يتأثر سوق العقارات في سوريا بعدة عوامل مرتبطة بشكل غير مباشر بالهجرة من جهة، وإصدار الحكومة السورية تعديلات على قوانين المالية العقارية من جهة أخرى. إلا أن تراجع المشاريع العمرانية في سوريا وخصوصا في محافظة حلب كان نتيجة تطبيق القانون المالي للوحدات الإدارية رقم 37.

ارتفاع تكاليف الرخص

في تصريح جديد يؤكد على تراجع الحركة العمرانية في سوريا، قال محافظ حلب، حسين دياب، في تقرير نشر على صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الخميس، إن تنفيذ قانون تمويل الوحدات الإدارية رقم 37 ،أدى إلى تقليص المشاريع الحضرية في محافظة حلب.

وأكد دياب، أن القانون المالي الجديد، أثر بشكل واضح على تراجع المشاريع العمرانية نتيجة الرسوم المحددة بموجبه، وخصوصا الاعتماد على تقديرات مبيعات العقارات التي شكلت عبئا ثقيلا على طرفي المعادلة.

وأوضح المحافظ، أنه تم إصدار 222 ترخيصا مختلفا في عام 2021، وانخفاض عدد التراخيص الصادرة خلال العام الجاري، فقد تم إصدار 17 ترخيصا في مدينة حلب وحدها، مما يشير إلى أن ارتفاع الأسعار كان وراء خفض أعداد التراخيص.

ويرى المحافظ، أنه لا يجوز تطبيق القانون بأثر رجعي على التراخيص المسجلة والممنوحة قبل إبلاغ الوحدة الإدارية بالقانون، وعن تقدير الأسعار للمشاريع الجاري إنشاؤها في المناطق الفخمة بحلب، فيراه قريبا من الواقع من حيث تقدير القيمة المالية، أما انعكاسه على المرسوم فيعتقد أنه مبالغ فيه.

ولفت دياب، إلى تأثير القانون المالي الجديد على السوق العقارية، وقال: “مع الأخذ في الاعتبار مستويات المعيشة، وعدم وجود تدفق نقدي للمقاولين والمواطنين على حد سواء، فضلا عن ارتفاع أسعار المواد الخام، وخاصة مواد البناء والنقل، ساهم القانون المالي الجديد في تراجع سوق العقارات وإعادة الإعمار في سوريا”.

وعن وجود تقديرات في المحافظة عن الخسائر التي تكبّدتها الخزينة العامة نتيجة تطبيق هذا القانون، أجاب المحافظ، إنه لا تقديرات محددة عن الخسائر المترتبة نتيجة توقف الأعمال في المشاريع على المقاولين وأصحاب المهن، لكن بشكل عام هناك إحجام من المقاولين وتجار البناء عن التراخيص الجديدة، وهناك محاولات للبناء بشكل مخالف من دون ترخيص، ويتم التعامل مع هذه الحالات وفق القوانين والأنظمة النافذة، إضافة إلى وجود ركود عام في سوق العقارات بالمدينة.

ركود في سوق العقارات

بيع وشراء العقارات في سوريا شهد ركودا منذ عدة أشهر، بحسب ما نقلته ذات الصحيفة، الاثنين الفائت، عن الخبير في الاقتصاد الهندسي الدكتور محمد الجلالي، والذي قال إن هذا الوضع ممتد إلى خارج سوريا، والتفاقم بسبب الأزمة الأوكرانية.

كما أكد الجلالي، أن تراجع الطلب على العقارات في سوريا أدى إلى تراجع أسعار السوق وهو ما تشهده أغلب الدول، في حين أن القيم العقارية لا تزال أقل بنسبة تتراوح بين 20 و30 بالمئة عما كانت عليه قبل عام 2011، فعلى سبيل المثال، الآن الشقة التي كانت تباع سابقا بمبلغ 100 ألف دولار، قيمتها الحالية 70 ألف دولار، إلا أن المواطن يرى أن سعر العقارات مرتفع، لأن دخله بالليرة السورية وليس بالقطع الأجنبي.

وشدد الجلالي، على أن حركة البناء تقتصر حاليا على عدد قليل من الجمعيات السكنية، وأنها بالعموم بطيئة جدا بسبب ارتفاع الأسعار والتكاليف، كما لفت إلى أن مشروع “الماروتا سيتي” الذي انطلق منذ نحو سبع سنوات، يشهد حركة عمرانية ضعيفة لا تتماشى مع ما وعدت به المحافظة.

وحول حالة التناقض في أسعار العقارات في سوريا، قال الجلالي، إن “أسعار العقارات في مناطق العشوائيات، أو الريف تعتبر منطقية وقريبة من التكاليف لكن في المناطق الراقية، مثل المالكي وأبو رمانة والتي لا تبعد أحياناً سوى عدة كيلومترات عن مناطق العشوائيات يمكن شراء عشرة عقارات، أو أكثر بسعر شقة واحدة في هذه المناطق، وهذه الظاهرة غير موجودة بأي دولة في العالم”.

ركود متأثر بقرارات الحكومة

يتأثر سوق العقارات في سوريا بعدة عوامل مرتبطة بشكل غير مباشر بالهجرة من جهة وإصدار الحكومة السورية تعديلات على قوانين المالية العقارية من جهة أخرى. إلا أن خبراء اقتصاديون أكدوا في وقت سابق، أن أسعار العقارات في دمشق لا تزال شبه ثابتة، وسبب ارتفاع أسعارها، هو انخفاض القدرة الشرائية لليرة السورية أي أن هذا الارتفاع غير حقيقي.

وكانت القرارات الأخيرة حول رخص البناء التي أقرتها وزارة الأشغال العامة والإسكان، والتي أثارت عاصفة من الجدل في قطاع المقاولات، ووصفت من قِبل العمال السوريون، بأنها تحافظ على وضعهم المتوقف، وتفاقم الأعباء المادية على المقاولين في سوريا، لا سيما بعد رفع رسومها إلى 200 بالمئة، سببا آخر في توقف حركة البناء والبيوع العقارية في سوريا.

ووفقا لما قاله المهندس عبد الناصر خليل، رئيس فرع نقابة المهندسين في حماة، السبت الفائت، فقد بلغت تكلفة بعض رخص البناء في المدينة 160 مليون ليرة سورية، يدفعها المرخّص له إلى الوحدة الإدارية، مما يعني أن القانون 37 رفع قيمة رخص البناء بنسبة 200 بالمئة.

من جانبه وصف نقيب المهندسين في طرطوس، حكمت إسماعيل، رفع الرسوم بـ”الجائر وغير المنطقي”، وقال “إن الزيادة بأي رسوم يجب أن تكون بحدود مقبولة لا أن تزيد 100 ضعف، فالرخصة التي كانت تكلف المتعهد 4 ملايين أصبحت 400 مليون، وهذا غير واقعي وسيرفع أسعار الشقق على الشباب، لاسيما بعد الزيادة الأخيرة بسعر الإسمنت”.

وبحسب متابعات مستمرة لموقع “الحل نت”، فإنه قياسا على سعر صرف الليرة السورية، فقد بلغت أسعار العقارات في سوريا أرقام خيالية، ليصل متوسط سعر المنزل وسط دمشق بمساحة 100 متر مربع إلى نحو 1.5 مليار ليرة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.