مرة أخرى يعبر الأردن عن قلقه من تنامي نشاط الميليشيات الإيرانية على طول الحدود السورية الأردنية والمتمثل في تهريب وإدخال الأسلحة والمخدرات، واعتبرها الأردن اعتداءات منتظمة على طول الحدود مع الأردن انطلاقا من سوريا.

أكد العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في مقابلة نشرت، اليوم الأحد، أن الأردن يواجه هجمات على حدوده وبصورة منتظمة من “ميليشيات لها علاقة بإيران”، معبرا عن أمله بـ”تغير في سلوك” طهران.

ضرورة إقامة “منظومة دفاعية”

الملك عبد الله الثاني، تحدث خلال مقابلة مع صحيفة “الرأي” الأردنية، عن “عمليات تهريب المخدرات والسلاح” التي “تستهدفنا كما تستهدف الأشقاء”، وعن ضرورة إقامة “منظومة عمل دفاعي مؤسسي عربي” لمواجهة “مصادر التهديد المشتركة”.

وتابع: “كما سبق أن أكدت في عدة مناسبات، التدخلات الإيرانية تطال دولا عربية، ونحن اليوم نواجه هجمات على حدودنا بصورة منتظمة من ميليشيات لها علاقة بإيران”.

وأردف بالقول: ” نأمل أن نرى تغيرا في سلوك إيران، ولا بد أن يتحقق ذلك على أرض الواقع، لأن في ذلك مصلحة للجميع في المنطقة، بما في ذلك إيران والشعب الإيراني”.

وشدد على أنه، “لا نريد توترا في المنطقة، والأردن وكل الدول العربية تريد علاقات طيبة مع إيران مبنية على الاحترام المتبادل وحسن الجوار، واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها”، مؤكدا أن “الحوار هو السبيل لحل الخلافات”.

ورأى أن “المنطقة ليست بحاجة لمزيد من الأزمات والصراعات، بل إلى التعاون والتنسيق”، وأن الأردن “دوما ينادي بمد جسور التعاون بدلا من بناء الأسوار والحواجز وهو معني بأمن المنطقة”. وأكد أن “أمن الأشقاء العرب هو جزء من أمننا”.

وأشار إلى أن “عمليات تهريب المخدرات والسلاح تستهدفنا كما تستهدف الأشقاء، فالتهريب يصل إلى دول شقيقة وأوروبية”. وأكد أن “الأردن قادر على منع أي تهديد على حدوده، وينسق مع الأشقاء في مواجهة هذا الخطر”.

يبدو أن بعد المخدرات، يواجه الأردن عمليات تهريب أسلحة قادمة من سوريا بطريقة تدريجية لكنها تصعيدية وملفتة للنظر، حيث أعلنت السلطة الأردنية عن اندلاع اشتباكات مسلحة متبادلة منتظمة مع المهربين، الذين يحاولون تهريب الأسلحة إلى البلاد من سوريا.

دفعت أخطر الاشتباكات في 27 كانون الثاني/يناير 2022، الأردن إلى تغيير قواعد الاشتباك مع سوريا، من أجل إرسال رسالة تحذير إلى دمشق. كما وصفت السلطات الأردنية المستويات المتزايدة لأنشطة التهريب، بأنها تهديد أمني وسياسي كبير يستهدف البلد.

وفي أحدث الاشتباكات على الحدود الأردنية السورية، والتي باتت شبه يومية، أعلن الجيش الأردني، الجمعة الفائت، عن إحباط محاولة تسلل وتهريب أسلحة، وذخائر من سوريا إلى داخل المملكة، بحسب بيان نشر على موقعه الإلكتروني.

وأشار الجيش الأردني، إلى أن المنطقة العسكرية الشمالية، بالتنسيق مع مديرية الأمن العسكري، فجر الجمعة، أحبطت محاولة تسلل وتهريب في إحدى جبهاتها. وأضافت أنه “تم تطبيق قواعد الاشتباك التي أدت إلى اعتقال المتسلل، الذي كان بحوزته عدد من الأسلحة والذخائر”.

