روسيا لإنهاء اللجنة؟

روسيا تستغل عدم إعطاء وفدها تأشيرات دبلوماسية للدخول إلى سويسرا ذريعة لتأجيل اجتماع اللجنة الدستورية، وهذا ما يثبت عدم حياديتها، بل ورغبتها بإنهاء اللجنة بعد تعطيل وتخريب عملها.

فروسيا، بحسب الحريري استغلت موضوع التأشيرات بشكل سياسي، كردة فعل على التصرف السويسري، الذي تراه موسكو ناتجا عن ضغوطات غربية على سويسرا، بسبب العقوبات المفروضة على روسيا.

وأضاف الحريري، من الواضح أن روسيا تسعى لإنهاء عمل اللجنة الدستورية، لأنه بالعودة إلى القواعد الإجرائية للجنة، يجب أن تكون عملية الحوار سورية سورية، وأن تكون منتظمة وتخدم الشعب السوري وتضع حدا لمعاناة الشعب السوري.

وبقيام دمشق بطلب إدخال الروس في هذه العملية من خلال رفض عقد الجولة التاسعة حتى يتم تحقيق مطالب الروس، فذلك يعني مخالفة القواعد الإجرائية للجنة، أي من الممكن أن تذهب العملية السياسية إلى غير رجعة، ما لم يتم توفير ظروف جديدة وملائمة لاستمرارها.

وأيضا يرى القرفان، أن التأجيل تم بتوافق بين موسكو ودمشق، لتخريب مسار اللجنة الدستورية، وإنهائها بشكل كامل وبالتالي الالتفاف على القرارات الأممية وخاصة القرار 2254.

إقرأ:ضياع في اللجنة الدستورية السورية.. ما فائدة الجولة الثامنة؟

بات من الواضح أن المسار السياسي لحل الأزمة السورية، أصبح في نهايته فكل المعطيات، وأسباب تأجيل الجولة التاسعة للجنة الدستورية تدل على عدم وجود أي جدية من حكومة دمشق للتوصل إلى حل للأزمة، وبرز ذلك بشكل كبير بعد تحديد الجدول الزمني لإنهاء الدستور، والذي حدده المبعوث الدولي في رسالة الدعوة للجولة المؤجلة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.