بالرغم من إعلان الإطار التنسيقي، الذي يضم القوى السياسية والأحزاب الموالية لإيران، ترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الوزراء العراقية، لكن الأمر لم يحسم بعد.

ترشيح السوداني لاقى ترحيبا من قوى سياسية مختلفة، أبرزها الاتحاد الوطني الكردستاني، وحركة عصائب أهل الحق، وائتلاف دولة القانون، وتيار الحكمة، وجميعها قوى مقربة أو مرتبطة بالإطار التنسيقي.

ولم يبد التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، موقفا من ترشيح السوداني لرئاسة الوزراء، فيما التزم الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، وتحالف السيادة برئاسة محمد الحلبوسي، الصمت.

والسوداني هو قيادي سابق في حزب الدعوة الإسلامية، الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وشغل مناصب حكومية مختلفة، أبرزها منصب محافظ ميسان، ووزير العمل والشؤون الاجتماعية، ووزير حقوق الإنسان، ووزير الصناعة والمعادن.

وخلال تظاهرات ما يعرف بـ”انتفاضة تشرين”، التي انطلقت نهاية عام 2019، وطالبت باستقالة حكومة عادل عبد المهدي، تم طرح اسم السوداني لشغل منصب رئاسة الحكومة العراقية، لكن تم رفضه من قبل المتظاهرين، كونه قياديا في حزب الدعوة الإسلامية.

وبعد انسحاب التيار الصدري من البرلمان، والعملية السياسية بشكل عام، أصبح الإطار التنسيقي الكتلة البرلمانية الأكبر، ومن حقه تسمية المرشح لرئاسة الحكومة، بعد تكليفه من قبل رئيس الجمهورية المنتخب.

لكن مجموعة من المراقبين للمشهد السياسي يؤكدون أنه على الرغم من ترشيح السوداني لرئاسة الوزراء، لكن توليه المنصب لن يكون سهلا، فالصدر، وعلى الرغم من استقالة نوابه، ما يزال يشكّل رقما صعبا في المشهد العراقي.

العامل الخارجي هو الحاسم لمنصب رئاسة الوزراء

الكاتب والمحلل السياسي محمد اليوسف يؤكد أن “ترشيح السوداني لرئاسة الوزراء لن يكون نهائيا وحاسما، فالوقت ما يزال مبكرا، ومنصب رئاسة الحكومة مرتبط بقرارات داخلية وخارجية”.

مبينا، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “العامل الخارجي في منصب رئاسة الحكومة يعد العامل الرئيسي والحاسم، وخاصة مواقف الولايات المتحدة الأميركية وإيران”.

وأضاف: “حتى الآن لم تصدر أي جهة دولية موقفا بخصوص ترشيح السوداني لرئاسة الوزراء، فضلا عن أنه لا يمكن تجاوز رأي زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر”.  

ترشيح السوداني لرئاسة الوزراء لن يمر بسهولة

السياسي الكردي لطيف الشيخ يقول إن “كل المؤشرات السياسية الحالية تؤكد أن ترشيح السوداني لرئاسة الحكومة لن يمر بسهولة”.  

ويضيف، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “الإطار التنسيقي تسرّع باختياره السوداني، وكان عليه إرسال وسطاء، للاجتماع مع الصدر، وأخذ موافقته، قبل الإعلان عن المرشح”.

وأشار إلى أن “الوضع السياسي الحالي، والمواقف المتأزمة، تؤكد أنه من الصعوبة بمكان تشكيل حكومة جديدة، تستمر بالعمل للسنوات المقبلة، لذلك فالحل الأمثل هو الإبقاء على رئيس الحكومة الحالية مصطفى الكاظمي لولاية ثانية، ولمدة سنة واحدة، وإجراء انتخابات مبكرة”.

وكشف مصدر مقرّب من “الحنانة”، مقر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في محافظة النجف، لموقع “الحل نت”، عن “عدم إخبار الصدر، من قبل قادة الإطار التنسيقي، بشأن ترشيح السوداني لرئاسة الحكومة”.

وشدد المصدر على أن “الإطار التنسيقي لم يرسل طلبا للحنانة، لمعرفة موقف التيار الصدري، رغم أن الموقف إزاء السوداني يبقى رهنا بالصدر حصرا، سواء بالتأييد أو الاعتراض”.

ووفقا لمعلومات مختلفة فإن الصدر، ورغم انسحابه من البرلمان، يرغب بتولي رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي رئاسة الحكومة لدورة ثانية، عطفا على العلاقة التي تجمعهما، والدعم الدولي والإقليمي الذي يحظى به الكاظمي.

توقعات بتظاهرات شعبية

وأدى أنصار الصدر قبل أيام صلاة موحدة في العاصمة بغداد، شارك بها مئات الآلاف من المواطنين، واعتُبرت بمثابة استعراض الشعبي للتيار الصدري، وإثباتا لقوته السياسية.

ويتوقع مراقبون أن تخرج تظاهرات شعبية رافضة لترشيح السوداني لرئاسة الوزراء، خاصة وأنه من المقربين من زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، الذي يعد الخصم الأول للصدر.

ومؤخرا سُرّبت تسجيلات صوتية للمالكي، يتحدث فيها بشكل سلبي عن الصدر وزعامات سياسية ودينية، ما دعا الصدر إلى كتابة تغريدة، يدعو فيها القضاء لفتح تحقيق عاجل حول ما تحدث عنه المالكي.

وفي السنوات الماضية بقي منصب رئاسة الحكومة العراقية خاضعا للتوافق الدولي والإقليمي، خاصة وأنه يعد المنصب الأبرز في العراق، الذي يستطيع من يتولاه إدارة الدولة عسكريا وماليا.

الإطار التنسيقي سيتراجع عن ترشيح السوداني لرئاسة الوزراء

المحلل السياسي خالد القره غولي توقّع أن “يتراجع الإطار التنسيقي عن ترشيح السوداني لرئاسة الحكومة”.

مؤكدا، في حديثه لموقع “الحل نت”، أن “الصدر سيبيّن موقفه خلال الأيام المقبلة، وسيعترض على ترشيح السوداني، باعتباره شخصية مُجرّبة، وشغل عدة مناصب، وهذا الأمر يتعارض مع مطالبه، التي كان يؤكد عليها، وعلى رأسها أن رئاسة الحكومة يجب أن تكون لشخصية غير مُجرّبة”.

موضحا أنه “لاحل للخروج من الأزمة السياسية الحالية، إلا بالاتفاق على إبقاء الكاظمي رئيسا للحكومة لمدة سنة واحدة، وإلا فنحن مهددون بصراعات سياسية، قد تتصاعد لنزاعات في الشارع”.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.