كثرت مؤخرا التقارير الصحفية والبحثية التي تناولت احتمالات تشكيل حلف ناتو شرق أوسطي، بعد انتهاء أعمال قمة جدة للأمن والتنمية التي استضافتها السعودية وحضرها الرئيس الأميركي، جو بايدن، إلا أن التحليلات الصادرة بعد ختام أعمال القمة الاستراتيجية، رجحت بأن هذا الحلف غير ممكن التحقيق خلال الفترة الحالية. فما هي الأسباب؟

مسؤول في الإدارة الأميركية، قال يوم أمس الخميس، إنه ليس هناك إطار عمل بعد لنظام دفاعي جوي وصاروخي متكامل في الشرق الأوسط (حلف ناتو شرق أوسطي)، لكن بلاده تعتقد أن هناك أفقا لفكرة الأمن من منظور إقليمي متعدد الأطراف.

وطرح الرئيس الأمريكي جو بايدن الأمر، خلال زيارة للسعودية في وقت سابق من هذا الشهر حيث عقد قمة مع قادة من تسع دول عربية بعد زيارة لـ”إسرائيل” لكنه غادر دون إعلان وجود تأييد عربي لمحور أمني إقليمي.

وقال المسؤول في الإدارة الأميركية لوكالة “رويترز”، إن “الأمر فكرة حاليا، لا إطار عمل لها… لكن كان من المهم للرئيس طرح الأمر المتعلق بوجود دفاع جوي وصاروخي أفضل تكاملا في المنطقة”.

وتابع قائلا: “نعتقد أن هناك أساسا واعدا هنا لوجود نظام دفاع جوي صاروخي يعتمد أكثر على شبكة تواصل وأكثر تكاملا وبنهج أكثر تعاونية خاصة في ظل تزايد التهديد من صواريخ إيران الباليستية”.

لا توافق على “ناتو” حتى الآن

بشكل مخالف للتقارير والتوقعات التي صدرت قبيل زيارة بايدن للمنطقة منتصف الشهر الجاري، والقمة الإقليمية التي عُقدت في جدة السعودية، حول نية دول المنطقة وإسرائيل تشكيل حلف “ناتو شرق أوسطي” لمواجهة الخطر الإيراني، إذ تبين بعد الزيارة أنه لم يحصل توافق بين الأطراف حول الموضوع.

حيث صرح مسؤول في الإدارة الأمريكية يوم أمس الخميس، إنه ليس هناك إطار عمل بعد لنظام دفاعي جوي وصاروخي متكامل في الشرق الأوسط، لكن بلاده تعتقد أن هناك أفقا لفكرة الأمن من منظور إقليمي متعدد الأطراف.
ومن جهته، وزير الخارجية السعودي، قال بعد القمة الإقليمية، أنه ليس على دراية بأي نقاشات تتعلق بتحالف دفاعي خليجي-إسرائيلي.

الصحفي سمير السعدي، خلال حديثه لـ”الحل نت”، يرى أنه لا يزال هناك رفض لدى بعض الدول العربية من وجود إسرائيل في هذا الحلف، ولتكون كذلك فلا بد من التطبيع مع السعودية بشكل خاص، كما أن مصر لن تقبل بوجود إسرائيل بهذا الحلف حاليا، فذلك يفقدها مكانتها كدولة مؤثرة في المنطقة.

وأضاف السعدي، أن هذا المشروع يحتاج إلى تنسيق وتفاهم كبيرين بين الدول العربية أولا، والتي تشوب علاقاتها خلافات متعددة، وهذا أيضا أحد الأسباب التي أدت لعدم حصول توافق.

ولفت السعدي، إلى نظرة بعض الدول العربية بعد القمة الإقليمية إلى إيران وعدم اعتبارها دولة معادية، ومطالبة هذه الدول إيران بوجود علاقات طبيعية وودية وأن تكون إيران دولة ذات تأثير إيجابي في المنطقة.

الإدارة الأميركية السابقة، كانت قد طرحت قبل نحو 3 سنوات المشروع بهدف التخلص من تكاليف وأعباء قيام الولايات المتحدة بحماية أمن المنطقة، وخاصة دول الخليج، ونص على أنه لا بد من توزيع هذه الأعباء على هذه الدول وإشراك قواتها لحماية نفسها، ولكن لم ينتج عن الفكرة آنذاك وحتى الآن تشكيل أي قيادة مشتركة أو نواة للعمل على المشروع.

وكان الدكتور بدر الماضي، أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الألمانية الأردنية، أوضح في حديث سابق لـ”الحل نت”، أن موضوع تشكيل تحالفات عسكرية عربية، على شكل “الناتو” أو بأشكال أخرى مطروحا منذ مدة، ولكن لحساسية المسمى ولحساسية التوقعات المستقبلية بأن تكون إسرائيل جزءا من هذه التركيبة العسكرية في المنطقة، فإن دولا عربية لن توافق على مثل هذه المسميات، أوقيامها، لأسباب عديدة أبرزها أن الدول العربية ما زالت لا تملك رؤية واحدة تجاه قضايا المنطقة والشرق الأوسط بشكل عام.

