قمة ثنائية على صعيد الرؤساء من المفترض أن تعقد يوم غد الجمعة، بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، تستضيفها مدينة سوتشي الروسية، لبحث ملفات مشتركة بين الطرفين، ولعل أبرزها الملف السوري وما تطمع فيه أنقرة حتى الآن، إزاء شن عملية عسكرية في مناطق من الشمال السوري، رغم أنها عملية باتت صعبة التنفيذ بعد الرفض الدولي لها، فضلا عن الرفض الذي أفضت إليه مخرجات اجتماع القمة الثلاثية في طهران منتصف الشهر الفائت.

الرئاسة الروسية “الكرملين”، أعلنت يوم الثلاثاء الماضي، عن جدول أعمال اللقاء، الذي سيجمع الرئيسين الروسي والتركي، حيث قال المتحدث الرسمي باسم “الكرملين”، للصحفيين، إن الرئيس التركي سيجري زيارة عمل إلى سوتشي يوم الجمعة المقبل، وستجري محادثات بين الرئيسين، بحسب ما نقلته وكالة “سبوتنيك” الروسية.

وذكر بيسكوف، أن المفاوضات بين الرئيسين ستخصص لقضايا التعاون الثنائي والاقتصاد، ومناقشة المشاكل الإقليمية، بالإضافة إلى سوريا وأوكرانيا والشؤون العالمية.

إلا أن أبرز التساؤلات التي تدور حول أهداف القمة وأسباب عقدها بعد أيام من القمة الثلاثية في طهران، يدور حول معاني انعقاد قمة جديدة تناقش الملف السوري بمعزل عن حضور إيراني، فهل كان الرفض الإيراني للعملية العسكرية التركية، ما دفع أردوغان لطلب قمة ثنائية جديدة مع روسيا لبحث احتمالية عقد صفقة تفاهمية مع روسيا، من أجل العملية العسكرية التي باتت إمكانات حصولها ضعيفة.

ما أبرز ملفات القمة؟

الرئاسة الروسية “الكرملين”، أعلنت يوم الثلاثاء الماضي، عن جدول أعمال اللقاء الذي سيجمع الرئيسين الروسي والتركي، حيث قال المتحدث الرسمي باسم “الكرملين” ، للصحفيين، إن الرئيس التركي سيجري زيارة عمل إلى سوتشي يوم الجمعة المقبل، وستجري محادثات بين الرئيسين، بحسب ما نقلته وكالة “سبوتنيك” الروسية.

الخبير في الشأن الروسي، طه عبد الواحد، يرى خلال حديثه لـ”الحل نت”، أن هناك عدة ملفات بارزة ستتم مناقشتها خلال قمة سوتشي الثنائية يوم غد الجمعة، وعلى رأسها الملفان الأوكراني والسوري، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية والتعاون التجاري والاقتصادي، والأوضاع في أسواق الطاقة العالمية ستكون أيضا رئيسية خلال محادثات الرئيسين، ومن المؤكد أنه سيصدر البيان الختامي متضمنا الإعلان عن استمرار تعزيز هذه العلاقات وعن التعاون في مجال الغاز والطاقة النووية وعن زيادة الصادرات التركية إلى روسيا.

إقرأ:العملية العسكرية التركية شمالي سوريا “في خبر كان”؟

سوريا وأوكرانيا والعملية التركية

الملفان السوري والأوكراني، من أهم الملفات التي ستناقشها القمة الروسية التركية، إذ تسعى تركيا للتأثير على الرأي الروسي الرافض للعملية، مستغلة غياب طهران عن القمة، إضافة لاستغلال تركيا لما تقدمه لروسيا من خدمات في ظل الحصار المفروض عليها من قبل المجتمع الدولي على خلفية غزوها لأوكرانيا.

كما أن هناك تساؤلات تدور حول أهداف القمة، وأسباب عقدها بعد أيام من القمة الثلاثية في طهران، ومعاني انعقاد قمة جديدة تناقش الملف السوري بمعزل عن حضور إيراني، فهل كان الرفض الإيراني للعملية العسكرية التركية ما دفع أردوغان لطلب قمة ثنائية جديدة مع روسيا لبحث احتمالية عقد صفقة تفاهمية مع روسيا من أجل العملية العسكرية التي باتت إمكانات حصولها ضعيفة.

وفي هذا السياق، يرى طه عبد الواحد، أن تراجع النفوذ الإيراني في سوريا تطور مفيد إلى حد ما بالنسبة للدور التركي، خاصة مع الرفض الإيراني للعملية العسكرية التركية في الشمال السوري.

ويستبعد عبد الواحد، أن يتم التوصل إلى أي صفقة بخصوص العملية العسكرية التركية المرتقبة، بين موسكو وأنقرة خلال قمة بوتين أردوغان، ضمن الظروف الحالية، مشيرا إلى أن أكثر ما يمكن توقعه أن يعمل بوتين على إقناع أردوغان بتأجيل العملية، وربما يعود ويطرح فكرة إحياء اتفاق أضنة بشكل (معدل)، ولكن موقف القيادة التركية واضح بهذا الصدد، من ناحية إصرارها على العملية.

من جهة ثانية، وبحسب مراقبين لـ”الحل نت”، فإن تركيا سعت من خلال هذه القمة، إلى أن تكون بمعزل عن إيران، التي ترفض بشدة العملية العسكرية التركية هذا من جهة، ومن جهة ثانية فإنه من مصلحة كل من تركيا وروسيا عزل إيران عن الملف السوري، أو تحجيمها على الأقل خاصة مع محاولات التمدد الإيراني الذي يستغل الانشغال الروسي في الغزو لأوكرانيا.

