“فيتو” صدري على مرشح “الإطار التنسيقي” لرئاسة الحكومة العراقية المقبلة، محمد شياع السوداني، فكيف سيكون مستقبله بعد رفض زعيم “الكتلة الصدرية” مقتدى الصدر له؟

لم يرفض الصدر ترشيح شياع السوداني بتغريدة علنية كما اعتيد عليه، لكن الرفض و”الفيتو” كان واضحا من خلال وزيره صالح محمد العراقي، الذي وصف المرشح الرئاسي في تغريدة ساخرة بآنه ظل رئيس ااحكومة الأسبق، نوري المالكي.

لم يكن ذلك الرفض الوحيد، بل اختمر الرفض أكثر من خلال تظاهرات لأنصار الصدر أمام منزل شياع السوداني، شرقي العاصمة العراقية بغداد، أول أمس الثلاثاء، واقتحامهم للمنطقة الخضراء ومبنى البرلمان، أمس الأربعاء.

72 ساعة فقط مرت على ترشيح شياع السوداني، وحدثت كل تلك التداعيات والاحتجاجات الصدرية والرفض المطلق له، وبدأ الكل يتساءل، ما هو مستقبل مرشح “الإطار” وهل سيصل لرئاسة الحكومة أم لا؟

السيناريوهات المحتملة

هناك سيناريوهين لا ثالث لهما يخص مستقبل شياع السوداني، بحسب أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية بالسليمانية، عقيل عباس، فما هما؟

يقول عباس لـ “الحل نت”، إن السيناريو الأول هو إقدام “الإطار” الموالي لإيران بسحب ترشيح السوداني، واختيار شخصية وسطية تحظى بمقبولية من قبل الصدر لرئاسة الحكومة العراقية.

عن سبب رفض الصدر للسوداني، يبين عباس، أن ذلك يتعلق لكونه من المقربين من خصمه المالكي، إضافة إلى أنه يملك الفكر “الإطاري” الذي يتبع للخارج إلى الجارة إيران، وهو ما يرفضه زعيم “التيار الصدري”.

شياع السوداني، من تولد محافظة ميسان جنوبي العراق عام 1970، ويملك بكالوريوس في العلوم الزراعية، وبدأ مشواره في السياسة بعد سقوط نظام صدام حسين في ربيع 2003.

من المناصب التي شغلها السوداني، قائمقمام مدينة العمارة 2004 ومحافظ ميسان 2005، ووزير حقوق الإنسان 2010، ورئيس الهيئة العليا للمساءلة والعدالة وكالة 2011، ووزير الزراعة وكالة 2013.

“مواجهة خاسرة”

السوداني كان أيضا، رئيس مؤسسة السجناء السياسيين وكالة 2014، ووزير الهجرة والمهجرين وكالة 2014، ووزير المالية وكالة 2014، ووزير العمل والشؤون الاجتماعية 2014، ووزير التجارة وكالة 2015، ووزير الصناعة وكالة 2016.

السوداني رغم انتمائه بعد 2003 لـ “حزب الدعوة” بقيادة نوري المالكي قبل أن ينسحب منه لاحقا، إلا أنه من القيادات الداخلية، فلم يسبق له العمل ضمن المعارضة لنظام صدام حسين في الخارج، ولا يمتلك إقامة غربية، ولم يسبق له العمل في مناصب أمنية.

فيما يخص السيناريو، يشير عقيل عباس، إلى أنه يتمثل بإصرار “الإطار” على ترشيح السوداني لرئاسة الحكومة المقبلة، ومع وصوله إلى السلطة، سيخرج الصدر آتباعه لإسقاط الحكومة بقوة، واحتجاجات أمس، كانت بمثابة إنذار وتأكيد لهذا السيناريو.

عباس يختتم، أنه بكلا السيناريوهين فإن مستقبل شياع السوداني سيكون بعدم تمكنه من قيادة المرحلة المقبلة من الحكومة العراقية، والأسلم له أن يعتذر أو يسحب ترشيحه “الإطار”؛ كي لا يدخل في مواجهة خاسرة مع الصدر وأنصاره.

اليوم الخميس، قال وزير الصدر، محمد صالح العراقي، إن احتجاجات أمس واقتحام المنطقة الحكومية، الخضراء ومبنى البرلمان، كانت “جرّة إذن”، والقادم “ثورة إصلاح”، بحسب تعبيره.

انسحاب وتفاؤل

“الإطار التنسيقي” الموالي لإيران، يسعى إلى تشكيل حكومة توافقية، بعد استقالة “التيار الصدري” من البرلمان بتوجيه مباشر من زعيم التيار، مقتدى الصدر، الذي وصف مؤخرا قوى “الإطار” بأنها “أذرع إيران” لأول مرة في تاريخه السياسي.

في 12 حزيران/ يونيو الماضي، استبشرت قوى “الإطار” الموالية لإيران الخير بانسحاب مقتدى الصدر من المشهد السياسي، وأكدت أن مسألة تشكيل الحكومة الجديدة ستكون سهلة بعد انسحاب زعيم “الكتلة الصدرية“.

“التيار الصدري” بزعامة مقتدى الصدر، فاز أولا في الانتخابات المبكرة الأخيرة، التي جرت في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم، بحصوله على 73 مقعدا، ثم انسحب من البرلمان العراقي، الشهر المنصرم.

بعد الفوز في الانتخابات المبكرة، شكّل الصدر تحالفا ثلاثيا مع “الحزب الديمقراطي” الكردستاني بزعامة رئيس إقليم كردستان سابقا، مسعود بارزاني، و“السيادة” بقيادة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

“التحالف الثلاثي” سُمّي بتحالف “إنقاذ وطن“، وبلغ عدد أعضائه قرابة 180 نائبا، وكان يسعى الصدر لتشكيل حكومة أغلبية، لكنه لم ينجح في ذلك بسبب “الإطار التنسيقي“.

انسداد مزمن

قوى “الإطار التنسيقي” الموالية لإيران والخاسرة في الانتخابات، لم تتقبل فكرة تشكيل حكومة أغلبية، وأصرّت على تشكيل حكومة توافقية يشترك “الإطار” فيها.

عاش العراق -ويعيش- في انسداد سياسي، نتيجة عدم امتلاك الصدر الأغلبية المطلقة التي تؤهله لتشكيل الحكومة، وعدم قبول “الإطار” بالذهاب إلى المعارضة، فانسحب الصدر ولم ينته الانسداد بعد.

يذكر أن البرلمان العراقي فشل في عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي تمهد لتشكيل الحكومة المقبلة 3 مرات متتالية، بسبب عدم حضور الأغلبية المطلقة من النواب لجلسة انتخاب الرئيس العراقي، التي يفرضها الدستور لعقد الجلسة.

إذ فشل تحالف “إنقاذ وطن” الذي يمتلك الأغلبية البرلمانية بـ 180 مقعدا من تحقيق الأغلبية المطلقة وهي حضور 220 نائبا من مجموع 329 نائبا.

الفشل ذلك، سببه سياسة الترغيب التي مارسها “الإطار” الذي يمتلك 83 مقعدا فقط، مع النواب المستقلين وغيرهم من أجل الوصول لنحو 110 نواب وبالتالي تشكيل الثلث المعطل، الذي لا يسمح بحصول الأغلبية المطلقة، وهو ما حدث بالفعل.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.