إقرأ:من جديد.. مشروع “ناتو عربي” فما علاقة الأردن والسعودية؟

هل يتشكل الحلف في المستقبل؟

معهد “أي بي إس” الإسرائيلي، وفي تقرير له نُشر بعد القمة الإقليمية في جدة، سلط الضوء على التحولات الاستراتيجية الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدا أن “قمة جدة” لم تنتج حلفا إقليميا كما أن “قمة طهران” التي عقدت بعدها مباشرة لم تنتج حلفا مضادا.

وأشار التقرير إلى أن، قمة جدة جاءت لترميم العلاقات المتوترة بين واشنطن ودول الخليج، وتثبيت القيادة الأمريكية وتأكيد التزامها بأمن حلفائها الإقليميين، وزيادة إنتاج النفط الخليجي، ومنوها إلى أن زيارة بايدن لإسرائيل جسدت الحلف الاستراتيجي بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والالتزام الأمريكي بأمن إسرائيل، الذي وجد تعبيره عبر توقيع إعلان القدس.

من جهته، قال المسؤول في الإدارة الأميركية يوم أمس الخميس، إن “الأمر فكرة حاليا، لا إطار عمل لها… لكن كان من المهم للرئيس طرح الأمر المتعلق بوجود دفاع جوي وصاروخي أفضل تكاملا في المنطقة”.

وتابع قائلا: “نعتقد أن هناك أساسا واعدا هنا لوجود نظام دفاع جوي صاروخي يعتمد أكثر على شبكة تواصل وأكثر تكاملا وبنهج أكثر تعاونية خاصة في ظل تزايد التهديد من صواريخ إيران الباليستية”.

وكان الملك عبد الله الثاني، قال في مقابلة مع قناة “سي إن بي سي آي” الأميركية مؤخرا، “سندعم تشكيل أي تحالف عسكري في الشرق الأوسط مشابه لحلف شمال الأطلسي، ويمكن أن يتم ذلك مع الدول التي لها نفس التفكير”.

وفي هذا السياق، يرى سمير السعدي، أن الولايات المتحدة وإسرائيل ستعمل على إزالة العوائق خلال المرحلة القادمة من أجل إنشاء الحلف، ولكن ذلك يحتاج إلى بعض الترتيبات من الناحية السياسية والتطبيع العربي الإسرائيلي، بما يمكن إسرائيل من الدخول للحلف دون مشاكل.

وأشار السعدي، إلى أن الدول العربية تعلم مدى أهمية هذا الحلف خلال المرحلة القادمة، خاصة بعد التمدد والسيطرة الإيرانية في سوريا، وخاصة في الجنوب والذي حذرت الأردن منه عدة مرات في الآونة الأخيرة، أي أن الأردن ودول الخليج ستكون المحطة القادمة لإيران ما لم يتم ردعها في أقرب وقت ممكن.

الدكتور خالد الشنيكات، رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، بين في حديث سابق لـ”الحل نت”، أن هناك صراعا بين وجهتي نظر لدى الدول العربية، الأولى تستهدف بشكل خاص تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة في حماية أمن المنطقة، والثانية تتحدث عن المواجهة مع إيران.

وأضاف الشنيكات، أن هذه الطروحات تطورت الآن على شكل مشروع تحالف “ناتو” شرق أوسطي، وخاصة الطروحات الإسرائيلية التي تقول بأنه لا بد من تشكيل قوة دفاع مشتركة في المنطقة، وتنسيق السياسات الدفاعية وخاصة في الدفاع الجوي، بعدما أعلنت أنها نصبت منظومة دفاعية مضادة للصواريخ.

من جهتها، ترى إيران أن المشروع الأميركي لدمج الدفاع الجوي الإسرائيلي مع دول عربية هو مشروع استفزازي ويشكل تهديدا لأمن إيران القومي والإقليمي.

وكان المحلل السياسي الإيراني، عدنان زماني، قال في وقت سابق لـ”الحل نت”، أنه من الطبيعي أن ترفض إيران تشكيل تحالف عسكري بين الدول العربية وإسرائيل لأن ذلك يعد خطرا وجوديا عليها، إذ لا خصم مفترض لهذا التحالف إلا إيران، كما أن التحالف يسمح لإسرائيل بالاقتراب أكثر فأكثر من جغرافيا إيران وحدودها البحرية.

قد يهمك:الأردن على خط مواجهة النفوذ الإيراني في سوريا.. ما الذي سيحصل؟

“الناتو الشرق الأوسطي” المشروع القائم والمؤجل إلى مرحلة لاحقة، بات يعتبر أمرا لا بد منه من وجهة نظر الدول العربية وإسرائيل، على الرغم من الاختلافات في بعض النقاط حول تشكيله وأهدافه، إلا أنهم يرونه الوسيلة الوحيدة لوضع حد لأي نية إيرانية باستهداف وزعزعة أمن هذه الدول.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.

الأكثر قراءة