وأضاف المراقبون، أن إيران ومن خلال تواجدها في سوريا باتت تشكل عبئا على روسيا وتركيا في علاقاتهم مع إسرائيل ودول الجوار السوري التي تعاني من التهديدات الإيرانية، وهذا ما يفسر وقوف الروس والأتراك في المنتصف عندما يتعلق الأمر بالاستهداف الإسرائيلي للمواقع الإيرانية في سوريا.

وكان الخبير في الشأن الروسي، سامر إلياس، قال في وقت سابق لـ”الحل نت”، أن أردوغان يحاول استغلال موقع تركيا الجيواستراتيجي، وخاصة في ظل الحرب في أوكرانيا، وحاجة روسيا له في العديد من القضايا السياسية والاقتصادية، وقضايا تتعلق بالمفاوضات وتقريب وجهات النظر مع الغرب، من أجل شن العملية العسكرية في الشمال السوري، ومع ذلك فهناك إمكانية لدى الروس للتأثير على تركيا بشأن العملية العسكرية في الشمال السوري، من خلال منح بعض الامتيازات لتركيا مقابل الحد من العملية، أو فتح تفاهمات تكون مناسبة لتركيا ولأردوغان، لاسيما أن تركيا على أبواب الانتخابات في العام القادم، ليستطيع أردوغان تقديمها على أنها إنجاز تم دون إرقة للدماء، وسمحت لتركيا بإبعاد ما تعتبره خطرا على حدودها من جهة أخرى.

وأما بالنسبة للملف الأوكراني في القمة، فيرى عبد الواحد، أنه سكون لهذا الملف حيز واسع أيضا من المباحثات، ذلك أن الملف الأوكراني اليوم أكثر “سخونة” لجهة الحاجة بالعودة إلى المفاوضات بين الروس والأوكرانيين، كما وبالنسبة لملف نقل الحبوب والمواد الغذائية، ونظرا للدور الرئيسي الذي تلعبه تركيا في هذا القضية، بصفتها الوسيط الوحيد فعليا في جميع ملفات الأزمة الأوكرانية وتداعياتها على الأمن الغذائي العالمي، فمن الطبيعي أن تكون القمة ثنائية، روسية تركية وهذا أحد الأسباب التي أدت لاستبعاد إيران من القمة.

قد يهمك:القمة الثلاثية في طهران.. إلغاء العملية التركية في سوريا؟

ما نتائج القمة المتوقعة؟

في هذا النوع من اجتماعات القمة، درجت العادة أن يصدر البيان الختامي فيها متضمنا بنودا روتينية، غير أنه لا يمكن البناء إلا على التصريحات الخاصة التي تصدرت خلال الاجتماعات وقبل انتهاء القمة، بالإضافة لما قد يتسرب من تفاهمات واتفاقات شبه رسمية حول العديد من المواضيع.

وحول النتائج المرتقب الإعلان عنها، يرى عبد الواحد، أنه سيتم الإعلان عن تطورات ما على صلة بالوضع في أوكرانيا، لاسيما فيما يخص إمكانية استئناف مفاوضات اسطنبول، وكذلك بخصوص صادرات الحبوب الأوكرانية، كما قد تشهد إما تأكيدا على الالتزام باستثناء صادرات المواد الغذائية الروسية من العقوبات، أو إعلان بدخول الالتزام بهذه النقطة حيز التنفيذ، وبالنسبة لسورية سيتم الإعلان عن استمرار التنسيق وضبط المواقف، ومواصلة الجهود لإيجاد تسوية سياسية بما في ذلك عبر تفعيل عمل “مجموعة أستانا”.

وبحسب مراقبين لـ”الحل نت”، فيما يتعلق بالوضع السوري، فسيكون هناك توافق على استمرار إدارة الأزمة السورية ضمن توافقات الحد الأدنى، بحيث لا تنعكس أي خلافات على إنهاء مسار “أستانا”، والذي لن ينتهي رغم الخلافات.

وهو مسار تسعى روسيا للتأكيد عليه، على اعتبار أنه حقق ما عجز عنه الغرب في موضوع حل القضايا في سوريا عبر التنسيق مع القوى الإقليمية الأهم والمسيطرة في سوريا، وهي تركيا وإيران، وكذلك تركيا مهتمة باستمرار مسار “أستانا” للتنسيق مع الروس، لأن معظم الإنجازات التي حققتها تركيا في سوريا تمت بتوافق مع روسيا وإيران، وأيضا لا تريد تركيا أن تسوء علاقاتها مع روسيا التي تجمعها بها علاقات استراتيجية، وكذلك الروس بالمثل، بحسب المراقبين.

إقرأ:العملية العسكرية التركية في سوريا غير قابلة للتنفيذ.. لهذه الأسباب

العديد من الاحتمالات فيما يتعلق بنتائج القمة الثنائية المرتقبة في سوتشي، يوم غد الجمعة، فمن جهة روسيا تسعى لأن تلعب تركيا دورا أكبر في الأزمة الأوكرانية، ومواضيع الطاقة والتبادلات التجارية مع روسيا، وتركيا تسعى لكسب المزيد من المصالح فيما يتعلق بالملف السوري، وإيجاد نصر ما بعملية عسكرية في الشمال السوري، أو بامتيازات تمنحها لها روسيا، مستغلة الغياب الإيراني عن هذا الاجتماع.

هل أعجبك المحتوى وتريد المزيد منه يصل إلى صندوق بريدك الإلكتروني بشكلٍ دوري؟
انضم إلى قائمة من يقدّرون محتوى الحل نت واشترك بنشرتنا البريدية.