مجددا، وفي ظل مساعي بعض القوى السياسية في العراق لإعادة سعر صرف الدولار إلى سعره السابق أمام الدينار العراقي؛ فأن لا تغيير جديد يلوح في الأفق، أكد “البنك المركزي العراقي”، يوم أمس الأحد، وأشار، إلى أنه لا يوجد مبرر لذلك.

“البنك المركزي العراقي”، يقول إن، “سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي في الوقت الحالي لا يوجد أي مبرر يدعو إلى تغييره”.

ويضيف على لسان نائب محافظ البنك المركزي عمار خلف، أن” سعر الصرف في الوقت الحاضر باعتقادنا كسلطة نقدية لا يوجد مبرر لتغييره”، موضحا، أن “تغيير سعر الصرف يبقى ضمن سياسة السلطة النقدية وحسب الظروف”.

خلف أشار في حديثه لوكالة الأنباء العراقية الرسمية “واع”، وتابعه موقع “الحل نت”، إلى أن “خلال السنوات من 2004 وحتى الآن تغير سعر الصرف أكثر من مرة بحسب الظروف سواء نحو الارتفاع أو التقليل”.

وبين أن” الظرف الاقتصادي هو الحاكم الأساسي ولا توجد هناك خطة مستقبلية لتغيير سعر الصرف سواء بعد 3 – 5 سنوات، والظروف الاقتصادية هي التي تحدد ما هو القرار المناسب والذي يلائم الفترة الزمنية حينها”.

اقرأ/ي أيضا: تحرك “إطاري” لتخفيض سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي

صلاحيات البنك المركزي

نائب محافظ البنك المركزي شدد، على أن “سعر الصرف ضمن السياسة النقدية ومن اختصاص البنك المركزي حصرا، والبنك عندما يرى أن هناك ضرورة؛ يفكر في تغيير سعر الصرف”.

لكن “حاليا لا يوجد أي مبرر أو حاجة لتعديله، وأن السياسة النقدية، من مميزاتها المرونة بشكل عام”، مشيرا إلى أنه “ليس من الجيد تغيير سعر الصرف بشكل سريع لأنه يربك الأسواق ويضعف الاقتصاد”، يختتم خلف.

يذكر أنه، في كانون الأول/ديسمبر 2020 خفض البنك المركزي في العراق قيمة الدينار مقابل الدولار الأمريكي، وذلك في استجابة للضغوط الاقتصادية المتزايدة، وبينها تراجع أسعار النفط عالميا التي تسبب بها انتشار فيروس كورونا.

وحدد البنك سعر الصرف الرسمي الجديد عند 1460 دينارا مقابل الدولار الواحد، بدلا من 1182 دينارا للدولار، ما يخفض القيمة الرسمية للعملة بنحو الخمس.

وحينها، قال البنك المركزي إن، القرار اتخذ بعد تزايد الأزمة الاقتصادية والتحديات التي تواجه الاقتصاد العراقي في ظل استمرار تفشي فيروس كورونا.

كما أضاف في بيان رسمي، أن الإخفاقات السياسية، التي تعود إلى أكثر من 15 عاما، أدت إلى تفاقم الأزمة، مشددا على أن الخفض سيكون لمرة واحدة ولن يتكرر، وأنه يهدف إلى دعم المالية العامة ومتطلبات الإنفاق العام.

وتابع أن “جائحة كورونا أسفرت عن تدهور أسعار النفط وتراجع الإيرادات النفطية، وأدى ذلك إلى حدوث عجز كبير في الموازنة العامة واضطرار وزارة المالية إلى الاقتراض من المصارف وإعادة خصمها لدى البنك المركزي وبمبالغ كبيرة، لغرض دفع الرواتب وتلبية الاحتياجات الإنفاقية الأخرى المتعلقة بالخدمات المقدمة للمواطنين”.

قرار البنك، تسبب بارتفاع الأسعار في الأسواق، والتأثير سلبا على أصحاب الدخل المحدود والطبقة المتوسطة، إضافة إلى تزايد المشكلات الاجتماعية، فضلا عنما خلقه من مادة سياسية للشد والجذب بين القوى السياسية وكيل الاتهامات.

اقرأ/ي أيضا: أكثر من مليار دولار.. مبيعات “البنك المركزي العراقي”

تجدد دعوات تغيير سعر الدولار

تصريح “البنك المركزي” الأخير، جاء بعد أن جددت عدد من القوى السياسية الدعوة إلى تغيير سعر صرف الدينار مقابل الدولار، عبر إعادة القيمة القديمة له قبل ديسمبر/كانون الأول عام 2020.

حيث كشف عضو مجلس النواب عدي عواد، في تصريحات صحفية تابعها موقع “الحل نت”، عن جمع تواقيع أكثر من 100 نائب لتخفيض سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الدينار، قائلا إن ذلك يأتي “استنادا للمادة 61 من الدستور العراقي والمادة 56 من النظام الداخلي للبرلمان”، مرجحا “إدراج موضوع خفض سعر الدولار في أقرب جلسة ممكنة، حسب السياقات الدستورية”.

عواد بين أن “سبب المطالبة برفع قيمة الدينار العراقي أمام الدولار الأميركي يعود للتداعيات الاقتصادية الحاصلة في البلد وانهيار العملة وانعكاسها على المواطن.