ونقل المتسلل والأشياء المضبوطة إلى الجهات المختصة، فيما أكد البيان: “القوات المسلحة مستمرة في التعامل بحزم مع محاولة التسلل أو التهريب لحماية الحدود”، كما نشر صورا لأسلحة بينها 30 بندقية ومسدس فضلا عن ذخيرة حية.

وفي وقت سابق، قال العقيد زيد الدباس، من القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية، إن نحو 160 مجموعة تعمل في جنوب سوريا، وتهرب المخدرات إلى الأردن.

وأشار إلى أن مهربي المخدرات: “لديهم أساليب جديدة شبيهة بأساليب الجريمة المنظمة، واستخدام طائرات مسيرة وسيارات خاصة باهظة الثمن”.

قد يهمك: عمّان ودمشق على خط واحد من أجل مواجهة النفوذ الإيراني؟

مصير فكرة “الناتو العربي”

حول إقامة تحالف أمني عربي طرحت فكرته قبل زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الأخيرة إلى المنطقة، قال الملك عبد الله، لصحيفة “الرأي”، الأردنية، “نتحدث عن الحاجة إلى منظومة عمل دفاعي مؤسسي عربي وهذا يتطلب تشاورا وتنسيقا وعملا طويلا مع الأشقاء، بحيث تكون المنطلقات والأهداف واضحة”.

وأردف “لو نظرنا اليوم إلى مصادر التهديد التي تواجهنا جميعا، سنجدها مشتركة، وتتطلب تعاونا عربيا يستجيب لها، خصوصا مخاطر الإرهاب المتجددة، وشبكات التهريب المنظمة للمخدرات والأسلحة”.

وخلص حديثه بالقول: “تاريخيا، الأردن كان في صدارة المشاركين في مواجهة تهديدات إرهابية وأمنية استهدفت دولا عربية وشعوبها”.

معضلة الحدود المشتركة مع سوريا

عكست العديد من التصريحات الصادرة عن مسؤولين أمنيين أردنيين ووزارة خارجيتها، إلى جانب الرد العسكري السريع في 27 كانون الثاني/ يناير، الذي حدث على طول خط التماس مع سوريا، المخاوف الأردنية المتزايدة بشأن التهديد المتصاعد.

ويمكن أن تعزى هذه المخاوف إلى زيادة وتنويع التكتيكات التي يستخدمها مهربي المخدرات والأسلحة، حيث كشفت مصادر محلية، أن الريف الشرقي للسويداء، بات معقلا رئيسيا لتجار المخدرات والأسلحة، سواء التابعين للفرقة الرابعة أو لـ”حزب الله” اللبناني.

وبحسب حديث المصادر لـ”الحل نت”، فإن 160 شبكة من تجار الأسلحة والمخدرات يعملون في هذه المنطقة، حيث واجه الأردن في الآونة الأخيرة، محاولات متكررة لتهريب المخدرات والأسلحة بكميات مختلفة في هذه المنطقة، وهي منطقة تعاني من ضعف الأمن.

وخلال العامين الماضيين، حاول المهربون إدخال 167 قطعة سلاح إلى الأردن. في عام 2020، تم ضبط 340 نوعا من الذخيرة، لترتفع إلى 3236 في عام 2021.

ويتمثل الشاغل الأمني الرئيسي للأردن، في تمركز ميليشيات مرتبطة إيران بالقرب من حدودها الشمالية وإجهاد تدفق اللاجئين على الحدود المشتركة. ويعني هذا النزوح، أن جنوب سوريا شهد تغيرا ديموغرافيا أعاد تشكيل معادلة الحدود السورية الأردنية، والزيادة المستمرة في تهريب الأسلحة والمخدرات، بالإضافة إلى الاستخدام المتزايد للطائرات المسيرة القادرة على اختراق الأجواء الأردنية، هي من أبرز تداعيات تمركز إيران بالقرب من الحدود الشمالية للأردن.

قد يهمك: الأسلحة من سوريا على خط التهريب إلى الأردن.. تفاصيل جديدة

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.