الصدر يخاطب العراقيين.. الثورة التي حررت “الخضراء” فرصة لتغيير النظام والدستور

بعد التزامه الصمت طيلة الأحداث التي شهدها العراق منذ أول أمس وحتى اليوم، من اقتحام أنصار “التيار الصدري”، للبرلمان وإعلان اعتصاما مفتوح داخله، علق زعيم التيار مقتدى الصدر على الأحداث، معتبرا إنها فرصة لتغيير النظام السياسي والدستور والانتخابات في البلاد. 

وقال الصدر في تغريدة على موقع “تويتر”، وتابعه موقع “الحل نت”، إن ” إن “الثورة العفوية السلمية التي حررت المنطقة الخضراء كمرحلة أولى لهي الفرصة الذهبية لكل من اكتوى من الشعب بنار الظلم والإرهاب والفساد والاحتلال والتبعية، فكلي أمل أن لا تتكرر مأساة تفويت الفرصة الذهبية الأولى عام 2016”.

وأضاف، “هذه فرصة أخرى لتبديد الظلام والظلامة والفساد والتفرد بالسلطة والولاء للخارج والمحاصصة والطائفية التي جشمت على صدر العراق منذ إحتلاله وإلى يومنا هذا، نعم، فرصة عظيمة لتغيير جذري للنظام السياسي والدستور والانتخابات التي إن زورت لصالح الدولة العميقة باتت أفضل انتخابات حرة ونزيهة، وإن كانت نزيهة وأزاحت الفاسدين باتت مزورة تنهشها أيادي الفاسدين من جهة والدعاوى الكيدية من جهة أخرى”.

وخاطب الصدر الشعب العراقي، قائلا “يا أيها الشعب الأبي الحر المحب للإصلاح والديمقراطية والمواطنة والقانون والاستقلال والسيادة والهيبة وحصر السلاح بيد دولة قوية أبوية تفرض القانون على نفسها قبل الفقراء، ولا تستثني المتنفذين والمليشيات وما شاكل ذلك. أيها الأحبة، إنكم جميعا مسؤولون وكلكم على المحك (.. ) إما عراق شامخ بين الأمم أو عراق تبعي يتحكم فيه الفاسدون والتبعيون وذوو الأطماع الدنيوية بل وتحركه أيادي الخارج شرقا وغربا”.

اقرأ/ي أيضا: هدوء نسبي بالعراق.. “الإطار” يتحرك بوفد تفاوضي والصدريون يواصلون الاعتصام

نهاية العراق قريبة

وأشار إلى أنه، “حينئذ ليس أمامي إلا الدعاء والبكاء على نهاية العراق التي باتت قريبة، أيها الأحرار إنها صرخة الإمام الحسين: هيهات منا الذلة(.. ) وصرخته: من سمع واعيتنا ولم ينصرنا…”.

 وتابع: “من سمع واعية الإصلاح ولم ينصرها فسيكون أسير العنف والمليشيات والخطف والتطميع والترهيب والتهميش والفقر والذلة ومحو الكرامة، ويا أيها الشعب الحبيب: هبوا لطلب الإصلاح في وطنكم كما خرج الإمام الحسين لطلب الإصلاح في أمته وأمة جده رسول الله صلى الله عليه وآله، فعراقكم عراق المقدسات وعراق الحضارة وعراق الجهاد وعراق الربيع الإصلاحي فلا تفوتوا الفرصة وإلا فلات حين مندم”.

ودعا الصدر “الجميع لمناصرة الثائرين للإصلاح بما فيهم عشائرنا الأبية وقواتنا الأمنية البطلة وأفراد الحشد الشعبي المجاهد الذين يرفضون الخضوع والخنوع وكل فئات الشعب لمناصرة الاصلاح رجالا ونساء وشيبة وشبابا وأطفالا لا تحت لوائي أو قيادتي بل تحت لواء العراق وقرار الشعب”، مبينا: “إن ادعى البعض أن الثورة الحالية صدرية أما إذا فوتم الفرصة، فلا تكيلوا اللوم علي فإني أدعوكم الى ما فيه صلاحكم وإصلاحكم وإنقاذ وطنكم وكرامتكم ولقمتكم وخيراتكم وهيبتكم”.