بالمقابل، وصفت اللجنة المالية في البرلمان العراقي ما يروج له عن إمكانية إصدار مجلس النواب قرارات تعيد سعر صرف الدولار إلى ما كان عليه سابقا، بأنه تصريحات سياسية الهدف منها اللعب على مشاعر المواطنين.

عضو اللجنة المالية جمال كوجر، قال في تصريح تابعه موقع “الحل نت”، إنه “من الصعب إعادة الدولار إلى سعره السابق”، معتبرا أنه “أمر غير صحيح وفق جملة أسباب، من بينها أن تغيير سعر الصرف من صلاحيات البنك المركزي ووزارة المالية حصرا”.

وأوضح أن “ارتفاع أسعار النفط ليس أمرا ثابتا، وإنما جاء بسبب أزمة الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ومتى توقفت الحرب وعادت الأمور إلى حالتها الطبيعية ستنخفض أسعار النفط عالميا”.

يأتي ذلك في ظل عدم توصل القوى السياسية إلى تفاهمات حول تشكيل الحكومة القادمة، ووسط استمرار الانسداد السياسي الذي يشهده العراق منذ انتهاء الانتخابات المبكرة التي أجريت في العاشر من تشرين الأول/أكتوبر 2021.


الانسداد السياسي، جاء بعد صراع طويل بين قوى “الإطار التنسيقي” وهو تحالف يضم الكتل الشيعية المقربة من إيران، إلى جانب حزب “الاتحاد الوطني الكردستاني”، وتجمع “عزم” السني، وبين تحالف “إنقاذ وطن” الثلاثي بقيادة زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، وحزب “الديمقراطي الكردستاني” وتحالف “السيادة الجامع لمعظم القوى السنية.


سبب الصراع


الصراع سببه تمسك “إنقاذ وطن”، بمشروع تشكيل حكومة “أغلبية وطنية”، تستثني مشاركة بعض أطراف “الإطار” فيها، مقابل دعوة “الإطار” إلى حكومة “توافقية” يشترك الجميع فيها، وهذا ما لم يقتنع به الصدر.


انتهى الصراع بعد فشل تحالف الصدر بتمرير حكومة الأغلبية لعدم امتلاكه ثلثي أعضاء مجلس النواب، وهو ما يشترطه الدستور العراقي في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الذي يمهد انتخابه إلى تشكيل الحكومة.


إذ تكمن أهمية انتخاب رئيس الجمهورية في تكليف مرشح الكتلة الأكبر بتشكيل الحكومة، وفشل الصدر جاء بعد معارضة “الإطار” وذهابه إلى حشد الثلث المعطل لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، أي 110 نائبا من أصل 329.


الفشل دفع الصدر إلى الانسحاب من العملية السياسية، وتوجيه أعضاء كتلته الصدرية الفائزة بأكبر عدد من مقاعد البرلمان العراقي بـ 73 مقعدا، بالاستقالة، وعلى إثر ذلك انفرط التحالف الثلاثي.


في 12 حزيران/ يونيو الماضي، استبشرت قوى “الإطار” الموالية لإيران الخير بانسحاب مقتدى الصدر من المشهد السياسي، وأكدت أن مسألة تشكيل الحكومة الجديدة ستكون سهلة بعد انسحاب زعيم “الكتلة الصدرية”، لكن شيئا من ذلك لم يحدث بعد.


لكن انسحاب الصدر من العملة السياسية لم ينهي مشكلة تشكيل الحكومة القادمة، حيث برز الصراع بين القوى الكردية التي تتدافع حول منصب رئاسة الجمهورية، فالحزب “الديمقراطي” يتمسك بأحقية المنصب على اعتباره أكبر كتلة كردية فائزة في الانتخابات بـ 31 مقعدا.


من جهته، “الاتحاد الوطني” صاحب الـ 17 مقعدا، يستمر في محاولاته بالحفاظ على المنصب الذي يشغله منذ 3 ولايات رئاسية، ضمن عرف سياسي يمنح الشيعية رئاسة الوزراء والسنة رئاسة البرلمان والأكراد رئاسة الجمهورية.

اقرأ/ي أيضا: مبيعات “البنك المركزي العراقي” تتخطى المليار دولار خلال أسبوع


خلاف كردي


الخلاف على رئاسة الجمهورية ينسحب أيضا على مستوى عملية تشكيل الحكومة، فيما أذ لم يتفق لأكراد على مرشح لرئاسة الجمهورية، لاسيما في ظل تعويل “الاتحاد” على تحالفه مع “الإطار” الذي يمتلك عمليا ضمن ائتلافه أكثر من 83 نائبا، قد يدفع بالديمقراطي الذي يملك تفاهمات مع تحالف “السيادة” الذي يمتلك هو الآخر65 مقعدا باللجوء إلى “الثلث المعطل”.


بالقابل، لا يزال موقف النواب المستقلين الذي يمتلكون 55 مقعدا نيابيا غائبا حتى الآن، بالتالي تحاول جميع الأطراف تقديم ضمانات سياسية يمكن أن تدفع المستقلين للعب دور بيضة القبان، وترجيح طرف على آخر، بمحاولة للمضي في تشكيل الحكومة الجديد.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.