الصناعة في سوريا تعاني من تدهور كبير منذ نحو 20 عاما، ولكن بعد العام 2011 زادت سوءا على خلفية الدمار الذي تعرضت له المنشآت الصناعية، وخاصة حلب حاضرة الصناعة السورية، والتي يتعرض صناعيوها حاليا لتقييد من المصارف الحكومية خلال محاولتهم إعادة إنعاش صناعاتهم.

الصيانة بحاجة للدعم

تقرير لصحيفة “تشرين” المحلية، يوم أمس الأحد، أوضح أن الصناعيين في حلب يحاولون إعادة صيانة آلاتهم من خلال توفير قطع الغيار بأساليب ذاتية، ولكن ليست كل قطع الغيار يمكن إجراء صياتة ذاتية لها، فهناك قسم من هذه القطع لا بد من جلبها من الخارج وهي بحاجة للقطع الأجنبي.

وهنا تبرز مطالب الصناعيين، بالحاجة إلى منحهم تسهيلات للحصول على القروض لأنهم بأمس الحاجة لها لدعم صناعتهم التي يعول الجميع عليها، ومن دون دعم لن يحققوا شيئا.

من جهتها، بينت مدير المصرف الصناعي، لينا محمد سمير دنو، عن جملة خدمات يقدمها المصرف كالحوالات المصرفية للفروغات العقارية والمقاولين، وبزمن قياسي.

وأضافت دنو، أن المصرف يقدم القروض للصناعيين والمنشآت الصناعية كالشيخ نجار والكلاسة والعرقوب بالإضافة لورشات الخياطة المنتشرة بكل أنحاء حلب، ولأصحاب المهن العلمية وسقفهم 100 مليون وللمسجلين بالسجل التجاري بنفس المبلغ أيضا، وبحسب قيمة الضمانة نقدم القرض.

وبينت أن الفوائد على القرض يبلغ 18 بالمئة ولكنها بطريقة القسط المتناقص تبدأ عالية وبعدها تنخفض مدة القرض من 5 سنوات للمتوسط و10 سنوات لطويل الأمد، والمستفيدون من السجل التجاري أقساطهم شهرية، والسجل الصناعي أقساطهم نصف سنوية، لافتة إلى أن قيمة الضمان يجب أن تكون ضعف القرض على الأقل.

ومن جهة أخرى، أشارت الصحيفة إلى أن المصارف اتخذت الكثير من الإجراءات التي يرى القائمون على إدارتها أنها من عوامل الحماية والحفاظ على مال المصارف، بينما وجدها أصحاب الفعاليات الإنتاجية حجر عثرة إضافية في طريق عملهم، ويرى صناعيو حلب بأن الشروط الصارمة كثيرة منها أسعار الفائدة المرتفعة، وتقييد حركة السحب والنقل بين المحافظات.

إقرأ:صراع بين الوزارات في سوريا بسبب الصناعة.. ما القصة؟

لا إقبال على القروض الإنتاجية

بحسب صحيفة “تشرين“، فعلى الرغم من إصدار حزمة من القروض الإنتاجية لدعم المشاريع الصناعية، إلا أن هناك ضعفا في الإقبال على هذه القروض من قبل الصناعيين، الذين لم يجدوا فيها “فرصتهم” المأمولة وضالتهم المنشودة في ظل غياب التسهيلات وفوائد مرتفعة لا تناسب صناعاتهم المتضررة.

من جهتهم، صناعيو حلب كان لهم العديد من التحفظات على القروض الإنتاجية، حيث أوضح بعضهم أن المهم قبل إطلاق القروض والتسهيلات المقدمة تنفيذ بنود وقرارات تسهم في توفير بيئة عمل مناسبة للعمل الصناعي، على نحو يزيح المنغصات والعراقيل التي تعرقل سير العمل والإنتاج، ثم تأتي القروض في المرتبة “العاشرة” لتساعد الصناعي في تشغيل معمله وتحريك عجلة الإنتاج.

بينما أبدى آخرون اعتراضاتهم على القروض الإنتاجية التي رأوا أنه من الأجدى تنفيذها بناء على الأصول المتحركة وليس الثابتة، فاليوم الصناعي بحاجة إلى تمويل المواد الأولية للمنتجات المصنعة في معمله أكثر من الترميم والبناء من جديد، فحاليا يصل سقف تمويل المواد الأولية إلى 500 مليون ليرة، ولكن المشكلة في تقيد حركة سحب الأموال، حيث لا يسمح للصناعي بسحب سوى 2 مليون ليرة، وبالتالي يحتاج أشهرا طويلة لتأمين مبالغ التمويل في ظل هذا التقييد، وخاصة أن سعر أقل مادة أولية يبلغ ملايين الليرات، فاليوم أقل سعر لقاطع كهرباء صناعي سعره 12 مليون ليرة، فكيف إذا كانت المادة الأولية مستوردة، وشركات الصرافة لا تمول إلا “كاشا”.