وخطاب الصدر، جاء بعد ليلة مشوبة بالحذر شهدتها العاصمة العراقية بغداد، على إثر اقتحام أنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، للبرلمان، احتجاجا على محاولات غرمائهم في تحالف “الإطار التنسيقي” المقرب من إيران، تشكيل الحكومة.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. البرلمان يعلق جلساته وكتلة “امتداد” تدعو لحله

هدوء نسبي

وعادت الحركة في العاصمة، اليوم الأحد، إلى طبيعتها بعض الشيء، وذلك بعد أن شهدت البارحة أجواء مشحونة بعد صدامات بين المحتجين من أنصار “التيار الصدري”، والقوات الأمنية التي كانت تحاول منعهم من اقتحام المنطقة الخضراء-شديدة التحصين، التي تضم مباني حكومية ومقرات البعثات الأجنبية وسط بغداد.

ورفعت القوات الأمنية الكتل الخرسانية من جسر الجمهورية الرابط بين جانبي بغداد الكرخ والرصافة، والمؤدي إلى الخضراء، وذلك بعد أن كانت القوات الأمنية استبقت تظاهرات الصدريين التي انطلقت صباح أمس السبت، وأنشأت منها حواجز أمنية على الجسر، بهدف إعاقة تقدم المحتجين، قبل أن يتمكنوا من عبورها واقتحام مداخل الخضراء والتوجه إلى البرلمان وإعلان اعتصاما مفتوح. 

ويواصل أنصار الصدر اعتصامهم داخل البرلمان بعد مبيت المئات داخله، منذ اقتحامه يوم أمس، للمرة الثانية خلال ثلاثة أيام، في مؤشر على عدم توصل القوى السياسية إلى حل للأزمة السياسية التي دفعت بالتيار الصدري للنزول إلى الشوارع منذ الأربعاء الماضي، احتجاجا على ترشيح “الإطار التنسيقي”، لعضو مجلس النواب ورئيس تيار “الفراتين” محمد شياع السوداني لمنصب رئاسة الوزراء. 

وفي غضون ذلك، أظهرت صور أطلع عليها موقع “الحل نت”، نصب خيام كبيرة في حديقة البرلمان الرئيسة، فضلا عن بناء غرفة لإعداد الطعام فيها، فيما تحولت قاعة التشريعات الرئيسة والقاعة الدستورية إلى مكان لنوم المئات منهم، الليلة الماضية.

https://twitter.com/saifsalahalhety/status/1553767482514673666?s=21&t=PxcVbJFbqJ0w-TvNP5M64Q

اقرأ/ي أيضا: العراق.. واشنطن قلقة بشأن تظاهرات الصدريين و”الإطار” يؤجل تظاهراته المضادة

أجواء عاشورائية

صباح اليوم الأحد، أدخل أنصار التيار الصدري شاحنات لنقل وجبات الإفطار للمئات من المعتصمين داخل البرلمان، كما توجهت قوات الأمن العراقية الموجودة في المنطقة لمشاركتهم الطعام أيضا، بينما شوهدت أغنام وعجول تدخل المنطقة لغرض نحرها، حيث سيجرى إعداد الوجبات في البرلمان، وهو ما ينبئ باعتصام طويل ومفتوح هذه المرة للصدريين.

كما أقام أنصار الزعيم الشيعي البارز، مقتدى الصدر، مجالس عزاء حسينية بداخل مقر السلطة التشريعية وبثت أناشيد عاشورائية دينية عبر مكبرات صوت وذلك خلال أول أيام شهر محرم في العراق والذي يحيي فيه المسلمون الشيعة ذكرى مقتل الإمام الحسين ابن علي.

بالمقابل، تصاعدت دعوات داخلية وخارجية للحوار بين مختلف القوى السياسية العراقية، للتوصل إلى حلول تخرج البلاد من المأزق السياسي، كما تحرك “الإطار التنسيقي” لتشكيل فريق تفاضي للتواصل مع الأطراف السياسية، لاسيما مع مقتدى الصدر. 

