بين اللجنة الدستورية و”أستانا”، يبدو أن مسار الحل السياسي في سوريا، بدأ يواجه خطر النسيان من الأطراف الفاعلة في الملف السوري، وذلك تزامنا مع الفشل المستمر لمسار اللجنة الدستورية السورية، فضلا عن تحول اجتماعات أستانا للقاءات تسعى الدول الضامنة فيها لمناقشة مصالحها الإقليمية بعيدا عن بحث آليات حقيقية ومناسبة للحل السياسي.

روسيا سبب الفشل

مسار “أستانا” الذي صنعته روسيا قبل سنوات، اختتم اليوم محادثاته الـ18، دون أن تأتي الدول الضامنة بأي جديد من شأنه الدفع بالعملية السياسية في سوريا، فأكد البيان الختامي كعادته، على بذل المزيد من الجهود لضمان استقرار الوضع في منطقة خفض التصعيد بمنطقة إدلب السورية.

وشددت كذلك الدول الضامنة في البيان الختامي، على “الالتزام الثابت بسيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وفقا لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، مشددة على أن هذه المبادئ تخضع للمراعاة والإحترام العالميين“.

السياسية والباحثة الأكاديمية، وعضو اللجنة الدستورية السورية، الدكتورة سميرة مبيّض، ترى أن الاستعصاء السياسي في الوضع السوري، ناجم عن تدويل القضايا السورية وربطها بقضايا متعددة المحاور المتصارعة فيما بينها، مما يعيق ويعطل الوصول لحل سياسي سوري.

قد يهمك:اللجنة الدستورية السورية.. دوران في حلقات مفرغة

وتقول مبيّض في حديثها لـ“الحل نت“: “أعتقد أن الملف السوري بحالة ديناميكية مستمرة طغى عليها الطابع العسكري المتعدد المحاور. اعتبار الأراضي السورية موقعا لتفريغ حمولات الصراعات الإقليمية، وبين إيران ودول الخليج واسرائيل وبين صراعات داخلية تركية وغيرها جميع هذه العوامل تفضي لمسار سياسي عدمي“.

وتعتقد مبيض أن مسار الحل الوحيد هو بتحييد سوريا عن كافة الصراعات واعتبارها فضاء جغرافي محايد عن صراعات دول الجوار، بحكم التعددية التي تتسم بها البنى الثقافية والمجتمعية ضمنها.

وتدعم اعتقادها بالقول: “يتطلب ذلك تأسيس دستور سوري ناظم للدولة الحديثة بما يجعلها قابلة للاستمرارية والحياة المستقرة، وليس اصطناع بؤر صراع وتفريغ للاسلحة والارهاب كما هو الحال عليه اليوم للاسف“.

روسيا ونقل المباحثات من جنيف؟

في مؤتمر صحفي، في العاصمة الكازاخية، نور سلطان، صباح الأربعاء، قال مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، والذي وصل لكازخستان للمشاركة في اجتماعات “أستانا 18″، أن بلاده “ترى أنه من الضروري اختيار مكان جديد لاجتماعات اللجنة الدستورية السورية بدلا من مدينة جنيف“، معتبرا أنها “فقدت وضعها المحايد“.

هذه التصريحات الروسية الجديدة تؤكد بما لا يدع مجال للشك أن روسيا ماضية نحو مسعى جديد وخطير يضر بآمال الحل السياسي في سوريا، فبعد اللجنة الدستورية وانعقاد أعمالها في جنيف، لا يوجد أي أفق مناسب لتطوير المسار السياسي في سوريا، ما يعني انقضاض روسي كامل على هذه العملية، وتسييرها بشكل تام وفق واستراتيجيتها ومصالحها الخاصة.

من جانبه يرى الديبلوماسي السابق، بشار الحاج علي، أن استخدام حلفاء دمشق لا سيما روسيا، للملف السوري، لمصالح إقليمية ودولية، ساهم بشكل كبير في استعصاء الحل السوري.

ويقول الحاج علي خلال حديثه لـ“الحل نت“: “للأسف مازال الانسداد هو الغالب على العملية السياسية السورية، خاصة مع تمسك روسيا بالأسد الذي تعامله كتابع ولا ترى مصالحها مع الشعب السوري، وفي ظل عدم وجود آلية حقيقية لفرض حل سياسي يستند للقرارات الأممية ذات الصلة وخاصة قرار مجلس الأمن 2254”.

وفيما يتعلق باجتماعات اللجنة الدستورية السورية، فخلال ثمان جولات، لم يحدث أي تقدم حقيقي للمشهد القائم من اجتماعات اللجنة، فعلى الرغم من الهدوء الذي ساد جلسات المجموعات الصغيرة من اللجنة الدستورية السورية الأخيرة، كان هناك شبه إجماع على عقد الجلسة المقبلة في الربع الأخير من تموز/يوليو، ومحاولة جعل الاجتماعات شهرية.

مسلسل بحلقات متكررة

في ختام الجولة الثامنة، قال المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، إن الجولة الثامنة من المحادثات بشأن دستور جديد لسوريا اختتمت ولم تحرز الأطراف المتنافسة تقدما يذكر، لكن الدبلوماسي النرويجي، ذكر أن الوفود أحرزت تقدما ضئيلا.

وناقشت المحادثات المبادئ الدستورية، بما في ذلك الحفاظ على مؤسسات الدولة وتعزيزها، وسيادة الدستور، وتسلسل الاتفاقيات الدولية، والعدالة الانتقالية، وتم قضاء يوم واحد في مناقشة مسودات النصوص الدستورية الخاصة بكل مبدأ والتي قدمها أحد الوفود.

إقرأ أيضا:هل أطلق الأسد الرصاصة الأخيرة على اللجنة الدستورية؟

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.