وأضاف الصناعيون، أنه لا توجد شركة في العالم تقبل الانتظار كل هذه الفترة لتحويل أموال البضاعة المستوردة إليها، وخاصة أن بورصة أسعار المواد الأولية متغيرة بصورة مستمرة، مشيرين إلى الفوائد المرتفعة على القروض الإنتاجية التي تبلغ 18 بالمئة، في حين الفوائد ضمن برنامج إحلال بدائل المستوردات 7 بالمئة فقط، وبالتالي تعد هذه الفائدة مرتفعة ولا تناسب الصناعيين الراغبين في الإنتاج، فهذه الفائدة قد توضع على القروض العقارية أو السيارات وليس على صناعي يبذل كل طاقاته من أجل تشغيل معمله والاستمرار في الإنتاج، لذا يمكن عد القروض الإنتاجية حاليا “مفركشة”، ويصعب على الصناعي التقدم للحصول عليها في ظل هذه التعقيدات.

قد يهمك:خسائر الصناعة السورية: كيف أدت الهيمنة الإيرانية إلى تهجير الصناعيين السوريين؟

الصناعة في الإنعاش

تقرير سابق لـ”الحل نت”، أشار إلى احتضار القطاع الصناعي، نتيجة ارتفاع سعر المازوت والبنزين، وسعر الكهرباء بشكل خاص الذي أدى لارتفاع تكلفة المنتج وقلة نسبة التنافسية في مجال التصدير.

ونقل التقرير قول العديد من الصناعيين أن المنشآت الصناعية تعيش اليوم بالإنعاش، وأن الأسواق الداخلية والخارجية في تراجع، وهو ما أدى لتراجع بكميات الإنتاج وتقليص بعدد العمال، كما لفتوا إلى عدم التزام شركة الكهرباء بالاتفاق معهم باستمرار تدفق التيار الكهربائي من الساعة 3-8 مساء، رغم أنهم دفعوا قيمة الكبل لمصلحة المنطقة الكهربائية منذ أكثر من 5 سنوات، مبينا أن حجم الخسائر بقطاع الصناعة يقدر بآلاف المليارات .

الخبير الاقتصادي سمير طويل قال لـ”الحل نت” في وقت سابق، أن “الوزارات التابعة للحكومة السورية، مثل الصناعة و الاقتصاد، وأي وزارة معنية بالاستيراد والتصدير، لا تملك القرار الحقيقي في سوريا. وإنما ينحصر إصدار القرارات الفعلية بيد إيران، التي تحدد السلع التي يمكن استيرادها أو تصديرها، ما يزيد من خسائر الصناعة السورية”.

وأضاف مفسرا أن ما يصدر من قرارات تمس الاقتصاد السوري بوصفها “نتيجة للسيطرة الإيرانية على مفاصل الاقتصاد السوري، والتي أعقبت السيطرة العسكرية. إذ تتحكم طهران بجميع قطاعات الاقتصاد في سوريا.

وبحسب سمير طويل، فإن التغلغل الإيراني في سوريا، وما أدى إليه من تصاعد خسائر الصناعة السورية، دفع الصناعيين للهجرة. وهي خطة مدروسة من قبل إيران، تم تنفيذها عبر مضايقة الصناعيين السوريين في قطاعات محددة لصالح مستثمرين إيرانيين، ما جعل الآلاف يغادرون سوريا. وتعكس الخطط والقرارات الاقتصادية توجه إيران المطالب بدفع فاتورة تدخلها العسكري، سواء بحصولها على امتيازات اقتصادية أو استثمارات سيادية، وصولا إلى المساهمة في إعادة الإعمار.

إقرأ:سوريا.. الصناعة بالإنعاش والخسائر بآلاف المليارات

وبحسب تقرير سابق لـ”الحل نت”، فإن سيطرة إيرانية شبه كاملة على الاقتصاد السوري من بوابة الصناعة، وهذا يؤدي إلى تصاعد خسائر الصناعة السورية، فالإيرانيين حصلوا على كثير من الامتيازات في سوريا، سواء في قطاع السياحة أو العقارات أو الصناعة، وهذه الامتيازات مكنتهم من السيطرة على قطاعات محددة في الاقتصاد السوري، مثل صناعة الجلود وتجميع السيارات وسواها.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.