أثار خبر حل الضابطة الجمركية في سوريا خلال الأيام الأخيرة الكثير من الجدل عبر صفحات التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من يراه محاولات لتحميلها كل الفساد، وآخرون يرونه طريقا نحو عسكرة المؤسسات المدنية، فما قصة قرار الجمارك السورية الذي عمره أكثر من 16 سنة؟

مجلس الدولة يعترض

بحسب التقرير الذي نشرته صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الأحد، فقد أبدى مكتب الصياغة والتشريع التابع لمجلس الدولة عدة ملاحظات على مشروع تعديل قانون الجمارك العامة، ولا سيما فيما يتعلق بمهام الهيئة خارج نطاق الجمارك.

وتنص المادتان الثانية والثالثة من مشروع القانون على أن إحدى مهام الضابطة هي “مكافحة التهريب في جميع أنحاء أراضي الجمهورية العربية السورية ومياهها الإقليمية”. مما دفع واضعي هذه الفقرة إلى إزالتها، والتركيز على مكافحة التهريب ضمن النطاق الجمركي البري والبحري.

وأعاد المكتب حذف هذه الفقرة وفقرات أخرى في مشروع القانون بحيث يظل عمل موظفي الجمارك محصور ضمن النطاق الجمركي، بما يتمشى مع عملهم وتخصصهم، موصيا بإضافة حالات ضيقة ومحددة تقتضي من موظفي الجمارك مغادرة المنطقة الجمركية، لمراقبة المشتبه بهم ومتابعتهم أثناء خروجهم من المنطقة الجمركية، ومراقبة المشتبه بهم على الطرق الدولية وفي المناطق الخالية من التجمعات السكنية.

وقال رئيس مجلس الدولة، عبد الناصر الضللي، إن مكتب الصياغة طور التشريع بطريقة حضارية تتفق مع الدستور وطبيعة العمل الجمركي، مضيفا أنه تم تقديم العديد من الملاحظات.

وبيّن الضللي، في تصريحات للصحيفة، أن “الحكومة غير ملزمة بالأخذ بالملاحظات، لافتاً إلى أنه على الأغلب الحكومة تأخذ بالملاحظات التي يضعها مكتب الصياغة إلا أنه في النهاية يكون القرار للحكومة في هذا الموضوع”.

عسكرة أم محاربة للفساد؟

مصدر في المديرية العامة للجمارك، أوضح أن هناك جدولا لنقل أكثر من 3000 عنصر في الضابطة الجمركية، وتم التركيز في هذا الجدول على إعادة توزيع عناصر الجمارك بما يسمح في تغطية معظم المناطق والمفارز الجمركية ويسهل عملية تنفيذ المهام المطلوبة منها.

لكنه اعتبر أن هناك محاولات لتوجيه اتهام للضابطة الجمركية السورية بكل ما يحدث من فساد خلال المهام الجمركية، وإبعادها عن التفتيش حيث تم اكتشاف العديد من حالات التلاعب بالبيانات الجمركية، وأن الفساد الذي قد يوجد في أمانات الجمارك وضبط ومحاسبة المسؤولين عنها أكثر أهمية وخطورة بالنسبة لدخل الجمارك من الخزانة العامة.

أما بالنسبة لإرسال ضباط الجمارك إلى وزارة الدفاع، فقال إن معظمهم قد تسرحوا من الخدمة ولا تعود ملكيتهم لوزارة الدفاع إلا بعد عودتهم، باستثناء ضابط أو ضابطين. وينطبق الشيء نفسه على الحراس والمفارز، فموظفي الجمارك خارج ملاك وزارة الدفاع، ويتم اختيارهم من خلال المسابقات.

مواد القانون الجديد

بحسب المواد المطروحة لمشروع قانون الجمارك الجديد في سوريا، فإن المادة الثانية من التشريع المقترح تنص على أن الهيئة العامة للجمارك تتمتع بهوية قانونية واستقلال مالي وإداري، ومرتبطة بالوزير ومقرها دمشق، وجزء من الميزانية الحكومية.

وتشير المادة ذاتها، إلى أن تحل الهيئة المحدثة بموجب هذا القانون محل مديرية الجمارك العامة بكامل حقوقها والتزاماتها، وينقل العاملون الدائمون القائمون على رأس عملهم بتاريخ نفاذ هذا القانون إلى الهيئة فئاتهم، وأجورهم نفسها مع احتفاظهم بقدمهم المؤهل للترفيع المقبل.

وتنص الفقرة “د” من المادة نفسها، على أن المجلس يصدر الهيكل الداخلي للهيئة في غضون سنة من سن القانون، كما تنص الفقرة “ه” من نفس المادة على أن المدير العام لديه صلاحيات بإنشاء وإلغاء الإدارات والمكاتب من الفئة الأولى بموافقة المجلس. وتنص الفقرة “و” على أن الهيكل الداخلي للهيئة ينظم وظائف الدوائر والمكاتب الجمركية وساعات عملها.

أما القسم الثاني من المادة الثانية، فينص على حل جهاز الضابطة الجمركية ونقل الضباط والموظفين التابعين لها إلى وزارة الدفاع التي لا يتعارض نشاطها مع هذا التشريع. وتنص الفقرة “ب” على أن الهيئة مسؤولة عن جهود مكافحة التهريب داخل وخارج المنطقة الجمركية البرية والبحرية في سوريا.

وتحيل المادة “ج” جميع موجودات الضابطة الجمركية، بما في ذلك المباني والمركبات والمعدات والأسلحة النارية والذخائر في الجمارك السورية، إلى الهيئة.

الجدير ذكره، أن التهريب أصبح أكثر شيوعا في سوريا، نتيجة استفادة بعض التجار والمهربين من الظروف العامة للبلاد، لا سيما مع تراجع النشاط التجاري، وتنفيذ برامج ترشيد الواردات وحصرها في المواد الأساسية والسلع التي يحتاجها المواطنون.

ويعتبر سوريون كثر، من خلال منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، أن ما تدعيه الحكومة السورية من حملات محاربة فساد، ما هي إلا مسرحية أو لعبة بين السلطات السورية، ورجال الأعمال والشخصيات المقربة المتورطة بعمليات فساد واسعة.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.