في محاولة للتوصل لحل للأزمة السياسية ما بين زعيم “التيار الصدري”، مقتدى الصدر، وغرمائه في تحالف “الإطار التنسيقي”، أطلق رئيس إقليم كردستان العراق نيجرفان بارزاني، اليوم الأحد، مبادرة لاحتواء الأزمة التي تشهدها البلاد.

وقال بارزاني في بيان ورد لموقع “الحل نت”: “نتابع بقلق عميق الأوضاع السياسية والمستجدات التي يشهدها العراق، وندعو الأطراف السياسية المختلفة إلى التزام منتهى ضبط النفس وخوض حوار مباشر من أجل حل المشكلات”.

وأضاف، أن “زيادة تعقيد الأمور في ظل هذه الظروف الحساسة يعرض السلم المجتمعي والأمن والاستقرار في البلد للخطر”.

كما وإننا في الوقت “الذي نحترم إرادة التظاهر السلمي للجماهير، فإننا نؤكد على أهمية حماية مؤسسات الدولة وأمن وحياة وممتلكات المواطنين وموظفي الدولة”، بحسب البيان.

اقرأ/ي أيضا: الصدر يخاطب العراقيين.. الثورة التي حررت “الخضراء” فرصة لتغيير النظام والدستور

استحقاقات إنسانية

فيما أشار إلى أن “شعب العراق يستحق حياة وحاضرا ومستقبلا أفضل، والواجب والمسؤولية المشتركة لكل القوى والأطراف هي العمل معا لإخراج العراق من هذا الظرف الحساس والخطر”.

وبشأن الأزمة السياسية الحالية، قال بارزاني إن “إقليم كردستان سيكون، كما هو دائماً، جزءاً من الحل، لذا ندعو الأطراف السياسية المعنية في العراق إلى القدوم إلى أربيل، عاصمتهم الثانية، والبدء بحوار مفتوح جامع للتوصل إلى تفاهم واتفاق قائمين على المصالح العليا للبلد، فلا توجد هناك مشكلة لا يمكن حلها بالحوار”.

ومبادرة بارزاني تأتي بعد أن اقتحم أنصار “التيار الصدري”، منذ يوم أمس السبت، البرلمان العراقي، وأعلنوا اعتصاما مفتوح منه، احتجاجا على ترشيح “الإطار”، لمحمد شياع السوداني لمنصب رئيس الوزراء، بمؤشر لاستمرار الاعتصامات لأجل غير معلن.

وفي هذا الشأن، يقول المحلل السياسي علي البيدر، لموقع “الحل نت”، إن “مبادرة السيد نيجيرفان بارزاني تمثل عقد سياسي جديد لتجاوز الازمة التي تعيشها البلاد، فأن ما طرحه بارزاني يمثل فكرة جديدة لحوار المفتوح دون أي شروط أو قيود”.

اقرأ/ي أيضا: هدوء نسبي بالعراق.. “الإطار” يتحرك بوفد تفاوضي والصدريون يواصلون الاعتصام

بيئة مناسبة

البيدر يضيف أن “مكان عقد اللقاء السياسي ضمن مبادرة البارزاني يمثل بيئة مناسبة لحوار بعيدا عن أجواء العاصمة المتشنجة مما يجعل الفرقاء السياسيين أقرب إلى بعضهم”. 

البيدر لفت إلى أن “أطراف الأزمة ممكن أن يتعاطون مع المبادرة لكونها جاءت من طرف محايد مما يزيد من قناعتهم، كما أن المبادرة تهدف إلى لملمة شتات العملية السياسية ومنع حدوث فوضى وانزلاق البلاد إلى هاوية عميقة “.

وأردف قائلا إن “نوايا من أطلق المبادرة تتمثل بتحقيق الإصلاح وهذا مقنع لطرفي الأزمة”، مبينا في الوقت ذاته أن “صعوبة ارضاء طرفي الأزمة بسبب تناقض المواقف الأمر الذي يحتاج إلى جهود كبيرة ممكن للسيد نيجرفان بارزاني تقديمها لأنهاء الأزمة”.