وتحدثت مصادر مقربة من هادي العامري، زعيم “منظمة بدر”، ورئيس تحالف “الفتح” المنضوي في “الإطار”، لموقع “الحل نت”، بأن العامري سيقود الفريق التفاوضي الذي كان قد اقترحه لحلحلة الأزمة، بعد أن كانت باقي الأطراف في “الإطار”، تنوي التصعيد بالموقف.

يأتي ذلك، بعد أن كان “الإطار” المدعوم إيرانيا، قد دعا يوم أمس السبت، أنصاره للنزول إلى الشارع بتظاهرات “سلمية هدفها حماية الدولة وشرعيتها ومؤسساتها، والوقوف بوجه هذا التجاوز الخطير للقانون والأعراف والشريعة”، كما جاء في بيانه، وقبل أن يعود ويدعو لتأجيل تظاهراته المضادة لحراك أنصار الصدر. 

الصدر يلتزم الصمت

أثناء هذا، لم يصدر عن زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، أي تعليق على ما يحدث، واكتفى ما يعرف بـ “وزير القائد” أو “صالح محمد العراقي”، وهي شخصية افتراضية، تنشط في مواقع التواصل الاجتماعي، وتتحدث أحيانا باسم الصدر، في إصدار التوجيهات والأوامر للمعتصمين.

مشهد يأتي في ظل رفض زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر، لمحاولات غرمائه الشيعة في “الإطار” المضي في تشكيل حكومة جديدة، واحتجاجا على إعلان “الإطار” ترشيح محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة.

رفض التيار الصدري، جاء في إطار الرد على إقصائهم من عملية تشكيل الحكومة، بعد فوزهم في أكبر عدد من مقاعد البرلمان العراقي بـ73 مقعدا، في الانتخابات المبكرة التي أجريت في تشرين الأول/أكتوبر 2021، وتشكيلهم أكبر تحالفا نيابيا بـ180 مقعدا، مع تحالف “السيادة”، والحزب “الديمقراطي الكردستاني”.

التحالف الثلاثي، الذي سمي بـ”إنقاذ وطن”، بقيادة الصدر، فشل في المضي بمشروع تشكيل حكومة “أغلبية وطنية”، لعدم تمكنهم من حشد العدد النيابي المطلوب دستوريا لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية في ثلاث مرات، بسبب تشكيل تحالف “الإطار” لما سمي بـ”الثلث المعطل”.

والثلث المعطل، هو حشد 110 مقعدا نيابيا، من أصل 329، ما يمنع الحضور القانوني 220 نائبا للمضي في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، الذي تكمن أهميته في تكليف مرشح الكتلة الأكبر في تشكيل الحكومة.

اقرأ/ي أيضا: العراق.. “الإطار” يدعو لتظاهرات مضادة و“يونامي” تحذر من التصعيد

سبب الصراع

سبب ذلك، كان عدم توصل الطرفين لتفاهمات مشتركة، وبسبب تمسك “إنقاذ وطن” بمشروع “الأغلبية” الذي يستثني مشاركة بعض أطراف “الإطار”، وهذا ما لم يقتنع “الإطار” به الذي ظل يدعوا لحكومة “توافقية”، يشترك الجميع فيها.

استمر الصراع أكثر من 7 شهور على الانتخابات المبكرة، وبقي الانسداد السياسي حاضرا طول تلك المدة، وهذا ما أدى إلى تعقيد المشهد أكثر.

نتيجة ذلك، انسحب الصدر من العملية السياسية، ووجه أعضاء كتلته في تقديم استقالتهم من البرلمان العراقي في الثاني عشر من حزيران/يونيو الماضي، لينفرط تحالف “إنقاذ وطن”، وتستبشر بعدها قوى الإطار التي اعتقدت حينها إن انسحاب الصدر، سيسهل من عملية تشكيل الحكومة.

لكن الإطار ظل يراوح مكانه، حتى أن توصل إلى تفاهمات داخلية أفضت إلى ترشيح رئيس تيار “الفراتين”، وعضو مجلس النواب، محمد شياع السوداني، إلى رئاسة الحكومة يوم الاثنين الماضي، ليزداد المشهد أكثر تعقيدا. 

اقرأ/ي أيضا: العراق يغلي.. أنصار الصدر يقتحمون البرلمان والقوات الأمنية تستخدم قنابل الغاز

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.