واستدرك أن “الحل الأنسب الذي قد يرضي الجميع يتمثل بتشكيل حكومة إطارية عمرها 6 أشهر مهمتها الوحيدة هي إجراء انتخابات مبكرة لا غير، وهنا سنجعل الإطارالتنسيقي يحقق رغبته في الوصول إلى السلطة، كما تتحقق رغبة التيارالصدري بإجراء انتخابات مبكرة جديدة”.

سبب الاحتجاج

كان أنصار زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، قد دخلوا المنطقة الخضراء وسط العاصمة العراقية بغداد للمرة الثانية خلال 72 ساعة، في احتجاجات دعت إليها قيادة التيار لمنع انعقاد جلسة البرلمان الخاصة باختيار رئيس الجمهورية. 

مشهد يأتي في ظل رفض زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، لمحاولات غرمائه الشيعة في “الإطار” المضي في تشكيل حكومة جديدة، واحتجاجا على إعلان “الإطار” ترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة.

رفض التيار الصدري، جاء في إطار الرد على إقصائهم من عملية تشكيل الحكومة، بعد فوزهم في أكبر عدد من مقاعد البرلمان العراقي بـ73 مقعدا، في الانتخابات المبكرة التي أجريت في تشرين الأول/أكتوبر 2021، وتشكيلهم أكبر تحالفا نيابيا بـ180 مقعدا، مع تحالف “السيادة”، والحزب “الديمقراطي الكردستاني”.

التحالف الثلاثي، الذي سمي بـ”إنقاذ وطن”، بقيادة الصدر، فشل في المضي بمشروع تشكيل حكومة “أغلبية وطنية”، لعدم تمكنهم من حشد العدد النيابي المطلوب دستوريا لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في ثلاث مرات، بسبب تشكيل تحالف “الإطار” لما سمي بـ”الثلث المعطل”.

والثلث المعطل، هو حشد 110 مقعدا نيابيا، من أصل 329، ما يمنع الحضور القانوني 220 نائبا للمضي في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، الذي تكمن أهميته في تكليف مرشح الكتلة الأكبر في تشكيل الحكومة.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. البرلمان يعلق جلساته وكتلة “امتداد” تدعو لحله

سبب الصراع

سبب ذلك، كان عدم توصل الطرفين لتفاهمات مشتركة، وبسبب تمسك “إنقاذ وطن” بمشروع “الأغلبية” الذي يستثني مشاركة بعض أطراف “الإطار”، وهذا ما لم يقتنع “الإطار” به الذي ظل يدعوا لحكومة “توافقية”، يشترك الجميع فيها.

استمر الصراع أكثر من 7 شهور على الانتخابات المبكرة، وبقي الانسداد السياسي حاضرا طول تلك المدة، وهذا ما أدى إلى تعقيد المشهد أكثر.

نتيجة ذلك، انسحب الصدر من العملية السياسية، ووجه أعضاء كتلته في تقديم استقالتهم من البرلمان العراقي في الثاني عشر من حزيران/يونيو الماضي، لينفرط تحالف “إنقاذ وطن”، وتستبشر بعدها قوى الإطار التي اعتقدت حينها إن انسحاب الصدر، سيسهل من عملية تشكيل الحكومة.

لكن الإطار ظل يراوح مكانه، حتى أن توصل إلى تفاهمات داخلية أفضت إلى ترشيح رئيس تيار “الفراتين”، وعضو مجلس النواب، محمد شياع السوداني، إلى رئاسة الحكومة يوم الاثنين الماضي، ليزداد المشهد أكثر تعقيدا. 

اقرأ/ي أيضا: العراق يغلي.. أنصار الصدر يقتحمون البرلمان والقوات الأمنية تستخدم قنابل الغاز

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.